الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كينغستون وهوامش الحياة

كينغستون وهوامش الحياة
22 سبتمبر 2011 02:01
“أنا أحب بهامش واسع لحياتي”، هو عنوان لمذكرات أو رواية بلغة شعرية، تصدر هذه السنة، للكاتبة الأميركية ـ الصينية ماكسين هونغ كينغستون التي ولدت في السابع والعشرين من أكتوبر عام 1940 لمهاجرين غير شرعيين، والمقيمة الآن في الولايات المتحدة الأميركية وتعمل أستاذة فخرية في جامعة كاليفورنيا. وبحسب ما أذيع عن كتابها فإنه يحمل مقاربة جديدة بين الفن والكتابة الأدبية وبين حياة الكاتبة، دوائر من الحاضر إلى الماضي، من تناول طعام الغداء مع أصدقاء إلى جنازة أحد المحاربين القدامى في فيتنام، وإلقاء القبض عليها في مسيرة السلام في واشنطن، حيث كانت تحتج في مظاهرة قادتها بنفسها على الحرب على العراق في سنوات جورج دبليو بوش، فتقاسمت الزنزانة مع أليس ووكر وهو كاتب معروف. يحمل الكتاب “أنا أحب بهامش واسع لحياتي” مقاربة أخرى تحملها إلى الصين في رحلة تأمل، ومع فجر وعهد الصين الجديد الذي تراه يتفتح ويصبح أكثر إشراقا وتقدما، وهو نفس الهاجس الذي يربط روايات كينغستون ببعضها منذ رواية “رجال من الصين” عام 1980 مرورا بكتاب “من خلال الستار الأسود” عام 1987، و”الكتاب الخامس للسلام” وهو في عدة أجزاء عام 2003، إلى هذه الرواية التي لم تخل من انتقاد حاد خصوصا من بعض أعضاء الجالية الأميركية الصينية حيث كتب عنها أنها اخترعت وهم الثقافة الصينية الأميركية، كما ادعى بعض النقاد أن كينغستون لوثت نقاء التقاليد والأعراف الصينية، بإعادتها تفسير وتبرير الأساطير والقصص الشعبية الصينية، لكن آخرين رأوا في كتاباتها نموذجا جديدا وجدليا وحديثا للكتابة وإعادة صياغة الموروث الصيني الشعبي، كما ذكر أحد النقاد أن كينغستون بدت في هذا الكتاب ـ الذي يأتي قبل احتفالها بعيد ميلادها الـ 65 ـ وكأنه تأمل رثائي بشأن الشيخوخة، ولذا جاء النص وكأنه قصيدة طويلة تمر على شريط ما تبقى من ذكريات متنوعة مع الكتابة والحياة والغربة والتدريس في الجامعة، ذلك الشعور الذي تصفه الكاتبة بأنه حالة توتر بين الحفظ والمحو في أزمنة النضال. وقالت الكاتبة في لقاء صحفي أجري معها ونشرته صحيفة “ستانفورد دايلي” إن هذا العمل هو “تتويج لكل أعمال حياتي” وإنها من خلاله أجابت على كل الأسئلة المتعلقة حولها وحول كتبها السابقة، وإنها تجربة صعبة ولكنها شيقة، إذ تحتفل تجربة الكتابة الروائية بالواقع بديلا عن الخيال. وقد يبدو للقراء أن عامل الزمن والعمر وشعور كينغستون بأنها كبرت واضحا في كتابها وفي لغته الشعرية الحزينة أحيانا ومن خلال بعض حواراتها حيث قالت إن لديها رغبة في أن تعيش إلى أن تبلغ 100 عام مثل والدتها وجدتها أيضا، وتماما مثل مقولة هنري ديفيد ثورو في “العيش بشكل متعمد” تقول كينغستون إنها تعتزم “الموت عمدا”، وهو نفس اللقاء الذي أجابت فيه كينغستون عن سؤال لأحد المتابعين عن أي شيء يمكن أن نكتب؟ فقالت وهي مبتسمة “اكتبوا اكتبوا كل يوم حتى لو عبارة واحدة أو كلمة واحدة كل يوم، فقد تصبح هي أهم ما يكتب في حياتكم”. اشتهرت كينغستون بقراءتها العميقة للأدب الأميركي الحديث، وأبدت إعجابها بكثيرين من خلال حواراتها مع المجلات الثقافية الأميركية من أمثال والت ويتمان الذي كان ملهما لها ومؤثرا في أعمالها وخصوصا ديوان “أوراق العشب”، وفرجينيا وولف التي جعلت من حروفها أن تعيش مئات السنوات بنفس طاقتها وقوتها على حد وصفها، ووليمز كارلوس وليامز الذي اكتسبت منه معنى أن تكتب دون تصنيف أو عرقية بل ودون حسابات زمنية أو مكانية لكن بأن تصبح أكثر إنسانية. حازت كينغستون خلال مسيرتها الإبداعية العديد من الجوائز على أعمالها الأدبية مثل جائزة الإنجاز مدى الحياة الأميركية الآسيوية عام 2006، ولا تنسى الكاتبة دوما أنها حازت أول جائزة في حياتها وكان عمرها آنذاك 14 عاما عن مقالة تحت