الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع النمو الاقتصادي يقلص طلب الصين على الفحم

تراجع النمو الاقتصادي يقلص طلب الصين على الفحم
8 سبتمبر 2012
تشق القطارات المحملة بالفحم طريقها من أقصى غربي الصين تجاه السواحل الشرقية في رحلة طويلة تقطع خلالها آلاف الكيلومترات عبر جبال وصحاري، وهو الأمر الذي يعبر عن احتياجات الصين الهائلة من الطاقة. تفتقر سواحل الصين الشرقية والجنوبية افتقاراً شديداً للطاقة، ولذلك فهي لا تجلب الفحم فقط من مناجمه الواقعة في أطراف نائية في غربي الصين، بل تستورده من مناطق عديدة في العالم مثل أستراليا وأندونيسيا وكذلك الولايات المتحدة. وتعتبر الصين أكبر مستهلك في العالم للفحم الحراري الذي تحرقه في محطات الكهرباء لتمد صناعاتها ونشاطاتها وأعداد سكانها الضخمة، كما تعد الصين المحرك الرئيسي لأسواق الفحم العالمية. غير أنه رغم توقع بلوغ الاقتصاد الصيني نمواً يتجاوز 7% لهذا العام، فإنه من المرجح أن يقل الطلب على الفحم عموماً. انخفضت أسعار الفحم في أستراليا بنسبة 30% منذ شهر يناير، ما يعزى جزئياً إلى تراجع الطلب الصيني. فيما تنشغل كل تلك القطارات من غربي الصين والسفن من كوينزلند أستراليا مؤخراً بتسليم شحناتها من الفحم إلى موانئ مكدسة أصلاً بكميات كبرى من مخزون الفحم. ففي شهر يوليو بلغت مخزونات الفحم في ميناء كينهوانجداو الرئيسي مستويات لم تشهد منذ أزمة 2008 المالية وإن تراجعت قليلاً منذ ذاك. وقال ليو جيهونج مدير المشتريات في مؤسسة اس سي ام لتجارة الفحم: “زاد المعروض من الفحم زيادة كبرى. ولكننا توقفنا عن استيراده في نهاية شهر مايو نظراً لوهن الطلب عليه بسبب تباطؤ الاقتصاد وزيادة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المائية”. هناك سؤال أهم وراء زيادة مخزون الفحم بالصين مؤخراً: هل إقبال الصين على السلع عموماً في سبيله إلى التراجع في الأجل الطويل؟ درجت الصين على كونها المحرك الذي يقود دورة السلع العظمى العالمية في السنوات الخمس الماضية، غير أن هذا العام يشهد تباطؤاً واضحاً لنمو طلب الصين على العديد من صنوف السلع. ورغم أن قلة الطلب الصيني مؤخراً يعتبر مدفوعاً جزئياً من أزمة منطقة اليورو ووهن تعافي الولايات المتحدة، إلا أن خبراء صينيين يقولون إن هناك تحولاً أساسياً يعود إلى توجه الصين نحو نموذج نمو أبطأ وأقل تكثيفاً للسلع. ويتساءل البعض ما إن كان ذلك بمثابة بداية نهاية دورة السلع العظمى العالمية. أبدى زعماء الصين مؤخراً هدفهم بوضوح من هذا التحول. ففي العام الماضي وضعت بكين أهداف خطتها الخمسية الثانية عشرة (التي تغطي الفترة من عام 2011 إلى عام 2015) التي بدأ تأثيرها في الظهور حالياً، وذلك بسبب أن العديد من خطط التنفيذ التفصيلية للفترة الخمسية الراهنة لم يفصح عنها سوى خلال الأشهر الستة الماضية. ضمن الأهداف التي سيكون لها أكبر تأثير على السلع هناك خطط بكين لتقليص كثافة الطاقة بالنسبة إلى الناتج الاقتصادي بما يبلغ 16% بحلول عام 2015 ، وهو ما يشمل تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى 87% من مصادر الطاقة وزيادة استهلاك الغاز الطبيعي إلى 8% من مصادر الطاقة من 4% في عام 2010. كما تعهد زعماء الصين بإجراء بحوث لإصدار قانون يفرض ضرائب على الكربون أو نظام يحفز تقليل الانبعاثات الكربونية، وهو ما سيكون له مضامين مهمة على استخدام الفحم والنفط. يذكر أن أول نظام تجريبي لتطبيق ذلك سيبدأ العام المقبل. في الوقت ذاته، عملت القيود المفروضة على قطاع العقارات المستقل عن خطة السنوات الخمس على تباطؤ سوق التشييد الصيني خلال العام الماضي الأمر الذي قلص من الطلب على مكونات صناعة الصلب مثل خام الحديد وفحم الكوك. ورغم أن الأمر سيستغرق سنوات من بكين لتنفذ بالفعل رؤيتها لدولة لم تعد تعتمد على نمو كثيف الموارد شديد التلويث إلا أن ذلك التحول سيكون له تأثير عميق على أسواق السلع العالمية. ومن المنتظر أن تتفاوت التأثيرات تفاوتاً كبيراً من سلعة إلى أخرى. فهناك سلع مثل الذرة وفول الصويا ينتظر أن تشهد زيادة مستمرة في طلبها نظراً لأن تزايد الدخل والتحول إلى المناطق الحضرية يعني زيادة إنفاق الصينيين على اللحوم والأطعمة المعالجة. كما يرجح أن تنشط سوق الغاز الطبيعي، نظراً لأن بكين تبدل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم بمحطات تعمل بالغاز وتزيد أيضاً استخدام السيارات الصينية للغاز الطبيعي بدلاً من البنزين. ويتوقع محللون أن يزيد طلب الصين على الغاز بنسبة تقارب 15% سنوياً خلال السنوات الخمس المقبلة. ومن المنتظر أن تشهد سلع أخرى تراجعاً طويل الأجل في الطلب عليها بسبب أولويات سياسات التحول. يذكر أن الصين تعتبر أكبر منتج للفحم في العالم وأيضاً من أكبر مستوردي الفحم الحراري. غير أن ذلك يمكن أن يتغير، فالصين تعتزم تقليص الاعتماد على الفحم كمصدر للطاقة، وربما تقلص إنتاجها للفحم في نهاية المطاف، وإن كان من الصعب عليها فرض سقف على إنتاجه لأسباب عديدة. يتوقع المختبر الوطني الأميركي المتمركز في مدينة لورانس أن يبلغ طلب الصين على الفحم ذروته عام 2030 تقريباً بسبب التحول إلى مصادر طاقة أخرى وأن يثبت إجمالي الطلب على الطاقة في عام 2040 تقريباً. يأتي هذا في وقت يدرك تجار الفحم تماماً أن صناعتهم لم تعد تحظى باهتمام مخططي السياسات في بكين. حيث عبر عن ذلك أحد تنفيذيي شركة فحم حكومية في الصين وقال: “لقد ولّت أيام مجد الفحم ونحن الآن في فترة انحساره”. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©