السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيبات المحللّين.. والتهدئة الكيماوية

15 سبتمبر 2013 20:15
التهدئة المفاجئة التي طرأت على الملف السوري بعد أكثر من أسبوعين، نزلت كالصاعقة على فئات كثيرة من المحللين والساسة والصحفيين والجمهور، ومعها نزل «برد وحيرة وارتباك على وسائل الإعلام التي غيّرت جلدها بين ليلة وضحاها وراحت تقفز مباشرة من موقع التهيؤ للحرب إلى محاولة فهم ما يجري، لتؤكد هذه المرة -على مرأى مئات الملايين- تبعيتها التامة لما يقرره الساسة الكبار. ومع تنفس العالم الصعداء، أو بعضه، ومع تراجع سيرة ورائحة الكيماوي وغاز السارينان يمكن وسط هذا الهدوء الكيمياوي رصد عدة فئات ممن أصابتهم خيبة -من نوع ما- ومن ذلك: 1- خيبة الكثير من وسائل الإعلام التي لم تستطع أن تكشف شيئا عن الخلطة السحرية التي تنصّ على «معاقبة» النظام السوري عبر نزع المخزون الكيماوي (ولا تسمّي من قام بجريمة الغوطة) الذي لم يعترف مرة بوجوده وذلك من دون إطلاق رصاصة أو قذيفة واحدة. بل إن ثقة هذه الوسائل بنفسها قد تزعزت أكثر بعد الكشف عن أن الرئيسين الأمريكي والروسي كانا تداولا بالصيغة العقابية قبل الإعلان الرسمي وخلال قمة الدول العشرين في سان بترسبرغ، وهو ما شكل خيبة «ثانية» لوسائل الإعلام تلك لأنه كشف عجزها عن شم (ولو) رائحة التسويات السياسية التي من شأنها أن تقلب مسار الأمور رأسا على عقب. 2- وهناك خيبة فئة، بل فئات، من «الصحفيين والمحللين السياسيين والباحثين الاستراتيجيين» الذين كانوا: إما شديدي القناعة (والحماسة) بأن الضربة الأمريكية للنظام السوري لا بد حاصلة اليوم قبل الغد ولا مجال للتراجع «حتى لا يفلت المجرم من العقاب»، وإمّا متمسكين ومصدقين بشكل أعمى بأن النظام لم يستخدم الكيماوي (أيضا بدون أدلة دامغة) ضد المدنيين وهو «المستهدف إسرائيليا وامبرياليا» والخ. 3- وهناك أيضا خيبة بل مرارة فئة خاصة من المحللّين والصحفيين الذين يصدقون ويعتمدون- وقد يبصمون- على كل ما تقوله «المعلومات الاستخباراتية» حتى بدت الأخيرة المصدر الأول لمعظم ما تم تداوله من معلومات -مجهولة المصدر- طيلة الفترة التي أعقبت جريمة الغوطة ورافقت الاستعدادات للضربة العسكرية. كثيرة التقارير التي تحدثت عن تقارير استخبارية تساعد في تحديد المحرم ومصدر إطلاق الصواريخ لكن أيا من المراسلين والمحللين المستقلين قد أفاد بشيء ميداني يشفي الغليل بهذا الشأن، هذا إن وجد منهم أحد في تلك الأثناء. لا حاجة هنا لتأكيد خطورة توريط الإعلام والصحافة بهذا النوع من المعطيات مجهولة الغاية، خاصة مع تعذر التدقيق وسط الظروف الشائكة في سوريا بما هو عليه الوجود الهزيل للصحف ووسائل الإعلام المستقلة والمحللين السياسيين، هذا إن وجد. بل إن غياب هؤلاء يعتبر أهم أسباب الجدل والتخلف العربي والعالمي المعلوماتي والمعرفي في مواكبة ما يجري في سوريا وعلى حدودها، وسبباً في كل الخيبات أعلاه، ومشجعاً أكيداً لارتكاب الكثير من الفظائع والمجازر والمخططات، حتى بعد السيطرة على الكيماوي. د.الياس البراج | barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©