الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاحتجاجات الاجتماعية في الضفة

9 سبتمبر 2012
توقف سائقو التاكسي عن العمل في عدد من مدن الضفة الغربية لمدة ساعتين خلال وقت الذروة صباح الخميس الماضي، مما عطل حركة سير المرور احتجاجاً على ارتفاع أسعار الوقود. وهذا الإضراب هو أحد الاضرابات ضمن موجة من الاحتجاجات التي تندد بالغلاء وارتفاع الأسعار في مختلف أرجاء الضفة الغربية. وقد صبت المظاهرات جام غضبها على رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية الدكتور سلام فياض، الذي لقي دعماً قوياً من قبل الغرب والولايات المتحدة، وذلك للجهود التي يبذلها في سبيل القضاء على الفساد وإصلاح الاقتصاد الفلسطيني. ويجسد سائق التاكسي عطاف أبوعلي، مدى المعاناة التي يعيشها سكان الضفة الغربية جراء ارتفاع تكاليف المعيشة، في ما خطّه بيده على سيارته، والذي نصه: "السيارة للبيع مع صاحبها". معدداً ما تحويه القائمة من المصاريف التشغيلية التي يجيء الوقود على رأسها، يقول أبو علي: "من المستحيل العيش على دخل هذه السيارة". وحاول اثنان من سكان الضفة الغربية الانتحار حرقاً وإشعال النار في جسميهما، تعبيراً عن مدى المعاناة المعيشية، لكن أنقذهما التدخل من جانب الحاضرين. كما توفي شخص خلال الأسبوع الماضي في قطاع غزة بعد أن ضحى بنفسه نتيجة الظروف المعيشية القاسية. وأثار ارتفاع أسعار الوقود موجة من الاحتجاجات في الضفة الغربية، خاصة بعد زيادة التكاليف في إسرائيل التي تشتري منها السلطة الفلسطينية احتياجاتها من الوقود. كما أن المتظاهرين غاضبون أيضاً من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك منتجات الألبان وغاز الطبخ، والتي يتم استيرادها هي الأخرى من إسرائيل لتباع بأسعار مشابهة لأسعارها، رغم تدني متوسط دخل الفرد في الضفة مقارنةً بإسرائيل. ويُذكر أن الأسعار عاودت الارتفاع مرة أخرى، إثر زيادة ضريبة القيمة المضافة المفروضة على السلع الاستهلاكية بنسبة 1 في المئة بعد ارتفاعها بذات النسبة في إسرائيل. وأكد سامر حليلة، الاقتصادي والرئيس التنفيذي لـ"الشركة الفلسطينية للتنمية والاستثمار"، أن ارتفاع أسعار الوقود وتطابق زيادة الضريبة، خطوة لم يحالفها الصواب. وقال: "يترتب علينا الموازنة بين القدرات الشرائية للناس حتى يكونوا قادرين على الحياة، وبين التزامات الحكومة حتى تكون قادرة على الاستمرار. وليس من الممكن فرض الزيادات على الناس دون توقع رد فعل مماثل منهم". ونصت الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في عام 1994، كجزء من اتفاقيات أوسلو، على حماية معظم اقتصاد فلسطين من الاعتماد على إسرائيل، عبر إيجاد اتحاد جمركي يقر بعدم وجود حدود اقتصادية بين المناطق الفلسطينية والإسرائيلية والحدود الخارجية التي تقع تحت سيطرة إسرائيل. لكن المتظاهرين خلال احتجاجات هذا الأسبوع، طالبوا بإلغاء تلك الاتفاقية المعروفة بـ"بروتوكول باريس". وقد اتجه فياض إلى زيادة الضرائب وتوسيع دائرتها، في محاولة منه لرفع العائدات الحكومية وتقليل الاعتماد على المنح الخارجية التي تقلصت مساهماتها، مما نتج عنه افتقار السلطة الفلسطينية للسيولة النقدية. كما لم يتلق موظفو الخدمة المدنية أجورهم لشهر يوليو الماضي إلا في الأيام القليلة الماضية، في وقت ارتفع فيه معدل ديون السلطة الفلسطينية لدى البنوك المحلية التي اقترضت منها ولدى مؤسسات القطاع الخاص التي تعاقدت معها بغرض تنفيذ مشاريع حكومية. وفي غضون ذلك، بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية نسبة قدرها 20 في المئة. وتلا "فراس براويش"، أحد المتظاهرين في "ميدان المنارة"، قائمةً من الشكاوى ضد حكومة فياض، ومن ذلك فشلها في توفير الوظائف من خلال تطوير قطاع الزراعة وإنشاء المصانع، وفشلها في حماية المنتجات المحلية من المنافسة الخارجية، بالإضافة إلى عدم فرض حد أدنى للأجور. وقال براويش: "نطالب الحكومة ببناء اقتصاد فلسطيني قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي". ولم تقتصر المعارضة على أفراد الشعب العاديين فحسب، بل تجاوزتهم إلى مجتمع رجال الأعمال أيضاً، حيث يقول بسام باحور، المستشار الإداري من مدينة رام الله: "أدت سياسة الاعتماد على المنح إلى جر هذا الاقتصاد نحو حافة الانهيار. ولا تنحصر القضية في الامتناع عن فرض مزيد من الضرائب على الناس، ولكن أيضاً في القضاء على حالة الاحتلال الإسرائيلي، والسماح للقطاع الخاص بأداء نشاطه الحقيقي". وجاء في تقرير نشره "البنك الدولي" في شهر يوليو الماضي، أن تطوير القطاع الخاص وحده القادر على توفير الوظائف التي يتطلبها النهوض باقتصاد فلسطين والوصول به إلى مرحلة استدامة النمو، إلا أن القيود التي تفرضها إسرائيل على الحركة، والتي تقف عقبة في طريق الوصول إلى الموارد، هي التي تشل الاستثمار وحركة الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية. ويقول محمد أشتية، رئيس المجلس الفلسطيني للتنمية والإعمار: "ليس هناك حل لهذه المشكلة سوى الحل السياسي، وهو إما أن تنهض إسرائيل مجدداً بمسؤوليتها كقوة محتلة وتتعهد بتأمين خدمات مثل التعليم والكهرباء... ما يعني نهاية السلطة الفلسطينية، أو أن تُنهي احتلالها لفلسطين وتعطي الحرية لأبنائها لتسيير شؤونهم الخاصة. وليس في مقدور الاقتصاد الفلسطيني البقاء تحت مثل هذه الظروف التي يعيشها في الوقت الراهن". جويل جرينبرج رام الله ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©