لحظات الفقد

ماذا يعني أن تفقد ستة من أبنائك دفعة واحدة وماذا يعني أن تشرق شمس يوم جديد ولا تجد فلذات كبدك· واحد يركض هنا، وآخر هناك، وثالث تسمع صوته يملأ المكان فيأتيك إحساس الأمان، وتسمو فيك مشاعر الأبوّة، ويغمرك الحنان، فتحمد الله عزَّ وجلَّ أن أبقاكَ حتى هذا اليوم لتفرح بضحكاتهم وهمساتهم وأصواتهم! وأنت تعيش فرحة هذه اللحظات ستكون بالتأكيد على استعداد لتحارب الدنيا بأكملها حتى تحافظ عليهم!· نسمة هواء باردة تصيب أحدهم تبقيك متكدّراً متضايقاً وكأن هموم الدنيا جميعها اجتمعت فوق رأسك· بالتأكيد تهمك راحتهم واستقرارهم وإحساسهم بالأمان حتى لو افتقدته أنت· ستعمل على أن يحسوا بالشبع حتى لو جُعتَ أنت، ستعمل على أن تحافظ على وجودهم بجانبك· أن تبقيهم بعيدين عن كل سوء، ولو على حساب صحتك وراحتك· هذا هو الإحساس الطبيعي لإنسان طبيعي زرع الله تلك الغريزة فيه، لكن ماذا لو اختفوا من حياتك بلمحة بصر؟ كيف سيكون شعورك؟ ماذا إن أصبحت ولم تجد واحداً منهم فجأةً؟ كيف ستتعامل مع الموقف؟ ماذا إن اختفت أصواتهم في غمضة عين من حياتك؟ غابت ابتساماتهم، وقفت حركاتهم في أرجاء البيت··· في الغرفة، في الصالة، في المطبخ··· اختفوا فجأة وظلت زوايا المنزل لا تعطيك سوى الذكريات· هنا ألعاب حامد ساكنة لا حراك فيها تقبع في مكانها منذ آخر لحظة تركها·· وهنا كان يقف منصور·· وهناك مشهد لا يغيب من البال·· كيف سيكون وقع الصدمة على أمهم، على والدهم، على أصدقائهم؟! هذا حال الحوادث وما تفعله فينا· هذا حال أسرة فقدت ستة من أبنائها الأسبوع الماضي في العين، هذا حال معظم البيوت في الإمارات، والسؤال يبقى هو··هو: إلى متى تبقى الحوادث المرورية السبب الرئيسي لحالات الوفاة في الإمارات؟ كان الله في عون كل من عرفهم، فالفاجعة أكبر من أن تحتمل و''إنا لله وإنا إليه راجعون''· إبراهيم الأحمد Ibrahim_alahmed@emi.ae