السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع صناعة الحديد والصلب في البرازيل

16 سبتمبر 2013 22:05
يعتبر فرانسيسكو سانتوس واحداً من آلاف جامعي المخلفات الجائلين في شوارع مدينة ساو باولو البرازيلية ليبيعوها خردة والذين تضرروا مباشرة مما لحق مؤخراً بأسواق السلع العالمية من تباطؤ. قال سانتوس البالغ من العمر 51 عاماً، وهو يسحب عربته الخشبية من ساحة الخردة الواقعة غربي المدينة: «كانت الأمور ميسرة من خمس سنوات أما الآن فالأسعار التي نبيع بها أي شيء كالورق والألومنيوم والفولاذ، انخفضت انخفاضاً حاداً، ولذلك فإني مضطر إلى العمل لساعات أطول وبجهد أكبر». يعد تراجع الطلب على المعادن الخردة وهي المادة الأولية المستخدمة في نحو 30% من إنتاج الفولاذ في البرازيل، أحد الدلائل العديدة على أن التعافي الذي طال انتظاره لمصنعي الفولاذ في البرازيل لم يتحقق بعد. وتوقع المعهد البرازيلي للفولاذ في شهر مايو الماضي زيادة استهلاك الفولاذ المحلي بنسبة 4?2% هذا العام إلى 26?2 مليون طن، غير أنه يعتزم خفض توقعاته حالياً فيما قلص اقتصاديون من توقعات نمو البرازيل لعام 2013. وقالت بربارا ماتوس من موديز في ساو باولو: «كان العام الماضي بالغ الصعوبة وفي مطلع هذا العام كنا نتوقع طلباً أكثر قوة وأسعاراً أعلى.. ولكن حتى الآن لا نرى ما يشير إلى أي تعاف يذكر». تعاني صناعة الفولاذ في البرازيل فيما تتزايد محادثات حول بيع مصنع فولاذ شركة ثايسنكروب في ريو دي جانيرو المسمى سي إس إيه. وكانت ثايسنكروب الألمانية قد ضخت ما يتجاوز 8 مليارات دولار في المصنع منذ بدء بنائه عام 2006 في أكبر استثمار خاص في البرازيل في فترة تزيد على عشر سنوات. غير أن الزيادة الهائلة في التكاليف وارتفاع أجور والتضخم وتذبذب العملة البرازيلية أجبرت ثايسنكروب على البحث عن مشتر للمصنع بجانب مصنع الاباما بالولايات المتحدة - الذي يشكل النصف الآخر من نشاطها الخاسر في مجال الفولاذ في الأميركيتين. نظرياً لا تزال البرازيل تبشر بنجاح باهر رغم أزمة صناعة الفولاذ العالمية. ذلك أن استعدادات البرازيل لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2014 والأوليمبياد عام 2016 من شأنه أن يزيد استهلاك الفولاذ بنسبة 10% في السنوات الثلاث المقبلة، ما سيضخ 3 مليارات ريال برازيلي أخرى في صناعة الفولاذ، بحسب ماركوس أسومبكاو في بنك ايتاو بي بي إيه. غير أن طفرة البنية الأساسية المنتظرة في البرازيل - التي تشمل أيضاً برامج تساوي أكثر من 100 مليار دولار لتطوير الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات. ستفيد في المقام الأول منتجي «الفولاذ المستطيل» مثل شركة جيردو أكبر مصنع فولاذ في أميركا اللاتينية. ولا يزال منتجو الفولاذ المسطح في البرازيل مثل شركتي يوسيميناس وسي إس إن معتمدين على مبيعات السيارات والبضائع الاستهلاكية التي تباطأت لثلاث سنوات من النمو الأدنى من المخطط.