الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

سالم بوشنين يتنقل بين الماضي والحاضر عبر كأس الخليج

17 ديسمبر 2006 23:44
نـزرع ولا نحصد·· إلى متى؟! ممدوح البرعي: بين الماضي الذي تخرج من حقائبه السنوات كالعطور الملونة، والحاضر الذي يخفي تحت عباءته الدهشة وسرعة التغيير، يقع التناقض المثير، ويحتدم صراع الأزمنة·· زمن كان·· وزمن آن· ومع ذلك الصراع المدهش تجولنا في رحلة قصيرة عبر الزمن برفقة سالم بوشنين نجم هجوم منتخب الإمارات وأبرز لاعبيه القدامى في دورة كأس الخليج الثالثة لكرة القدم بالكويت عام ،1974 وأحد أبرز نجوم نادي النصر في عصره الذهبي·· كانت كلماته كرصاصات العدل عندما أطلقها في بداية ''حديث الذكريات''، مشيراً إلى أن واحداً من رفاق الملعب القدامى ومن القياديين البارزين في مجالس ادارات الأندية حالياً أكد له أن متوسط دخل اللاعب الآن يتراوح بين 50 و60 ألف درهم شهرياً هي حصيلة راتبي العمل والتفرغ للكرة والمكافآت وبدلات الفوز والتدريب وغيرها من الامتيازات·· ويتعجب بوشنين: إنها أرقام كالأحلام اذا ما قورنت بعصرنا الذي كنا ننفق فيه على الكرة ولا تنفق علينا، فماذا يريد لاعبو هذا العصر بعد ذلك، وأين المردود وكيف كان العطاء؟· وقبل التوغل في مفارقات الزمن وما تثيره من قضايا، تحولنا إلى الذكريات مع بوشنين الذي لمعت عيناه كما لو كانتا تبحثان عن صور الماضي البعيد·· وبابتسامة عميقة قال: لقد شاركت في 4 دورات متتالية ابتداءً من دورة السعودية 72 إلى دورة العراق ،1978 وكانت دورة الكويت 74 أكثر الدورات تميزاً في حياتي الكروية قبل أن أعتزل عام 1982 وأبتعد تماماً عن مجال الكرة والحقل الرياضي بأكمله·· وفي تلك الدورة سجلت 3 أهداف بينها هدف طريف لا أنساه في مرمى منتخب قطر، بدأ بكرة مرفوعة من ضربة ركنية سددها أحمد عيسى نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي حالياً، وقفزت عالياً مع الحارس وأطحت به بعيداً عن الكرة ''بكتف قانوني'' سريع وتحولت الكرة إلى داخل المرمى فأصبح الهدف مشتركاً وتنازعنا عليه أنا وأحمد عيسى إلى أن جاء الحسم وتم احتسابه باسمي· يواصل بوشنين: كنا نلعب بالموهبة الفطرية قبل أن تتحول الكرة إلى تكتيك ولياقة وتتراجع المواهب، وكنت أحب المراوغة وأجيدها فأحرزت في دورة الكويت هدفين في مرمى البحرين بالمراوغة والمجهود الفردي، وكان مركزي الرئيس قلب الهجوم، لكن بعض المدربين كانوا يدفعون بي إلى مركز الجناح الأيمن أوالأيسر، لأنني كنت أتحرك كثيراً على الأطراف وأجيد اللعب بالقدمين، وأذكر أن ميمي الشربيني عندما جاء لتدريب النصر قال: لقد شاهدت شريطاً لبعض مباريات الفريق وأريد اللاعب رقم (10) وهو رقم فانيلتي، وعندما التقيته أبدى اعجابه بموهبتي وبعد أول تدريب قال لي: إنك تملك موهبة فطرية عالية· لقد كان ذلك شأن أغلب لاعبي هذا الجيل ممن كانوا يتمتعون بالموهبة والحب الشديد لكرة القدم والإخلاص والحماس والتفاني من أجل اللعبة والنادي، وليس من أجل المقابل المادي، لأننا لم نكن نحصل على مقابل، بل على العكس كنا نشتري الكرات والفانيلات ومستلزمات اللعبة من جيوبنا فننفق على الفريق من تبرعات الشيوخ، ولم تكن هناك وفرة في الملاعب أوتجهيزات حديثة ولم تكن أرضية الملعب مزروعة·· كنا نلعب بأقل الإمكانات ولم تكن لنا أية مطالب، وكثيراً ما كنا نعاني في أعمالنا نتيجة الانشغال بالكرة ولم يكن بوسعنا الحصول على تفرغ حتى للمنتخب، ورغم ذلك كان عطاؤنا سخياً في حدود المتاح من الإمكانات·· لقد كان ذلك جيلاً أوأجيالاً لا تعوض تماماً مثل مطربي هذا الزمن الجميل، فهل نستطيع أن نعوض أم كلثوم وعبدالحليم وفريد الأطرش؟! ويقول بوشنين: إن الحال قد تغير تماماً خلال مرحلة الثمانينات، وصارت الأندية على أعلى مستوى ووصل حجم الإنفاق على كرة القدم ببعض الأندية إلى عشرات الملايين، وصارت للاعبين مطالب لا تنتهي، وصار كل لاعب يغسل ثيابه الرياضية في ''اللاندري'' على نفقة النادي، ثم يخرج من الملعب ليستحم ويرتديها ويقود سيارته الفاخرة عائداً إلى بيته وتزداد مطالبه لدى النادي يوماً بعد يوم، ويحصل على تفرغ من العمل ويصل دخله الشهري إلى 50 و60 ألف درهم·· وهذا ليس كلامي ولكنه كلام قيادي في أكبر الأندية· يواصل: إنه واقع يشبه الخيال، ورغم ذلك فاللاعبون يتدللون ولا يتمتعون بالإخلاص المفترض ولا يقدمون عطاءً ما يوازي ولو بعض ما يحصلون عليه من امتيازات·· لماذا؟ لا أدري!·· فعندما تصل إلى هذه القيمة يفترض أن تنسى أي شيء، وتتفرغ تماماً للكرة لا يشغلك عنها شيء، وأن تخلص وتعطي بحجم ما تأخذ فتجني كرة الإمارات الثمار وتحصد البطولات· وبالرغم من كل هذه الموازنات والملايين والاحتراف لم نحصد حتى مركزاً جيداً في دورات الخليج، فإلى متى نزرع ولا نحصد؟·· أعتقد أن أحد الأسباب المهمة في ذلك الوضع المعكوس أن التخطيط للمنتخب تخطيط مؤقت ليس طويل المدى طبق برنامج مدروس·· وفي هذه الدورة أوحتى الدورات السابقة يُجمِّعون اللاعبين قبل البداية بشهرين أوثلاثة أشهر وانتهى الأمر·· إننا نفتقر إلى برامج إعداد تريح البال وتدعو للاطمئنان، وليس هناك تنسيق وتخطيط ينظر للأمام· يضيف بوشنين: إن اللاعبين ايضاً تقع عليهم مسؤولية كبرى·· فهم لا يعانون ما كان السابقون يعانونه من مشاكل، كما أنهم متفرغون تماماً وشبه محترفين، ولديهم أفضل الملاعب والأجهزة الفنية، وهم أيضاً يتمتعون بمستوى طيب ولكن لا نتيجة، لأن العزيمة والروح القتالية والقيادية والإخلاص والحب المتبادل صارت عناصر نادرة يفتقر إليها الأغلبية وهذه هي المشكلة·· قديماً كنا نقضي الوقت معاً على الإفطار والغداء والعشاء، وفي غرف المبيت والملعب، وكان بعضنا يحب البعض ونشعر بأننا إخوة يدفع بعضنا البعض للأمام ويقدم له يد العون، بعكس الغيرة والتناقض والمشاعر السلبية التي تحيط بمجتمع اللاعبين الآن· إنني كلاعب سابق بالمنتخبين الوطني والعسكري وبنادي النصر وكمواطن إماراتي أتمنى من كل قلبي التوفيق للمنتخب والمستقبل المشرق لكرة القدم الإماراتية، لكنني- للحقيقة- لست مطمئناً، وأنتظر أن يأتي اليوم الذي نستمتع فيه بحلاوة الفوز في كأس الخليج، ونشعر بطعم الدورة وهذه هي فرصتنا الذهبية لكون البطولة تقام على أرضنا وبين جماهيرنا، فإذا حدث لا قدَّر الله ولم نحصد اللقب·· فانسى!! زملاء الملاعب·· والذكريات يذكر بوشنين من زملاء الملاعب القدامى محمد حمدون الأمين العام لوزارة الشباب والرياضة، وأحمد عيسى نائب رئيس مجلس ادارة النادي الأهلي، ويوسف محمد، وجاسم محمد، والدكتور محمد حسين كسلا، واللاعب السوداني سانتو، ويذكر من المدربين ميمي الشربيني، وبات ستيوارت الذي لا ينسى قيادته لفريق النصر موسم 77-،1978 حيث كانت المباراة النهائية في الدوري أمام العين على أرضه وتقدم فريق العين بهدفين وأخذت جماهيره تهتف ''قاعدين ليه ما تقوموا تروحوا''·· وفي الشوط الثاني أحرزت هدفاً، ثم أحرز محمد حسين كسلا الهدف الثاني، وأخيراً أحرز سانتو هدف الفوز، وفزنا 3/2 وأحرزنا البطولة·· كما أذكر أننا في بعض المواسم حصلنا على درع الدوري بفارق 10 نقاط كاملة عن صاحب المركز الثاني· ويذكر بوشنين الكثير من طرائف المشاركة في دورات الخليج·· سيارات تتأخر عن موعد الذهاب للمباريات·· أكلات لا يحبها الأغلبية·· مقالب كثيرة بين اللاعبين·· أحد الزملاء كان يبدو فاتحاً فمه ومبتسماً طيلة 24 ساعة في اليوم، لدرجة أن المنتخبات الأخرى كانت تتعجب وتسأل عن سر ''الخاشم الذي لايُغلق''! لكن الذكرى الأكثر طرافة على الإطلاق مع المنتخب كانت عام 72 في عيد استقلال الجزائر، حيث أقيمت دورة عربية في السلة وألعاب أخرى، ولم تكن دولة الاتحاد قد تأسست، فأخذ الكابتن شحتة يجمع من كل إمارة لاعبا أواثنين وتجمعنا بالنادي الأهلي وشاركنا كمنتخب، وذهب معنا على الطائرة الفنان عيد الفرج أحد أبرز مؤسسي الموسيقى في الإمارات ومعه فرقته الموسيقية، وعندما ركبنا الطائرة قال أحد أفراد طاقمها: يا جماعة ستنزلون من الطائرة إلى ''الحفلة'' مباشرة فقال عيد: يا جماعة أسرعوا لكي نؤدي ''البروفات'' بسرعة على الأغنية التي سنقدمها وأخذنا ننشد: من الإمارات لأرض الجزائر·· جينا حاملين كل البشاير·· وختمنا البروفة ووصلت الطائرة، واعتقدنا أننا سنهبط متجهين فوراً إلى الحفلة فإذا بنا نكتشف أن الرجل لم يكن يقصد الحفلة وإنما ''الحافلة'' بمعنى ''الباص''، وأخذنا نضحك على أنفسنا طيلة الدورة!·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©