الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بؤرة ابتكار تكنولوجيا المعلومات تنتقل إلى الهند

بؤرة ابتكار تكنولوجيا المعلومات تنتقل إلى الهند
13 فبراير 2010 21:20
في مركز البحث والتطوير البالغة مساحته مليون قدم مربع التابع لـ”جنرال اليكتريك - الهند” في بنجالور والذي يحمل اسم مركز “جون اف ويلش” للتكنولوجيا على اسم رئيس تنفيذي الشركة السابق يعكف علماء على اختبار مصد سيارة آمن للمشاة وخبراء في مكان آخر يجرون تجاربهم على محركات قطارات تعمل بالميثانول المستخرج من عشب ينمو على طول خطوط سكك حديد هندية وغيرهم يجري بحوثاً عملية على جهاز طبي شديد الصغر لا يتكلف سوى نسبة صغيرة جداً من تكلفة أجهزة شبيهة تصنع في الغرب. هذا المركز الذي افتتح عام 2000 والذي لم يكن يعمل به سوى 275 عالماً ومهندساً يستوعب اليوم 4300 عالم وخبير ما يساوي سدس خبراء “جنرال اليكتريك” في أنحاء العالم. وستزيد هذه النسبة إلى الربع بحسب جيليرمو ويل مدير المركز. ويقول جيليرمو المهندس الألماني “لماذا الهند؟ الزمر بسيط يكاد لا يوجد سوى الصين من الدول الأخرى التي تستطيع فيها تشغيل ذلك العدد الضخم من المهندسين وبسرعة”. وتشتهر بنجالور بقطاع تعهيدها الكبير الذي تتولى فيه مجموعات من الخريجين أداء العمل الشاق من صناعة تعهيد تكنولوجيا المعلومات عالمياً يدخلون بيانات ويديرون برامج وأجهزة كمبيوتر لمصلحة عملاء في خارج الهند. وبنجالور التي يطلق عليها سليكون فالي الهند في سبيلها حالياً إلى أن تصبح مركز ابتكار عالمياً مهماً. فبالاضافة إلى “جنرال اليكتريك” هناك شركات دولية أخرى مثل “مايكروسوفت” و”انتل” و”جوجل” و”اي بي ام” وسلسلة سوبر ماركت “تيسكو” البريطانية تفتح حالياً مراكز بحث وتطوير. ويعد مركز “ويلش” هذا أكبر مراكز “جنرال اليكتريك” خارج أميركا. هذا التوجه المتمثل في توسعات المدينة ما هو إلا بداية فقط ولايزال هناك الكثير المقرر عمله من حيث التغلب على مشاكل البنية التحتية الهندية المزمنة والارتقاء بنظامها التعليمي. ولكن حسب رأي فيجاي جو فينداراجان استشاري الابتكارات في “جنرال اليكتريك” فإن نشوء مراكز البحث والتطوير الدولية هذه في الهند والصين إنما هو بداية لانتقال الابتكار لا يقل أهمية عن اختراع الانترنت مثلاً. ويقول إنه بعد الحرب العالمية الثانية نشأ الابتكار أصلاً في الولايات المتحدة. وبحلول سبعينيات القرن الماضي أعادت أوروبا واليابان بناء نفسها وأصبحتا مصادر اختراعات وابتكارات منافسة، والآن ينتقل هذا التوجه ليشمل الهند والصين. وجذبت قدرات البحث لدى قاعدة عريضة من المبتكرين والمهندسين في الهند الانتباه بادئ الأمر في عام 1985 حين فتحت شركة تكساس إنسترومنتس مركزاً تكنولوجياً في بنجالور. واليوم لدى أكثر من 200 شركة دولية مراكز بحث وتطوير في الهند. والهدف هو الاستفادة من أجيال متراصة من المهندسين والفنيين والمبتكرين. يذكر أن المعاهد الهندية العالية تفرز نحو 600000 من الخريجين كل سنة بجانب الأعداد الضخمة من المغتربين