الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خبرة الأعمال... لا تصنع رئيساً

9 سبتمبر 2012
الرؤساء الجيدون يحتاجون إلى خبرة في مجال الأعمال، أليس ذلك صحيحاً؟ كلا، ليس صحيحاً. فمن بين كافة النقاط التي يمكن الجدل بشأنها في الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري هذا العام، يمكن القول إن هذه النقطة تحديداً هي أسهل نقطة يمكن نقضها. وقد بدا ذلك بشكل واضح خلال المؤتمر العام للحزب الجمهوري، الأسبوع الماضي، عندما بدأ المرشح الجمهوري ميت رومني، وهو مدير سابق لإحدى الشركات التجارية العاملة في مجال الأوراق المالية، يقارن بين سجله المهني وسجل الرئيس المنتهية ولايته أوباما، حيث قال: "لقد تولى أوباما مهام منصبه دون أن يكون حائزاً على أبسط المؤهلات التي يحوزها معظم الأميركيين، والتي تعتبر أساسية للقيام بمهام وظيفته، ألا وهي الخبرة في مجال الأعمال... فأوباما ليس لديه أدنى خبرة في هذا المجال". ومن الزيف القول بأن الخبرة السابقة في مجال الأعمال تعد شرطاً ضرورياً لنجاح الرئيس أو لصناعة رئيس ناجح. فمنذ عام 1900 وحتى العام الحالي كان خمسة رؤساء أميركيين فقط من بين عشرين رئيساً الذين تولوا حكم البلاد خلال هذه الفترة، لهم خبرة سابقة في مجال الأعمال، وهم : هوفر، وترومان، وكارتر، وبوش الأب، وبوش الابن. هذه القائمة لا تضم الشخصيات التي يرى الأميركيون دائماً، وبشكل روتيني، أنها تمثل أفضل الشخصيات التي تولت منصب الرئاسة في أميركا في القرن العشرين، والتي يأتي على رأسها تيودور روزفلت وفرانكلين روزفلت، ودوايت أيزنهاور، وجون إف.كنيدي، ورونالد ريجان. ومن بين الخمسة رؤساء من ذوي الخلفية في مجال الأعمال الذين ذكرناهم، لا يمكن ضم أحد منهم لقائمة الرؤساء الذين تركوا بصمة على منصب الرئيس في الولايات المتحدة، باستثناء ترومان الذي يمكن أن يجد بالكاد مكاناً ضمن العشرة رؤساء الأوائل خلال ذلك القرن، وهو ما يرجع إلى أنه كان أسوأ رجل أعمال بين الرؤساء الخمسة المذكورين. أما أفضل رجل أعمال من بينهم فهو"هوفر" الذي يظل رمزاً لعدم الكفاءة والفشل بسبب الطريقة الخرقاء التي تعامل بها مع انهيار سوق الأسهم والسندات عام 1929، والذي دشن للكساد الكبير. قبل ذلك التاريخ كان هوفر قد نجح في كسب الملايين من خلال التجارة في سوق التعدين العالمي، حيث كان معروفاً بأنه رحالة لا يشق له غبار، لديه الاستعداد للسفر عبر العالم بحثاً عن فرص تجارية مربحة. وقد وجد هوفر مثل هذه الفرص بالفعل حيث تمكن بعد أن قطع 5000 ميل عبر الغابات الأسترالية من الحصول على منجم ذهب اشتراه بمليون دولار فقط، وكسب من ورائه 65 مليون دولار. ويذكر هوفر في مذكراته "السعادة الغامرة التي كان يشعر بها وهو يؤسس مشروعاً منتجاً خلال تلك السنوات المبكرة"، وهي عبارة ذكر رومني شيئاً قريباً منها في خطابه أمام مؤتمر الحزب الجمهوري. كان رومني يغلق أو يقلص من حجم المشروعات التي لا تحقق أرباحاً، وفي سياق ذلك يستغني عن العديد من العمال والموظفين، خصوصاً عندما كان رئيساً لشركة "مين كابيتال". وشيء مثل هذا كان يفعله هوفر. فعندما أضرب بعض عمال مشروعه في أستراليا، لم يتردد في الاستغناء عنهم واستيراد عمال إيطاليين ليحلوا محلهم. ورغم أنه حاول أن يبدو عطوفاً عندما عبّر في مذكراته عن الحزن لقيامه بالاستغناء عن محاسب عمل معه وقتاً طويلاً، وكان في الـ 72، فإنه كتب لصديق له حينذاك يقول: "لكني فعلت ذلك مضطراً، إذ كان يجب علي وضع أمور الشركة في نصابها". وبالمقارنة مع "هوفر"، لم يكن ترومان رجل الأعمال الذي يمكن النظر إليه بجدية، حيث كان كل ما استثمره عبارة عن 15 ألف دولار في محل للملابس بمدينة كانساس، تعرض للخسارة مرتين مما اضطره لإغلاقه. أما رجال الأعمال الآخرين الذين أصبحوا رؤساء للولايات المتحدة، وهم كارتر وبوش الأب والابن، فكانوا أفضل كثيراً من ترومان، لكنهم كانوا رؤساء أسوأ بكثير من غيرهم رغم نجاحهم النسبي في مجال السياسة الخارجية. فقد عمل كارتر في مجال بيع الفول السوداني، وفي مجال التجارة في بالات القطن، وفي مجال الإيجارات العقارية، وانتهى به الحال إلى بيع الأسمدة وبوالص التأمين بالإضافة للفول السوداني. أما بوش الأب فعمل في المجال النفطي وحقق نجاحاً في مجال الاستكشاف والتنقيب في الحقول البحرية، وعندما وصل لسن الثلاثين من عمره كان قد أصبح مليونيراً. أما سجل ابنه جورج دبليو بوش فكان مزيجاً من النجاح والفشل ولم ينقذه سوى اسم عائلته بعد أن خسر حوالي مليون دولار في مشروع نفطي. وفي فترة تالية حيث سجل اسمه كاستشاري في مجال عقود حفر الآبار المغري في الشرق الأوسط، كسب عدة ملايين من خلال شركة "تكساس رنجزر"، قبل أن يبيع نصيبه منها عام 1998 قبيل توليه الرئاسة. ويقيم الأميركيون بوش الابن كسياسي يتراوح بين السيء والمتوسط. الديمقراطيون، على عكس الجمهوريين، جعلوا من رئيس سابق متحدثاً رئيسياً في مؤتمرهم، وهو بيل كلينتون. لم يكن كلينتون رجل أعمال، لكنه كان سياسياً جيداً بحق. لذلك فعندما يتعلق الأمر بأوباما، فإنه يجب على الجمهوريين التوقف على العزف على نقطة افتقاره للخبرة في مجال الأعمال والتجارة. فريجان لم يبن مشروعات تجارية، لكن 90 في المئة من الجمهوريين يقيمونه على أنه رئيس جيد بينما لا تزيد نسبة الجمهوريين الذين قيموا بوش الابن على أنه كذلك عن 46 في المئة من الجمهوريين في استطلاع للرأي أجرته مؤخراً مؤسسة "جالوب". جوناثان زيمرمان أستاذ التاريخ والتربية بجامعة نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©