السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صونيا خضر: جمهوري من يبكي

صونيا خضر: جمهوري من يبكي
15 ديسمبر 2010 19:42
صونيا خضر شاعرة فلسطينية، تحفر اسمها بعمق على خريطة القصيدة.. لا تستأذنك، تطل على المجهول من حافة نافذة، تقبض على الجمر صامدة على الأرض على الرغم من غطرسة الاحتلال ومغريات الهجرة وجواز السفر الذي يسيل له اللعاب. قد وصفها الناقد الفلسطيني زياد خداش بأنها حالة ذهنية لا تتوقف عن الزئير. بيدها اليمنى تمسك جمرة الشعر، وفي اليسرى حفنة من ماء، وهي سيدة بيت تكتب الشعر بانتماء واعتزاز وحلمية كبيرة.. هذه إطلالة على إبداعها. ? في ديوانك الشعري “لشموع خبأتها” ما الذي تودين قوله؟ ? لم أرد أن أقول شيئاً لأنني لا أعرف طقوس الإجابات الكاملة، بل ذهبت للأجوبة في ديوان مليء بعلامات الاستفهام “أين أنت يا مؤجج النار”، غير أنني غير متيقنة من الإجابة، فأنا أطرح السؤال الكبير في كل حالاتي من الحزن والغضب والفرح على الرغم من قلته واستدرك الإجابة. أكتب لمخلوق افتراضي بشكل عام قد تحلمه كل امرأة تخيلتها.. أريده عاشقاً كروميو، محارباً كصلاح الدين، شاعراً كمحمود درويش، وهو يريدني جميلة كالمونوليزا، رقيقة كقطر الندى، مثيرة كغانية، فكيف لما نحن عليه أن يكون إن حدث واتفقنا! يستفزني السؤال الذي يبدو بسيطاً وشكل الحياة التي نفقد صوتنا، لأننا نتعامل مع كل شيء عن طريق الشبكة العنكبوتية، وشخصياً لا أنفصل عن ذاتي كشاعرة أو إنسانة عادية، كما تستفزني كلمة عزيزي أو عزيزتي، لأنني أحس بأن المعنى غير موجود في حياتنا، فالناس يتقربون من بعضهم بالاتصال الرقمي وفي الوقت نفسه نفقد الناس الحقيقيين. كما تستفزني المرأة المتمردة لمجرد التمرد وهذا لا ينفي عني صفة التمرد ولا ينقص من أنوثتي، فأنا أتمرد على الهيمنة الذكورية والفكر الأنثوي والقوانين المجحفة بحق الروح الأنثوية والاستقواء على هذا الكائن بدلاً من مصادقته. وعلى الرغم من تمردي لن تجد نفسك حين تحاورني أمام مخلوق شرس، وإنما أمام مخلوق يمارس الحلم كتابة.. “أصادق الرجل بصفته اكتمالي”. الصدام والمهادنة ? هل أنت مهادنة أم مصادمة في وسطك الثقافي؟ ? ميالة للمهادنة لأنني أشعر باللاجدوى وأحب أن أسمع، لأن الأنا كبيرة ومسيطرة على كل فرد التقيته حتى الآن في الوسط الثقافي، فحين لا يفسح لك المجال للكلام فمن الأنسب لك أن تصمت، وصمتي لا يعني الانسحاب بل هو الترفع عن خوض معارك لا تليق بي. ? المتفحص لقصائدك يلمس انطواء على الذات ماذا وراء ذلك؟ ? سعيدة بهذا الوصف لأنني أكتب نفسي، وسأستنكر إن أصبح السائد في وصف قصائدي وليس دفاعاً عن نفسي، إنما دليل على انفتاحي على عوالم لا يقترب منها الكثيرون ككتابتي بلسان رجل في أكثر من قصيدة. ولدي مجموعة نصوص “عولمة” أتحدث عن فلسفة حياتية عامة كغرف الدردشة والوقت والانتظار. ومن جهة أخرى، متصالحة مع النقاد وأحترم الناقد الذي لا يصفق ليّ ولنصي بل يدخل معي في جولة من التحدي ويخرج من أمسياتي بوجه آخر، وجمهوري من يقرأ قصيدتي ويبكي ويردد وجدت نفسي أو يضع مقطعاً من قصيدتي على رأس مدونته. ? كشاعرة فلسطينية صامدة في رام الله على الرغم من مغريات الخارج.. كيف تنظرين للوطن؟ ? الوطن في داخلي أكبر مني وأجمل من كل ما حولي لكنني لم أكتبه حتى الآن لسبب أكبر مني، وعلاقتي به كعلاقة الجنين بالرحم من الصعب انفصالي عنه.. يتحرك معي يلازمني وسادتي يؤرقني ويؤلمني ويغضبني ولكل هذه الأسباب أعشقه. وعندما غادرت متوجهة لعمان لتوقيع ديواني “لشموس خبأتها” اجتاحتني مشاعر الاشتياق على الحدود وكدت أعود وكأي فلسطينية مررت وعائلتي بظروف صعبة معروفة للجميع وكانت كل الأجواء حولي جاهزة للهجرة ورفضت حتى جواز السفر الأجنبي الذي يلهث وراءه الجميع. وأود القول إن القدس بعيدة عن رام الله كيلومترات عدة، لكنني لا أزورها حتى لا التقيهم على الحواجز وأرى معاناة شعبي ومعاملتهم من قبل جيش الاحتلال. أرفض مجرد وجودهم على الحواجز فكيف أتعامل معهم. مرآة المكان ? المكان كشاعرة ماذا يمثل لك؟ ? بيتي يمثل مرآتي من داخلي، أحس تجاهه بانتماء لا يوصف ووحدة المكان مع أحاسيسي الخاصة تنعكس بلوحاتي الشعرية، فأنا لا أحب النوافذ المغلقة لأنها تحول دون انفتاحي على الأزرق أو أحلم كما أشاء وكل ما أريده عالماً متصالحاً مع ذاته.. يتصالح معي وأتصالح معه وأكثر نقاء وبساطة. أريد رجلاً يحميني ولا أخشاه، فأنا لا أستطيع أن أحب شخصاً ما أخشاه لأي سبب وأتوجس منه موتاً قريباً .. أحتاج من يحميني ولا يضللني ولا يغطيني كامرأة بشكل عام، فقد أكون متقلبة عاطفياً وأحس أن العاطفة نهر وليست بحراً يتجدد، وهذا بطبيعة الحال لا يعني أنني مررت بظروف عائلية صعبة، فلديّ أب وزوج متفهمان جداً وأستمد دفقات الحنان منهما. ? بصراحة.. لمن تكتبين بالضبط؟ ? أكتب لي ولا أرسل قصائدي لأحد وأحس أن قرائي من طبقة المثقفين غير الشعراء، فنحن نحتاج لمن يقرأنا أو من يسمع صوتنا ومن هذه الزاوية أرحب بشدة بالنقد والناقد لأنهما في النهاية يشكلان جزءاً من قرائي فقط. وأود القول إنني أحلم بتمثيل فلسطين من زاوية نضال مختلفة، كي تغسل المرأة صوتها من البحة التي أصابتها نتيجة حصرها بالشكل النضالي المتعارف عليه، الذي جرد صورتها من بعض الملامح، فهي إلى جانب الوطن الكبير الذي تحمله في قلبها وحقيبتها امرأة عادية تغضب وتحزن وتبكي وتعشق وتخطئ وترتبك. بهذا نخرج من القالب التقليدي الجميل للمرأة الفلسطينية ونسلط الضوء على بقية الجوانب الجميلة فيها مع أنني من داخلي لست جبانة أبداً لكنني لست شجاعة بما يكفي لأقدم قدر عشقي له. ? هناك من يرى أنك تحترفين الحزن.. ما تعليقك؟ ? الحزن من وجهة نظري ليس تهمة بل حالة وأنا أكتب في حالة الحزن أكثر من الفرح فقد بدأت بطرح نفسي كشاعرة بعد رحيل والدتي ففي موتها كانت بدايتي لأعبر عن ذاتي وأترك شيئا عني. أرغب أن أبقى وأظل فقد بدأت الكتابة في حالة ارتباط بالغياب أو الموت وهذا جعلني أبحث عن الحقيقة في عالم الميتافيزيقيا لإرضاء فضولي في كشف المجهول “ فضائي جاء من قلق”. أريد أن أطير ولكن من سيسقي زهرات حديقتي من سيتحدث مع أمي حين يندلع طيفها النوراني في الممر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©