الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التاريخ العربي يعيد إنتاج أزماته منذ عهد ابن خلدون

16 ديسمبر 2006 01:00
القاهرة- حلمي النمنم: بين القاهرة والاسكندرية جرى الاحتفال العلمي بابن خلدون الذي يوافق هذا العام مرور ستمائة سنة على وفاته، ففي القاهرة كانت الابحاث حول ابن خلدون ووحدة المعرفة، أما في الاسكندرية فتناولت الاوراق ابن خلدون والعالم، وشارك في هذه الاحتفالية حوالي 120 باحثا وباحثة من العالم العربي واوروبا، وكان الحضور العربي الاكثر لباحثي تونس والجزائر والمغرب، فضلا عن مصر وسوريا ولبنان· قال المفكر السوري الطيب تيزين: إن افكار ابن خلدون في المقدمة احدثت نهضة في غير مجالها، فقد استفاد منها الغرب في تطوير افكاره ونظرياته، واستفاد منه ميكافيللي في كتاب ''الأمير'' واخذ منه دوركايم في تأسيسه لعلم الاجتماع، أما في الثقافة العربية فلم يحدث ذلك الاثر لأن ابن خلدون كان اقرب الى اهل التقية لذا لم يعلن افكاره بوضوح· علم العمران وأكدت الدكتورة سامية الساعاتي أستاذة علم الاجتماع ان علم الاجتماع كما وضعه ابن خلدون ليس هو علم العمران، فموضوع العلم هو العمران ولكن التسمية غير الموضوع فقد قال في مقدمته: ''وكأن هذا العلم مستقل بنفسه فانه ذو موضوع وهو العمران البشري والاجتماع الانساني''، أما التسمية فقد اخفاها ابن خلدون في الفصل الثالث والثلاثين من المقدمة وعنوانه ان الصنائع تكسب صاحبها عقلا لأنها مجتمعة من صنائع في شأن تدبير المنزل ومعاشرة ابناء الجنس، وهكذا اهتدى ابن خلدون الى علمين الاول التدبير المنزلي، وهو المعروف في العالم كله الان، والثاني هو علم المعاشرة اي علم الاجتماع· الدكتورة حكمت ابوزيد اول وزيرة مصرية وعربية القت ورقة حول علامات العمران في مقدمة ابن خلدون وتوقفت عند فشل تجربة ابن خلدون السياسية، فضلا عن انه عاش في عصر انهيار، كانت الدولة الاسلامية تغرب في الاندلس، والحكام ضعاف في المغرب العربي، أما في الشرق فقد كان هناك الغزو المغولي لدمشق واضعاف المشرق العربي· وشبهت اللحظة التي عاشها ابن خلدون باللحظة العربية الراهنة، حيث احتلال العراق وأزمات في سوريا ولبنان ودارفور وغيرها، وطالبت بضرورة دراسة عوامل انهيار الدول، كما حددها ابن خلدون لتجنب أي انهيارات· طه حسين وشن الدكتور محمد حافظ دياب استاذ علم الاجتماع بجامعة بنها هجوما شديدا على الدكتور طه حسين ورسالته للدكتوراه من جامعة السوربون عام 1917 عن ابن خلدون، فقد رأى ان طه حسين لم يعتمد على كل اعمال ابن خلدون بل على المقدمة فقط، واعتمد على الترجمة الفرنسية للمقدمة رغم ما بها من اخطاء متجاهلا الطبعة العربية، ولذا نسب علم الاجتماع الى اميل دوركايم وليس الى ابن خلدون، وحاول ان يلبس ابن خلدون افكار دوركايم· وقال: إن رسالة طه حسين هذه جعلت الباحثين وعلماء الاجتماع العرب لا يلتفتون جيدا الى التراث العربي والاسلامي في علم الاجتماع· ودافع الباحث المغربي بن سالم حميش المتخصص في ابن خلدون عن طه حسين، مؤكدا ان هناك كتبا يسقطها بعض المؤلفين من حساباتهم، وابن خلدون فعل ذلك، فقد وضع كتابه ''لباب المحصل'' ولم يذكره نهائيا ولم يرجع اليه، كذلك فعل طه حسين فلم يذكر كتابه ذلك