السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كاتب إيرلنديّ ينصف الغجر ويسلط الضوء على ثقافتهم وحياتهم

كاتب إيرلنديّ ينصف الغجر ويسلط الضوء على ثقافتهم وحياتهم
5 أكتوبر 2014 23:01
حسونة المصباحي (برلين) منذ سنوات عديدة، يعيش الكاتب الإيرلندي كولوم ماك كين المولود في دبلن عام 1965، في نيويورك، غير أنه لم ينس بلاده. كما لم ينس القارة العجوز التي فرّ إليها كتّاب إيرلنديّون كبار من أمثال جيمس جويس وصاموئيل بيكت وأوسكار وايلد. وفي روايته التي حملت عنوان «زولي» هو يتحدث عن الغجر، وعن عالمهم الغريب، وعن قصصهم العجائبيّة. وهو يقول: «إنّ أفضل طريقة لفهم شيء ما هو أن تخصّص له كتاباً. وأنا لا أعرف شيئاً عن الغجر الذين يسمّون أيضا «رومس». كما أني أجهل معنى هذه الكلمة التي قد تعني في نفس القوت «شعب»، و«لغة». وخلال فترة شبابي في ايرلندا لم تكن لي أيّة علاقة بمخيّمات الغجر الموجودة هناك. وعندما شرعت في الاهتمام بحياتهم، تغيّرت نظرتي إلى العالم بسرعة. وحين يمضي الإنسان سنتين أو ثلاث من حياته في القيام بأبحاث حول موضوع معيّن، فإنه يتعلّم ليس فقط كيف يتعامل مع الثقافة من زاوية مختلفة، ولكنه يتعلم أيضاً كيف يعرف نفسه بشكل أفضل. وفي البداية انطلقت وفي ذهني كلّ ألأفكار المسبقة والمتداولة بين الناس. وعندما ذهبت إلى سلوفاكيا، انتبهت إلى الخطأ الذي كنت قد ارتكبته بخصوص هذا الموضوع، أعني بذلك موضوع الغجر. ثم اكتشفت أيضا، وبدهشة كبيرة، مدى اتّساع فقر هؤلاء الغجر. وهذه حقيقة مرعبة تبرز للعيان في جميع البلدان الأوروبية التي فيها يعيشون منبوذين ومكروهين. وفي المخيّم الذي عشت فيه سنتين، لم يكن هناك الماء الصالح للشراب. ومع ذلك كان الغجريّ يحاول بشتى الطرق والوسائل أن يكون على اتصال بالفضائيّات. حتى الذين يسكنون الأكواخ الكارتونيّة، كانوا يمتلكون أجهزة تلفزيون متطورة. وقد التقيت بغجر أحرقت أكواخهم، وبآخرين تمّ تعقيمهم من قبل الأطباء المحليين. وأنا لا أقصد من خلال كلامي هذا تمجيد الغجر، والتنويه بفضائلهم وجعلهم قديسين ولكني أطرح حقائق بشأنهم وبشأن حياتهم». ويشير كولوم ماك كين إلى أن تعداد الغجر يبلغ 14 مليون نسمة بحسب أخر الإحصائيات. ومعنى هذا أنهم أكثر عددا من اليهود، وعددهم ضعف عدد الايرلنديين. غير أن الثقافة اليهودية، والثقافة الايرلندية تمكنتا من أن تفرضا وجودهما أوروبيا وعالميا. أما ثقافة الغجر فتكاد تكون مجهولة. وما عدا الموسيقى التي يقبل عليها كثيرون، وبعض الأفلام الجيّدة، لا يوجد شيء آخر يمثل ثقافة الغجر. ويواصل ماك كين كلامه قائلا: «ليس هناك روائيون غجريّون. والمثقفون الغجر يعيبون على الأدب الأوروبي الطريقة التي يتحدث بها عنهم. وأنا لم أكن أرغب في أن يكون كتابي مثيراً، ولا غير مثير. فأنا كاتب اجتماعي. وهكذا أرى إلى نفسي. ومعنى هذا أنني لست من الكتاب الذين يسايرون التقليعات الجديدة في الأدب. وإنما أنا من أولئك الذين يرغبون في مواصلة ما قام به زولا في الأدب الفرنسي، وشتاينبيك في الأدب الأميركي. فهذان الكاتبان كانا يحاولان من خلال كتاباتهم تطوير الوعي الجماعي، والتأثير في الأحداث الاجتماعية التي كانت تعيشها مجتمعاتهم». ويقول كولوم ماك كين إنه أمضى أوقاتا طويلة بين الغجر. وفي البداية أحسّ أنه دخيل. لذلك راح يسعى إلى إقناع الغجر بأنه لا ينتمي إلى الثقافة المهيمنة. تلك الثقافة التي عادة ما تكون ثقافة قمع واضطهاد. بالإضافة إلى هذا كان يحسن الغناء. وهذا ما ساعده على الدخول إلى قلوب الغجر من دون السقوط في الكليشيهات. كما أنه كان يروي حكايات تجعلهم ينصتون إليه حتى النهاية. ومعهم كان يحلو الشراب والسهر. وكانت السجائر رغم ضررها بالصحة، تتيح له التحدث إلى البعض من الغجر ساعات طويلة من دون ملل. وعن عالمه إنسانا وكاتبا، يقول ماك كين: «أنا أهتمّ بالقصص الفرديّة، وبالكيفيّة التي يواجه بها الفرد القمع والظلم والمنفى الإجباري. وأنا لا أعرف من أين جاءتني هذه الحساسيّة تجاه القمع والظلم. غير أني أصبحت صحافيّا وأنا في السابعة عشرة من عمري، أي عند دخولي الجامعة. وقد نشأت في الضواحي الجنوبيّة لدبلن في محيط عائلي واجتماعي يتّسم بالوصاية. وكان والدي صحافيّا. أما والدتي فلم يكن لها عمل. وكان أول موضوع تحقيق قمت به حول النساء اللاتي يتعرضن إلى الضرب. وكان عليّ أن أذهب إلى أحياء لم تكن الشرطة تتجرأ على الدخول إليها. وعندما شرعت في إعداد هذا التحقيق كان الموضوع المذكور، موضوع ضرب النساء من المحرمات. وقبل هذا كنت قد تأثرت ب«البيتنيكس» الأميركيين. وبلهفة وإعجاب قرأت رائعة جاك كيرواك «على الطريق». ومتأثرا بهذه الرواية، قطعت بالدراجة مسافة 2000 كلم. وكانت تلك الطريقة الوحيدة والمثالية لاكتشاف أميركا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©