عنوان “أنا أميركي” وكان مقدار الجائزة خمسة دولارات من مجلة “فتيات الكشافة”، كما أنها حازت في العام 2008 ميدالية للعطاء المميز في الآداب الأميركية والتي تمنحها المؤسسة الوطنية للكتاب، والتي تقدم سنويا لكتاب الأدب الأميركي وتحصل عليها كينغستون لأنها صينية أميركية ومن مواليد أميركا، وعن روايتها “رجال من الصين” حازت الكاتبة جائزة الكتاب الوطني عام 1981 والتي تناولت الجنس والعرق وكيف أن هذه المفاهيم تؤثر في حياة المرأة وتفكيرها. ويذكر أن كينغستون قد بدأت بأول كتاب مطبوع عام 1975 ثم في العام الذي يليه 1976 كتبت مذكرات “بنت بين الأشباح” و”من خلال الستار الأسود” عام 1987 و”كتابة وهمية” و”قدامى المحاربين في السلام والحرب” عام 2006، وينتظر أن تحقق روايتها الجديدة صدى كبيرا في الأوساط الأدبية لما حظيت به كينغستون من سمعة جيدة ومتعة تقدمها من خلال أعمالها، خصوصا أن كتابها الأخير يحمل تشويقا وتجربة عميقة ويشكل خلاصة تجربتها في الكتابة والحياة. يتذكر القراء الأميركيون لماكسين هونغ كينغستون كتابها “المرأة المحاربة” عن التغيير في الصين، راوية فيه طفولتها بصياغات أسطورية، وصفتها صحيفة “نيويورك تايمز” بأن كتابتها هي “قصيدة تحولت إلى سيف”. وتعتبر ماكسين هونغ كينغستون من المؤسسات للأدب المتعدد الثقافات في الولايات المتحدة الأميركية، والذي يتجاوز التقسيمة الأولية القائمة على أساس أميركا البيضاء والسوداء. وقد ظهرت بشائر هذه الموجة الجديدة مع كتاب ماكسين “المرأة المحاربة” الذي تصدر قائمة الكتب الأكثر رواجاً في عام 1976. وهو مذكرات خيالية إلى حد كبير تجرأت على التكلم بطريقة جديدة كليا. وحيث كانت تملأ الرواية أشباح الأسلاف الصينيين، فإنها حطمت جميع القواعد، وخلطت الأحلام بالواقع، وتلاعبت بحرية بالهويات، ووضعت قَدماً ثابتة عبر الخط الفاصل الثقافي. تقدم ماكسين في “المرأة المحاربة” حكايات عن بنات جنسها في بلادها الأم، بداية من قسوة التدريب المهني للمرأة المتدربة بالسيوف ومحاربة التنين والأشباح في الجبال، إلى مشاهد مروعة من وأد البنات وتقييد الأقدام والرجم حتى الموت في وقت الحرب للمشتبه في خيانتهم. تعود كينغستون في كتابها إلى الصين وإلى قرية والديها وتقول “كنت أستغرق يوماً ونصف اليوم للوصول إليها منذ عشرين سنة ومنذ سنتين استغرقت أربع ساعات على الطريق السريع، وأصبح لديهم تلفزيونات وهواتف محمولة ومياه وكهرباء ولكن مازال ابن عمي يزرع باستخدام الساقية. وأعلم أنهم في الغالب سيقومون ببيع الساقية وشراء أجهزة”. تتحدث كينغستون نفسها كواحدة من الهيبيز القدامى. فهي واحدة من مجموعة “كود بينك” أو “نساء من أجل السلام” وتقول عن المظاهرات التي شاركت فيها ضد الحرب على العراق: “لقد كانت أكثر المظاهرات التي شاركت فيها سلمية، فقد كانت حقيقة بلا عنف، واستطعت أن أشعر بالحب بيني وبين النساء بجواري وأقسم بأن الهواء تحول إلى اللون الزهري، وقد حصلنا على أكثر الاعتقالات لطفاً”. ولديها رصيد من الضحك في هذا اليوم الدرامي فقد قال الشرطي “ستقتلني زوجتي إذا علمت بأنني اعتقلت أليس ووكر”، ولاحقاً ساعدتها ووكر على الخروج. تتميز كينغستون بشعر أبيض وصوت عذب، وتقول بفخر “أعتقد أنني كنت في السادسة عشرة من عمري عندما وجدت أول شعرة بيضاء في رأسي”. وتضيف “لقد قابلت امرأة شابة ولها نفس شعري الأبيض واكتشفت أنها من نفس القرية التي أتت منها والدتي”. وحين تُسأل، هل فكرت في قتل نفسها؟ ترد “نعم، لقد شعرت بالرغبة في الانتحار، نعم وشعرت بالاكتئاب والحزن وأشعر بالرومانسية للموت، عندما يموت شخص ما أحبه أشعر بالرغبة في الذهاب معه لمنع ذلك ثم أقوم بعمل قائمة لأسباب بقائي وأحصل على قائمة بسبعة أسباب حينما أقرأها لاحقاً أشعر كأنها قائمة مهام ثم أقول لنفسي طالما لديك قائمة مهام فلديك أسباب للعيش”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©