ولا حرص على ترجمته الى العربية، بل نرى غيره وهو محمد عبدالله عنان يقوم بترجمته، كما ان كتاب طه حسين كان له استقبال سلبي في الغرب، وفي شمال افريقيا غضبوا منه· مصادر العبر الدكتورعمار الطالب من الجزائر ركز على عملية التأريخ للعلوم، كما قام بها ابن خلدون فهو لم يقتصر على مجرد الوطن التاريخي لكل علم، وإنما كان يحكم على جوانب بعض العلوم وينتقد بعضها ويكشف مناهجها ويطور تلك المناهج فيفرق مثلا بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين على حد تعبيره، ويعد ذلك دليل على اهتمامه بالمنهج النقدي للتاريخ، وهو المنطلق الاساسي الذي أقام عليه المقدمة· أما الدكتور أيمن فؤاد السيد فقد بحث عن مصادر ابن خلدون في كتابة العبر أوالمقدمة، فقد بدأ ابن خلدون كتابة ''العبر وديوان المبتدأ والخبر'' عندما كان في تونس، مهتما بوجه خاص بالتأريخ للعرب، وبعد انتقاله الى مصر وسع دائرة اهتمامه فقد أضاف اليه كتابه ''تاريخ العجم'' ومن عاصر العرب من ذوي السلطان الأكبر اعتمادا على مصادر جديدة لم تكن متاحة له وهو في شمال افريقيا، على الأخص فيما يتعلق بالدول الشهيرة المعاصرة للعرب مثل الأنباط والسريان وبني اسرائيل والروم والاقباط والترك والتتار ودولة المماليك، الأمر الذي اطلع معه على مصادر يهودية ومسيحية ولاتينية مترجمة الى العربية لم يتعرف عليها الا في مصر مثل تاريخ يوسفوس وتاريخ باولوس أوردسيوس بالاضافة الى التوراة، فضلا عن مصادر اسلامية أخرى لم يتوفر له نسخها الا في مصر· المادية الجدلية وتوقفت مجموعة من الأوراق أمام القراءات الماركسية لابن خلدون، مثل قراءة ساطع الحصري وغيره، وقد توقف الكتور أنور مغيث استاذ الفلسفة بجامعة حلوان أمام تلك الدراسات، وذهب الى انها سارت في اتجاهين: حاول ان يثبت ان ابن خلدون سبق كارل ماركس في الاهتمام بالمادية الجدلية، وكان الهدف ألاَّ يبدو الفكر الماركسي أمام المجتمع العربي معاديا للتراث العربي والاسلامي، بل إنه نبت في ثقافتنا، ومن ثم كان القبول به والأخذ عنه ليس معناه معاداة التراث والدين الاسلامي، والثاني: ذهب أصحابه الى ان ابن خلدون رائدا للنزعة الجدلية لدى الفيلسوف الألماني هيجل، الذي يعد استاذ ماركس، ومن ثم لا يتصور البعض من المثقفين العرب ان ابن خلدون يمكن ان يكون بديلا مطلقا لماركس والماركسية· والواقع ان كلا من الفريقين لم يركز على نصوص ابن خلدون، بل اهتم بالقضايا السياسية للواقع العربي في المقام الأول، ولعل هذا ما جعل تلك الجهود للمفكرين العرب الماركسيين لا تحقق النتيجة الصحيحة المرجوة· واهتمت اوراق أخرى بما يمكن تسميته الخلدونية في الفكر العربي المعاصر، فقد توقف الدكتور مصطفى لبيب امام أثر ابن خلدون في رفاعة الطهطاوي الذي درسه وهو في الأزهر، ثم درسه في باريس ايضا وتأثر الدكتور طه حسين به وغيرهما، ورصد الدكتور مجدي عبدالحافظ فكرة التطور لدى ابن خلدون واعتبره رائدا للمفكر العربي شبل شميل· هذا ما رصدته الاوراق العربية في اندوة فيما اهتمت الأوراق الأوروبية بتأثير أبن خلدون على المفكرين الأسبان المعاصرين، خاصة وأن هناك فريقا منهم بعد ابن خلدون أندلسيا ورائدا لهم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©