عملية عسكرية تركية ضد الكردستاني في شمال العراق

بدأ الجيش التركي أمس عملية عسكرية برية لضرب مواقع مسلحي ''حزب العمال الكردستاني'' التركي المحظور داخل إقليم كردستان شمالي العراق، وصفتها مصادر متطابقة بأنها ''محدودة'' لكنها أثارت احتجاج الحكومة العراقية التي طالبت تركيا باحترام سيادة ووحدة وحدود العراق· وأيدت الولايات المتحدة الهجوم بتحفظ، فيما رأى الاتحاد الأوروبي أنه ''ليس أفضل رد'' على هجمـــــات المتـــمردين الأكراد· وفي أنقرة، أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي في بيان عسكري أن القوات التركية عبرت الحدود من جنوب- شرقي يركيا إلى شمال العراق مساء أمس الأول وبدأت عملية عسكرية ''محدودة'' مدعومة من القوات الجوية، عقب يوم من القصف المدفعي والجوي على مواقع ''حزب العمال الكردستاني'' في محافظة دهوك الحدودية، وستعود إلى قواعدها في تركيا في ''أقرب وقت ممكن''· وقالت ''إن العملية تستهدف حصراً منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية لوقف استخدامها المناطق الجبلية في شمال العراق كقاعدة لشن هجمات على تركيا''· وأكدت أن القوات التركية ''تعطي أهمية كبرى لاستقرار العراق وسلامة أراضيه وستعود الى الوطن في أسرع وقت ممكن بعد ان تحقق أهدافها''· وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان في تصريح تلفزيوني ''إن أهداف هذه العملية وحجمها وأبعادها محدودة وستعود قواتنا المسلحة في أقصر أجل ممكن، حال تحقيق أهدافها''· وأضاف أن تركيا ''ليست لديها اي نية للمساس بوحدة وسلامة العراق وهدفها الوحيد هو حماية مواطنينا وحدودنا ووحدتنا ووحدة ترابنا''· ميدانياً، ذكرالتلفزيون التركي دون الاستناد إلى أي مصدر أن قوات قوامها 10 آلاف جندي دخلت الاراضي العراقية· توغلت لمسافة عشرة كيلومترات في كردستان العراق· وقال مصدر عسكري في جنوب- شرقي تركيا لوكالة ''رويترز'' شريطة عدم ذكر اسمه ''إن آلاف الجنود عبروا الحدود وهناك آلاف آخرون ينتظرون عند الحدود للانضمام اليهم اذا احتاج الأمر''· وأعلن المتمردون الأكراد أنهم اشتبكوا مع القوات التركية في جبال زاجروس، حيث تلتقي حدود تركيا والعراق وإيران· وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في ''الكردستاني'' أحمد دنيس لمراسل وكالة ''رويترز'' في السليمانية عبر هاتف متصل بالأقمار الصناعية من مكان غير معلوم ''تدور اشتباكات ضارية· قتل جنديان تركيان وأصيب 8 آخرون بجروح ولم تقع خسائر في صفوفنا''· وفي بغداد، طالب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال مكالمة هاتفية مع أردوجان باحترام سيادة وحدود العراق وحرمة أراضيه وتجنب المواجهة العسكرية وانتهاج الحوار لتحقيق الأمن في المنطقة· وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن المالكي أبلغ أردوجان بأن حكومته ''تساند سلامة واستقرار تركيا وتعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية تشكل خطرا على تركيا ومنطقة الحدود بين البلدين''· وذكر التلفزيون العراقي أن وكيل وزارة الخارجية العراقية نبيل عباوي استدعى القائم بأعمال السفارة التركية في بغداد وأبلغه احتجاج الحكومة العراقية على قصف القوات التركية مناطق سكنية في محافظة دهوك وتدميرها جسراً حيويا يربط بين مدن ومناطق أخرى في كردستان· وأوضح أن عباوي ''أكد أن أي اختراق عسكري للحدود سيعد تجاوزاً على السيادة الوطنية للعراق وعبر عن مخاوف الحكومة العراقية من أن الحشود العسكرية الجديدة قد تؤدي الى تدهور الوضع الأمني في الإقليم وتأثر على استقراره''· لكن وزير الخارجية العراقي نفى وقوع اجتياح كبير· وقال لوكالة ''رويترز'' هاتفياً ''لم يحدث أي غزو بري عبر الحدود ولكن بضع مئات من الجنود الاتراك عبروا الحدود، بحثا عن أعضاء حزب العمال الكردستاني أو قواعدهم''· كما أكد ضابط كبير في قوات التخالف في بغداد للوكالة ذاتــــها أن بضع مئـــات فقط من الجنود يشاركون في العملية· وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق الاميرال جريجوري سميث ''إن هناك إدراكاً بأن العملية مدتها محدودة وتستهدف بوجه خاص إرهابيي حزب العمال الكردستاني''· وأوضح في بيان رسمي ''لقد أعطتنا تركيا ضمانات بأنها ستفعل كل شيء ممكن لتجنب أي أضرار جانبية لمواطنين أبرياء أو للبنية التحتية الكردية''· وأعلن أن الولايات المتحدة تواصل دعم ''حق تركيا في الدفاع عن النفس في مواجهة الانشطة الإرهابية لحزب العمال الكردستاني وتشجعها على استخدام كل السبل المتاحة لحل القضية بما في ذلك الطرق الدبلوماسية والتعاون مع الحكومة العراقية''· وفي واشنطن، طلبت الرئاسة من أنقرة ضبط النفس''· وقال المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ستانزل للصحفيين ''ابلغنا مسبقاً بالهجوم وحضت الولايات المتحدة تركيا على قصر عملياتها العسكرية على استهداف دقيق لحزب العـــمال الكردستاني''· وفي بروكسل، قالت المتحدثة باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي كريستينا ناجي لصحفيين ''نتابع الوضع من كثب والاتحاد الاوروبي يتفهم حاجة تركيا الى حماية سكانها من الارهاب، لكن على تركيا تفادي القيام بعمل عسكري غير متكافئ واحترام حقوق الانسان ودولة القانون ومواصلة الحوار مع شركائها الدوليين حول هذه المسألة''· ووصف المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا الهجوم البري التركي بأنه ''ليس أفضل وسيلة'' لدى أنقرة للرد هجمات ''الكردستاني''· وقال لصحفيين إثر اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد بمدينة بردو بري كانيو السلوفينية ''نتفهم قلق الاتراك لكن هذا العمل ليس في رأينا الرد الملائم، فسلامة أراضي العراق بالغة الأهمية''· وفي لندن، طالبت وزارة الخارجية البريطانية تركيا بمغادرة الاراضي العراقية سريعاً· وقالت متحدثة باسم الوزارة ''سنحض تركيا على الانسحاب من أراضي العراق باسرع وقت ممكن وإعطاء أكبر قدر من العناية لتفادي الأضرار بالسكان المدنيين''· وفي برلين، أعربت الحكومة الالمانية عن ''قلقها الشديد'' إزاء العملية العسكرية التركية· وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية مارتن ييجر ''إن وجود القوات التركية في العراق يشكل مخاطرة كبيرة لزعزعة الاستقرار''· وطالب الحكومة التركية بالاقتصار على ''الخطوات الضرورية في مكافحة الارهاب لحماية شعبها''· وقال ''حتى في هذه الحالة يجب أن يكون الحفاظ على القانون الدولي هو معيار كل فعل''