الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدينة لا تنام

20 سبتمبر 2011 23:08
نزلت في فندق يطل على الشارع الثاني والأربعين في منهاتن لا يبعد كثيراً عن مقر الأمم المتحدة، الذي جئت هذه المدينة لكي أحضر اجتماعات فيه وألتقي بان كي مون الأمين العام للمنظمة الدولية. في صباح اليوم التالي ذهبت إلى مبنى الأمم المتحدة سيراً على الأقدام، وكان ثمة اجتماع منعقد في قاعة مجلس الأمن لم أكترث به، وأخذني مرافقي إلى قاعة الجمعية العمومية، وقص علي كيف دخل ياسر عرفات في يوم ما حاملاً مسدسه بيد وغصن الزيتون بيده الأخرى، وأخبرني أيضاً كيف رمى الرئيس السوفيتي خرتشوف بحذائه على المنصة الرئيسية، وكيف سقط الرئيس الكوبي فيدل كاسترو مغشياً عليه وهو يخطب من إثر الحرارة التي تسببها الأضواء الباهرة، التي تنعكس على خلفية المنصة، مما جعلهم فيما بعد يضعون أجهزة تكييف للهواء على المنصة الرئيسية. لم أطل المكوث في المنظمة الدولية، خصوصاً أنني لن أتمكن من مقابلة أمينها العام لارتباطاته الكثيرة، وخرجت أسير بمحاذاة البحر إلى أن وصلت إلى سنترال بارك التي تعتبر أشهر حديقة عامة في العالم، ويعود تاريخها إلى 1858 وقد صممها كل من فريدريك اولمستيد وكالفيرت فاكس، ويعتبرها كثيرون بمثابة الباحة الخلفية لمدينة نيويورك وهي تحوي نحو ستة وعشرين ألف شجرة ويزورها كل عام أكثر من خمسة وعشرين مليون زائر من بقية أنحاء البلاد والعالم. وفي المساء أكملت سيري إلى أن وصلت إلى أقدم ناطحة سحاب في العالم، المبنى الذي يعتبره أهل المدينة رمزاً لمدينة نيويورك، أنها مبنى الامباير ستيت، صعدت إلى القمة وجلست أتأمل أضواء منهاتن الباهرة من على علو 1,250 قدم. ومن بعيد تبدو بقية ضواحي نيويورك تلك المدينة التي تعتبر أكبر المدن الأميركية وعدد سكانها تسعة ملايين، وقد أنشأها الهولنديون على أكبر ميناء بحري طبيعي في العالم يقع على مدخل نهر هاديسون في القرن السابع عشر متفرعة إلى خمسة مناطق هي منهاتن وكوينس وبروكلين وجزيرة ستاتن وبرونكس ومدعومة بثراء التراث الإثني لخليط سكانها المتنوع؛ ما جعلها مدينة مشوقة وعالمية الطابع. وعندما كانت عاصمة البلاد شهدت تنصيب الرئيس جورج واشنطن أول رؤساء الولايات المتحدة، كما شهدت افتتاح أول سوق أسهم في عام 1789، واليوم يعتبر شارع وول ستريت الشهير مركزاً لأسواق الأسهم في نيويورك، كما أنه مركز لمكاتب أكبر الشركات المالية والمصرفية في العالم. وقبل منتصف الليل عدت إلى مقر إقامتي، وفي الطريق طفت بجوار عاشق متشرد لا يزال يعزف على نايه لحناً شجياً حزيناً، ظل يراودني وأنا أتوسل النوم الذي يأبى الاقتراب من جفوني، خصوصاً أن صخب المدينة ظل يطاردني، فهي مدينة لا تنام. سعيد البادي | rahal ae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©