الهنود حملة شهادات الدكتوراة في الغرب التواقين إلى العودة للهند. كذلك تعتبر التكلفة عاملاً مهماً حيث لا يتكلف الابتكار في الهند سوى نفقات قليلة جداً اذا قورنت بمناطق أخرى في العالم. في بادئ الأمر كانت مراكز البحث والتطوير هذه تدعم بالمقام الأول نظراءها الغربيين. ولكن خلال السنوات القليلة الماضية كلفت أعداد متزايدة منها ببحث وتطوير منتجات برمتها. ففي عام 2008 مثلاً أطلقت انتل أول رقاقة خادم تجارية تم تطويرها برمتها في مركز التصميم التابع لها في بنجالور. حيث حققت سلسلة معالج زيون 7400 تطوراً ملموساً لصناعة الرقائق في الولايات المتحدة نظراً لأنها زادت عدد وحدات المعالجة في كل رقاقة من 4 وحدات إلى 6 وحدات ما يمكنها من معالجة عدد أكبر من التطبيقات المكثفة. وفي مركز خدمة “هندوستان” التابع لشركة “تيسكو” في بنجالور أدى المهندسون دوراً رئيسياً في تطوير منظومة تستخدم أدوات الاستكشاف الحرارية وبرامج معينة لحساب عدد الناس الذين يدخلون متجراً في فترة زمنية معنية ولتحديد الوقت الذي يرجح أن يغادروا فيه المتجر بما يتيح للمديرين أن يتأكدوا من أن هناك منافذ حساب كافية مفتوحة منعاً للطوابير الطويلة. كما قام مكتب “جوجل” في بنجالور بتطوير عديد من المنتجات للسوق العالمية منها على سبيل المثال برامج مالية وبرامج رسم الخرائط وبرامج الرسائل النصية للهواتف المحمولة. وفيما كان الموظفون الهنود يؤدون هذه المهام الدولية بدأ مديروهم الاهتمام أكثر بالسوق المحلية. ويقول براساد رام أحد مديري جوجل الهند إن مكتب بنجالور بدأ يتساءل عن سبب قلة عدد الهنود الذين يستخدمون الانترنت. يذكر أن في الهند هناك أقل من 100 مليون مستخدم انترنت ثابت ومحمول في عدد سكان يبلغ 1,14 مليار نسمة. ووهي إحدى أقل النسب في العالم. ولذلك قامت “جوجل” بتطوير تقنية كتابة لغة بأحرف لغة أخرى في مقدور المستخدمين أن يطبعوا كلمات لغاتهم على لوحة مفاتيح حروف لاتينية عادية. ويجري الآن تطبيق هذا المنتج على لغات أخرى منها اللغة العربية. ويرى الخبراء أن صعوبة حل المشاكل الفنية المتعلقة بتطوير المنتج في الهند بسبب نوعيتها وافتقارها إلى البنية التحتية تشكل ميزة لأنه لو تمكنت الهند من مواجهة تحدياتها بطريقة منهجية إذاً يمكنها أن تطبق الحل في باقي أنحاء العالم. وفي مركز بحوث ميكروسوفت في الهند تم معالجة نفس المشكلة ولكن بطريقة أخرى. حيث كلف المركز عالم أجناس بشرية وعالم اجتماع ومصممها بالذهاب إلى القرى وإجراء دراسة عن استخدام الكمبيوتر فيها. تبين لهم أنه حتى حين كانت تعطى للمدارس الريفية جهاز كمبيوتر لتعليم الأطفال كان التمرين يفشل عادة. وكان المعتاد أن يسيطر أحد التلاميذ الذكور من طبقة اجتماعية عالية على استخدام الجهاز. وهذه المسألة تمخض عنها اختراع يسمى النقطة المتعددة والتي بها كل مجموعة أطفال تعطى فأرة توصلهم بنفس الكمبيوتر، وكان تعدد الأسهم المؤشرة يعني أن في وسعهم جميعاً الاشتراك في أي تمرين جار على الشاشة، ويجري حالياً دراسة هذه