تعلن السلطات الروسية خلال الاسبوع الجاري عن الفائز في مسابقة تصميم برج غاز بروم في سانت بطرسبرج الذي سيؤرخ إما الى عصر جديد من التقدم والرقي أو الى تخريب إحدى أجمل المدن في العالم، وذكرت صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون إن شركة غاز بروم الروسية المملوكة للدولة قد وجهت الدعوة الى ست شركات معمارية أجنبية للتقدم برسوماتها الخاصة ببناء المركز التجاري المقترح الذي سوف تعلوه ناطحة سحاب شاهقة لكي تستضيف الشركة النفطية التي تملكتها مؤخراً·
أما الأهم من ذلك فإن البرج الرئيسي في كل من هذه المقترحات سوف يبلغ طولاً أكثر ثلاث أو أربع مرات لطول أكثر العلامات الأرضية شهرة في المدينة بما فيها مبنى سمونلي وكاتدرائية سانت اسحق ومبنى ادميرالتي وبرج جولدن سباير الذي يبلغ طوله 122,5 متر والذي يعتبر المبنى الأطول في المدينة باستثناء برج التليفزيون الذي يبلغ طوله 310 أمتار في الجزء الشمالي من المدينة، إلا أن المعارضين للمبادرة انتقدوا هذا المشروع، معتبرين أن بناية بهذا الارتفاع من شأنها أن تشوه وبشكل يتعذر تغييره في المستقبل معالم المدينة التي تعتبرها منظمة اليونسكو موقعاً عالمياً للتراث الإنساني، حيث يقول فيلادمير بوبوف رئيس اتحاد المعماريين في سانت بطرسبرج وأحد كبار المنتقدين لمشروع غاز بروم ''حتى لو تم بناؤه من الذهب الخالص فإنه سيعمل على اغتيال المدينة''·
وكان اتحاد المعماريين قد رفض المشاركة في لجنة التحكيم التي اختارها غاز بروم لتقييم التصاميم، كما هدد برفع قضية لوقف تنفيذ التصميم الفائز· أما ميخائيل بيوتروفسكي مدير متحف التراث الحكومي فقد عبر أيضاً عن معارضته الشديدة للمشروع عبر تنظيم اجتماعات لجماعات المحافظة على التراث والبيئة بالإضافة الى المعماريين بهدف اقتراح موقع بديل قائلاً ''إن كل ما تحتاجه المدينة هو التنمية والمباني ذات الارتفاع المقبول وليس تدمير المدينة القديمة''·
إلا أن غاز بروم من جانبها لديها فيما يبدو الأسباب التي تعتبرها مقنعة للمضي قدماً في تشييد ناطحة السحاب برغم الغضب الشعبي، وأحد هذه الأسباب يتمثل في حقيقة أن الشركة أصبحت تعتبر الذراع القوي للكرملين بعد أن باتت تحتل مرتبة رابع أكبر شركة في العالم من ناحية القيمة الى أكثر من 250 مليار دولار· وكذلك فإن المشروع يتلقى دعم وإسناد الزعماء في مدينة سانت بطرسبرج بمن فيهم حاكم المدينة فالنشيا ماتفيينكو· أما الرئيس فلاديمير بوتين الذي تعود جذوره الى مدينة سانت بطرسبرج فقد ظل لفترة طويلة يدعم الجهود الرامية لإعادة كبريات الشركات والهيئات الحكومية لكي تحتل موقعاً لها في المدينة·
غير أن قوانين العقارات في المدينة تحظر تشييد أي مبنى في هذه المنطقة يرتفع الى أكثر من 48 متراً على اعتبار أنه يمثل عائقاً في وجه مشهد التراث التاريخي للمدينة التي تعتبر متحفاً مفتوحاً· ولكن المسؤولين في غاز بروم ذكروا بأنهم سوف يعملون على تغيير هذا القانون بمجرد أن يقع الاختيار على التصميم المطلوب·
وفي ظل هذه المعارضة فقد تحولت أنظار الشركة الى المعماريين الأجانب قبل أن توجه الدعوة الى سبع شركات للتقدم بتصاميمها· ووافقت ست شركات وهي شركات جين ناوفيل في باريس وشركة ماسيمليانو فوكاس في روما وفريق سويسري يتألف من شركتي جاكوز هيرزوج وبيير دي مايرون الهولندية وكذلك الشركة البريطانية ''آر ام جيه ام'' بالإضافة الى دانيل ليبسكايند الأميركي والبولندي المولد الذي صمم الخطة الرئيسية لمركز التجارة العالمي الجديد في مدينة نيويورك· ولكن نيكولاي تنايفين المدير العام شركة غاز بروم نيفت للاستثمارات التابعة للشركة الأم والمعنية بالإشراف علي المشروع ذكر بأن المشروع يهدف للحفاظ على المدينة كمعبر للثقافة الأوروبية والاستثمارات كما قارن الانتقادات الحالية بتلك التي شنت ضد تشييد برج ايفل في باريس قبل أكثر من قرن مضى· وهو يقول ''إننا نعيش في القرن الحادي والعشرين وليس في القرن الثامن عشر وسوف تظل الآراء مختلفة، لأنك لو تحدثت في القرن الثامن عشر عن إطلاق أقمار اصطناعية لكانوا قد اتهموك بأنك أحد أعوان الشيطان''!
عدد اليوم