لم يزد ناتج البرازيل الإجمالي المحلي سوى بنسبة 0?9% العام الماضي، بتراجع حاد مقارنة بنسبة 7?5% عام 2010 فيما تقلصت حصة مجال التصنيع في الاقتصاد البرازيلي من قرابة 30% في ثمانينيات القرن الماضي إلى دون 15%. كما يلقى ماركو بولو دي ميلو لوبيز الرئيس التنفيذي لمعهد البرازيل للفولاذ، باللوم على أسعار الطاقة والضرائب الثقيلة في تقليص ربحية الشركات مثل يوسيميناس التي سجلت خسارتها السادسة على التوالي في الربع الثاني من هذا العام.خسرت أسهم أكبر ثلاث مصنعي فولاذ في البرازيل - يوسيميناس وجيردو وسي إس إن - نحو 33% من قيمتها هذا العام في المتوسط فيما خسر مؤشر أسهم بوفيسبا 20%.وقال ميلو لوبيز: «تعمل صناعتنا في البرازيل بحوالي 70% من سعتها وهي بذلك تعتبر منخفضة جداً - حيث من المفترض أن نعمل بنسبة 80%». وأضاف: «يعمل مصنعو الفولاذ عالمياً بنحو 77% من سعاتهم». يذكر أن مصنعي الفولاذ مثل تاتا ستيل وأرسيلور ميتال كانا أيضاً من أكثر من تضرروا خلال فترة التباطؤ؛ نظراً لأن انكماش الطلب أدى إلى إفراط السعة على نحو أجبرهم على اتباع برامج خفض الإنفاق في أوروبا على نحو الخصوص. ولا يختلف كثيراً حال مصنعي الفولاذ في باقي أنحاء أميركا اللاتينية عن البرازيل، حيث عملت زيادة قيمة العملات العام الماضي على تحويل المنطقة إلى مستورد خالص للصلب الذي يأتي كثير منه من الصين. حيث تراجع إنتاج فولاذ أميركا اللاتينية بنسبة 3% في عام 2012، وخصوصاً في الأرجنتين وكولومبيا وفنزويلا حسب اتحاد صناعة الفولاذ في أميركا اللاتينية. قدمت حكومة البرازيل لمنتجيها مزيداً من الحمائية من خلال زيادة ضرائب الاستيراد في أكتوبر من متوسط 13% إلى 25% على حوالي 10 منتجات مصنعة من الفولاذ، وأعلنت الحكومة مؤخراً اعتزامها إلغاء هذه الزيادة سعياً إلى تقليص التضخم. غير أن محللين قالوا إن خفض قيمة الريال البرازيلي 11% مقابل الدولار سيعمل أيضاً على تحجيم الواردات. وبالنسبة لشركة جيردو التي تتنافس بشكل أساسي مع واردات الفولاذ المستطيل الوارد من تركيا فإن خفض قيمة الريال لم يكن ذا جدوى تذكر، بالنظر إلى انخفاض الليرة التركية بنسبة أكبر. كما عمل ضعف الريال البرازيلي أيضاً على زيادة الإنفاق المالي لمصنعي الفولاذ البرازيليين المحملين بديون دولارية وزاد من سعر ثايسنكروب بالعملة المحلية ما يهدد بتعطيل المفاوضات على بيعه. أما أسهم سي إس إن التي يعتقد أنها صاحب العرض المتبقي لشراء ثايسنكروب بعد محادثات دامت لأكثر من سنة كاملة، فقد خسرت أكثر من 40% من قيمتها هذا العام ما يرجع سببه إلى عدم التنسيق مع سي إس إيه.وقال أسوميكاو: «من الصعب تقييم هذه الأصول خصوصاً من حيث المخاطر المتوقعة».فإذا أجرت سي إس إن الصفقة بشكل نهائي فإن مساهميها سيأملون في أن تجد الشركة قيمة فيما يستغني عنه الآخرون من أشياء تصلح كخردة. وقال سانتوس: «لن أنسى أبداً يوم عثرت على نجفة ضخمة في الشارع يقدر ما بها من معدن بحوالي 8 كجم، ترى ما الذي جعل صاحبها يرميها ضمن المخلفات؟». عن «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©