الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العوامل النفسية .. وأسعار النفط

15 ديسمبر 2006 21:56
بقلم- دالتون جاريس: كل شركات الإنتاج والتنقيب تقدم لنا رسالة واحدة وهي أن لدينا ما يكفي من الإمدادات، لكن هذا لا يردع الأسعار التي تواصل ارتفاعها بشكل جوهري، بل ويمكن القول: إن عامي 2005 و2006 الوحيدان في التاريخ اللذان ارتفعت فيهما أسعار الذهب الأسود من دون أن تتأثر بحدث سياسي كبير، وهذه التقلبات تعطي انطباعاً بأن هناك تحولاً هيكلياً في العلاقات الدولية بين الطلب والعرض في سوق النفط· فالأسعار المرتفعة الحالية ليست وليدة طفرة سعرية جديدة كما حدث في السبعينيات والثمانينيات· ما نشاهده الآن هو تحول هيكلي في توازن العرض والطلب، فالإمدادات الفعلية ليست هي المشكلة، المشكلة الحقيقية ناجمة عن توقعات باحتمال حدوث مصاعب في الإنتاج وربما تعطل سلسلة المعروض، وهذا ما يجعل الأسعار بالغة الحساسية إزاء الأنباء بل والشائعات· والحديث عن سعر للنفط استناداً إلى عوامل السوق سيضع الخام عند مستوى في المنتصف بين أربعين وخمسين دولاراً للبرميل، وهو ما يعني أن العوامل النفسية مثل الجشع والخوف تضيف ما يتراوح بين 15 و18 دولاراً على سعر البرميل الواحد حالياً· وتتعين الإشارة إلى أن اهتزاز السوق واضطراباتها بدأت عندما تقلصت الطاقة الإنتاجية الإضافية من أكثر من ستة ملايين برميل يومياً إلى أقل من مليون برميل يومياً حالياً، وهو مستوى لم نصل إليه من قبل، ولذا يمكن استنتاج أن الأسعار تسير وراء المخاوف من حدوث نقص في المعروض خاصة أن الطلب يتزايد بلا هوادة· وتتحول الصورة إلى نقيض ما هي عليه الآن عندما تكون هناك كمية كبيرة من الطاقة الإنتاجية الإضافية بحيث لا تضع الأسواق أيديها على قلوبها خشية حدوث اضطراب أو تعطل إنتاجي في أي مكان بالعالم، فالأسواق تخشى الآن من أن أي فوضى ستؤدي إلى ذعر والكل في حالة خوف· ورأينا هذا السيناريو يحدث عندما قررت ''أوبك'' خفض إنتاجها بمقدار 1,2 مليون برميل يوميا في أكتوبر· فبالرغم من أن سريان التخفيض لم يبدأ إلا في الأول من نوفمبر إلا أن تجار النفط بدأوا يشعرون بالراحة لإحساسهم بأن الطاقة الإنتاجية الإضافية قد ارتفعت نتيجة هذا الخفض، وأعتقد أن الأسعار ترتفع عندما تنخفض الطاقة الإنتاجية الإضافية دون مستوى مليون أومليون وربع المليون برميل يومياً· ولا ينكر أحد أن الصين تلعب هي الأخرى دوراً في ترنح الأسعار، فلو أن الصينيين استهلكوا النفط بالطريقة نفسها التي يسير عليها الأميركيون فإنهم سيلتهمون أكثر من 80 مليون برميل يومياً أي أكثر مما يستهلكه العالم كله اليوم· وتستورد الصين حالياً 6,8 مليون برميل يومياً ومن المتوقع أن يتضاعف استهلاكها خلال السنوات السبع المقبلة· والخطر الحقيقي الذي يواجه صناعة أنشطة المنبع ليس في ضخ استثمارات كبيرة قد لا تجد لها الطلب المناسب، بل في ضخ استثمارات أقل من المطلوب· وإذا فشل المعروض في تلبية الطلب مستقبلاً فإن السعر سيقفز بشكل عنيف وتضطرب الأسواق ولا يعرف أحد ما الذي يمكن أن يحدث عندها· أستاذ الاقتصاد- المعهد البترولي أبوظبي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©