الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفوالة».. عنوان للترحيب بالمهنئين في العيد

«الفوالة».. عنوان للترحيب بالمهنئين في العيد
3 أكتوبر 2014 22:44
? فوالة العيد رمز لمعاني الضيافة والترحيب بالمهنئين بالعيد، وهي قيمة متأصلة في المجتمع المحلي، توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل، فمن خلالها نتذوق حلاوة العيد، ونستقبل على سفرتها المهنئين بحفاوة وكرم، حيث تقدم الأسر مائدة من المأكولات للضيوف على مفرش كبير في مجلس المنزل، يحتوي على الكثير من أصناف وأنواع المأكولات الشعبية والحلويات المحلية، إضافة إلى الرطب والتمر والقهوة. ويسهم هذا التقليد التراثي في تحقيق أروع معاني التلاحم الاجتماعي، من خلال تعزيز التراحم والترابط والعلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع، فلا يمكن أن يخيل للمرء أن يعيش أجواء العيد من غير أن تكون المجالس قد هيئت لاستقبال المهنئين، من خلال تجهيز الفوالة ترحيباً وحفاوة بهم، بما لها من أثر في النفس، حيث تضم أطباقاً تجهز بحب ومتعة على أيدي الأمهات والجدات، لنسترجع معهن، أجمل الذكريات الخاصة بمثل هذه المناسبات السعيدة. مشاعر البهجة تروي أم يوسف الجدة التي ناهزت السبعين من عمرها، جانباً من سجل حياتها وهي طفلة تجوب وتلهو في أزقة الفريج يسبقها الحنين إلى تلك الأيام التي خطت فيها أولى خطواتها، فلا يمكن أن تنسى لحظة قدوم العيد ومشاعر البهجة والفرح التي اكتست نفوسهم على الرغم من بساطة الحياة آنذاك، إلا أنها كانت ثرية بالتواصل والترابط بين الأهالي والتآلف والمشاركة في تحضيرات العيد، وعلى رغم شظف العيش وضيق ذات اليد في تلك الفترة، إلا أن الضيافة والمبادرة في إكرام الضيف كانت سمة أساسية في أخلاقهم لا يمكن أن يغضوا الطرف عنها، ورغم بساطة السفرة في حينها، إلا أن المنازل كانت تبقى مشرعة أبوابها لاستقبال المهنئين بالعيد السعيد طيلة اليوم. وتضيف: «إن الفوالة، هي رمز الضيافة والمحبة، وفي الماضي كان من المستحيل أن تخلو المنازل منها، فـ«فردت تمر» وفنجان من القهوة يستقبل به كل طارق، فكانت الحياة بسيطة جداً، إلا أن لها مذاقاً وطعماً مختلفاً، وكانت هناك طقوس تقوم بها نسوة الفريج لتجهيز أطباق العيد، حيث يتم تجهيز حب الهريس، وحمس القهوة وطحنها، وإعداد البهارات، فكان الأمر شاقاً كثيراً على المرأة قديماً، إلا أن فزعة نساء الفريج كانت تهون عليها مشاق تجهيز فوالة العيد، وتتنوع السفرة، طبقاً للمستوى الاجتماعي، فالأسر البسيطة، تكون سفرتها من القرص والبلاليط والعصيدة، والأسر الميسورة تتنوع سفرتها بين الهريس والخبيص، والعرسية والمضروبة، وأيضاً قد تذبح الذبائح لإعداد «العيش واللحم». تبادل الزيارات من جانبها، تقول أم محمد: «كانت وما زالت الأكلات الشعبية هي سيدة الموائد، فقديماً كانت السفرة لا تخلو من البلاليط والعصيدة، والخبيصة، وكان طبق الهريس تعده البيوت الميسورة فقط، ثم دخلت علينا بعض الفواكه المعلبة «كالعنص» أي الأناناس والخوخ، حيث كنا نقدمها بجانب الأطباق الشعبية، والحلوى، فيتم تبادل الزيارات مع الجيران، فالكل «يتفاول» من بيت لآخر، فحلاوة العيد لا تكتمل من غير الفوالة». وتسترجع فاطمة عبدالله ذكرياتها مع هذا التقليد التراثي، قائلة: «كانت الحياة بسيطة جداً وشاقة في الماضي، ونحن كأطفال كنا نسعد بتحضيرات فوالة العيد، ونرى أمهات الفريج وقد أبلين بلاء حسناً في تقديم يد العون والمساعدة لبعضهن البعض، فالمنازل كانت تستعد بأجواء من الفرح والابتهاج لاستقبال الضيوف والمهنئين تعزيزاً للعلاقات الاجتماعية، وكانت فوالة العيد تضم بعض الأكلات الشعبية كالخبيصة والبلاليط والهريس والحلوى كالرهش ثم دخلت بعض المنتجات الأخرى وهي الفواكه المعلبة، ومنها الكرز الذي كنا نطلق عليه «النبق» نظراً لكونه شبيهاً بحبة النبق، وبعض الأسر كانت تقوم بتجهيز العرسية، وأيضاً الرز باللحم، ثم دخلت علينا الفواكه الموسمية كالبرتقال والتفاح والموز، وعادة ما تختلف أطباق الفوالة من بيت إلى آخر، وذلك يتوقف على مدى قدرة ربة البيت على تجهيزها، إضافة إلى أن عدم وجود ثلاجات لحفظ اللحم وغيره من الأطعمة يصعب من مهمة إعداد فوالة العيد في كثير من الأحيان ويجعلها شاقة ومتعبة إلا أنها في كل الأحوال عنصر لابد منه». وتؤكد «أم علي» أن فوالة العيد تجهز عادة قبل خروج المصلين من صلاة العيد، حيث يفرش السرود وتوزع عليه الأطباق الشعبية التي كانت وما زالت لها حضور بارز ضمن مكونات فوالة العيد في أيامنا هذه، ومن هذه الأطباق الحلوى والخنفروش، والعصيدة، والهريس، والعرسية، وكان المصلون يخرجون في مجموعات إلى بيت أحدهم للتهنئة بالمناسبة، ففي العيد المجالس لا تخلو من الزوار، ما أن يغادر مهنئ حتى يأتي آخر، وهكذا، فالفوالة تجدد من حين إلى آخر، ويتم ترتيبها لزوار آخرين من المتوقع حضورهم، وهكذا كانت البيوت في الماضي كخلية نحل، لذا كان من الصعب تجهيز الغداء في أول يوم العيد، لأن الكل مشغول بتبادل الزيارات والتهنئة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©