المنظومة لتطويرها تجارياً. ورغم أن مركز “جنرال اليكتريك” لا يزال يشغل معظم موظفيه في منتجات عالمية. ولكنه مثله مثل جوجل ومايكروسوفت بدأ يكثف اهتمامه بالمبتكرات الملائمة للعالم النامي. وأشهر اختراع من هذا القبيل عبارة عن وحدة رسم قلب تتكلف صناعتها نحو 1000 دولار (ما يساوي حوالى 10 في المئة) من الجهاز القياسي. وهذا الجهاز يلائم الريف الهندي اندي يستحيل على العديد من أهله الوصول إلى المستشفى بسبب الفقر وتدني شبكة المواصلات. ولكن هذه التكنولوجيات تمهد طريقها مرة أخرى للأسواق المتقدمة. يذكر أنه يتم حالياً بيع جهاز رسم القلب هذا في أميركا، وأطلقت صحيفة “ريفيو بيزنس” على هذا التوجه اسم “الابتكار العكسي”. وفي الواقع، فإنه ليس من السهل تحقيق هذا التحول، ذلك أن صنع القرارات في الشركات الكبرى يكون عادة مركزياً، وما لم يمنح مديرو الأفرع صلاحيات كافية يصبح الابتكار مستحيلاً، وهذا يعد تحدياً تنظيمياً وليس تحدياً تقنياً بحسب خبراء. وبالنسبة للشركات الدولية لا يعتبر تشجيع مناطق مثل الهند على الابتكار أمراً من قبيل الرفاهية، ذلك أن الشركات المحلية الكبرى تتحول إلى خبراء في الهندسة التوفيرية اقتصادية الكلفة. والمثال على ذلك مجموعة تاتا الهندية التي أطلقت العام الماضي “نانو” أرخص سيارة في العالم التي يبدأ سعرها من 100000 روبية (2200 دولار أو 1400 جنيه استرليني). فإذا لم تحقق جنرال اليكتريك ابتكارات في دول فقيرة وتنقلها إلى العالم فسيقوم منافسون جدد من العالم النامي بذلك بحسب خبراء. بالتأكيد اليوم الذي تتحدى فيه بنجالور التفوق الأميركي أو الأوروبي أو الياباني في مجال البحوث العلمية لا يزال بعيداً، فالهند تفتقر إلى البرامج العلمية الضخمة عالية الجودة المتخصصة في درجات الماجستير والدكتوراة القادرة على إفراز العلماء الأفذاذ. يذكر أن الهند والصين لم تفرزا سوى القليل جداً من الفائزين بجائزة نوبل للعلوم والتكنولوجيا. ولكي تتفوق الهند على الولايات المتحدة في مجال البحث والتطوير فلابد أن يتحول ميزان قوتها العاملة في مجال المعلوماتية إلى تخصيص 30? من الوظائف للبحث حسب مؤسسة “جارتنر” البحثية. كذلك لا بد لمدن مثل بنجالور المعروفة بزحامها وتلوثها المتزايد أن تعالج مسائل أساسية مثل البيئة والبنية التحتية. وإلا فلن يرغب الهنود الموهوبون المقيمون في دول غربية العودة إلى بلادهم. ومع ذلك فإن حجم المواهب الفذة الواعدة في الهند والصين أكبر اقتصادين صاعدين في آسيا وتنامي قوة أسواقهما المحلية سيكونان كافيين لدفع تطوير مزيد من المنتجات التي ستجد طريقها يوماً ما إلى الغرب. ويقول خبراء إن ما ينتقل إلى الأسواق الصاعدة حالياً ولاسيما الهند والصين هو ما يطلق عليه تكنولوجيا التطبيقات. إذ أنه من الممكن إنشاء علم جديد ولكن يستلزم الأمر آلافا وآلافا من المهندسين لصنع منتجات ذات جدوى تجارية، وهذا هو ما تنطلق الهند والصين صوبه الآن بحسب الخبراء. عن “فايننشيال تايمز”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©