الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«العبادي» وتحديات الإصلاح العراقي

13 سبتمبر 2015 02:48
تمثل حملة الإصلاح التي أعلنها رئيس الوزراء «حيدر العبادي» الشهر الماضي نقطة تحول محتملة بالنسبة للعراق. وفي الواقع، فإن نتاج هذه الحملة سيشكل مستقبل دولة أساسية بالنسبة للصراع العالمي ضد تنظيم «داعش» وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. لذا، ينبغي على الولايات المتحدة التركيز على معركة العراق الجديدة ومساعدة «العبادي» في جهوده من أجل الإصلاح. ويسارع «العبادي» لتنفيذ إصلاحاته بسبب ضغوط من حركة غير طائفية تشمل العديد من جماعات المجتمع المدني، والتي نزلت إلى الشوارع لعدة أسابيع. وقد لعب آية الله علي السيستاني دوراً حاسماً في تشجيع العبادي على تبني الإصلاح. وتشمل إصلاحات العبادي محاربة الفساد وتأسيس نظام الجدارة في التوظيف الحكومي بدلاً من المحسوبية الحزبية والطائفية. ويريد المتظاهرون أيضاً تحقيق مصالحة وطنية وإصلاح النظام القضائي، بما في ذلك تغيير رئيس المحكمة العليا «مدحت المحمود»، الذي كان داعماً رئيسياً للإجراءات غير الدستورية التي قام بها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. تعد الطائفية سرطاناً في السياسة العراقية. وقد جاء آخر تعبير واسع النطاق عن السياسة غير الطائفية خلال انتخابات 2010، عندما ساعد تحسن المناخ الأمني لفترة وجيزة في تقليل فعالية سياسة الهوية. بيد أن الطائفية شهدت تزايداً مرة أخرى عندما تدهورت الحالة الأمنية بعد الانسحاب العسكري الأميركي، لذا، فإن أحداث اليوم تقدم فرصة أخرى نادرة للعراق. وتواجه جهود الإصلاح التي يبذلها العبادي ثلاثة تحديات رئيسية: أولاً، إن هذه الإصلاحات قسمت الشيعة، ما نتج عنه مواجهة سياسية وصفها «أحمد الصافي»، مساعد السيستاني، بأنها «معركة وجودية». فهذه الإصلاحات يعارضها قادة الميليشيات، ومن بينهم «هادي العميري»، القيادي البارز في منظمة «بدر»، و«أبو مهدي المهندس» من كتائب «حزب الله»، علاوة على عدد من الأحزاب السياسية التي تؤيد نظام المحسوبية السياسية. وعليه، فقد هدد قادة الميليشيات المصلحين، واستهدفوا المتظاهرين بالعنف والخطف وحتى الدخول في مناوشات دامية مع قوات الأمن في بغداد خلال الأسبوع الماضي. كما أصدروا بيانات تعارض المصالحة الوطنية في تحدٍ لرئيس الوزراء. ثانياً، في حين أنه بينما تحظى إصلاحات رئيس الوزراء الطموحة بالاستحسان، إلا أن الوسائل المتاحة لديه لتنفيذها محدودة. ونظراً لانخفاض أسعار النفط، فإن العبادي لديه موارد مالية أقل بكثير من سلفه. وما يزيد الأمور تعقيداً حقيقة إنه يحتاج في الحرب ضد «داعش» لتأييد الميليشيات ذاتها التي تعارض إصلاحاته. كما أن العديد من كبار مسؤولي الحكومة يحتفظون بمناصبهم بسبب المحسوبية، ومن غير المرجح مساعدته على إنجاح أجندته. وقد توترت علاقات العبادي مع الأكراد بسبب النزاعات على صادرات النفط والموازنة، إلى جانب مسائل أخرى. وأهم الأصول التي يملكها العبادي هي دعم السيستاني والمطالب الشعبية من أجل الإصلاح. ثالثاً، يبدو أن إيران تريد أن تهيمن الميليشيات على قطاع الأمن العراقي، وتجعله موالياً للمتشددين في إيران. ويريد «العبادي» تنظيم هذه الميليشيات، وقوات المتطوعين وإعادة دمجها في قوة الحرس الوطني تحت سيطرة الدولة. ومن المرجح أن إيران تتمنى أن يفشل رئيس الوزراء، وإما أن يتخلى ببساطة عن برنامجه الإصلاحي حتى يتسنى له العمل بشكل وثيق مع طهران، أو أن يحل محله شخص آخر يدعم الميليشيات. لقد بدأ المالكي فترة ولايته الأولى كزعيم مستقل، ولكن مع تغير الظروف، ووضعت بقائه السياسي في خطر، احتضن إيران. وقد نتج عن أجندة العبادي الإصلاحية واستجابة إيران لها رد فعل عراقي قومي ضد إيران. ويريد السيستاني والعبادي وغيرهما من قادة الإصلاح إقامة علاقات جيدة مع إيران، لكنهم يشعرون بالاستياء من جهود زعيم فيلق القدس اللواء قاسم سليماني لتحويل العراق إلى دولة تابعة. وهناك الكثير من المخاطر التي تحيط بالعراق في هذا الصراع. فبرنامج الإصلاح ليس شاملا – ولا يعالج مشاكل المنطقة الكردية. ورغم ذلك، فإن نجاحه قد يؤدي إلى حكم أكثر فاعلية ومصالحة وتقليل حدة التوتر الطائفي. كما أن الاستقلال بدرجة أكبر عن إيران يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على علاقات العراق الإقليمية. زلماي خليلزاد* *السفير الأميركي بالعراق من 2005 – 2007 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©