الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إقامة في المتخيل السردي

إقامة في المتخيل السردي
22 سبتمبر 2011 02:02
تحت عنوان “العلامة والتواصل/ في سيميائيات السرد القصصي الإماراتي” صدر للدكتور رسول محمد رسول كتاب جديد عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، ويأتي بعد ثلاثة كتب أولهما “صورة الآخر في الرواية الإماراتية”، والثاني تحت عنوان “تمثيلات المرأة في الرواية الإماراتية”، والثالث عن “الجسد في الرواية الإماراتية”، وإذا كانت الكتب الثلاثة الأولى عن الرواية، فالكتاب الأخير يخوض في فن القصة القصيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعن سبب احتفائه بالقصة القصيرة يقول المؤلف: لم تنل القصة الإماراتية نصيبها الوافر من الاهتمام النقدي، لا بمعناه التقليدي، ولا بمعناه الحداثي، خصوصا ذلك الاهتمام القرائي الذي يتعامل مع النصوص القصصية الإماراتية وفق المنهج السيميائي (semiotics method) الذي يدرس العلامات في العمل الابداعي، من خلال برامجه الرئيسة، كالبرنامج الحكائي، والبرنامج التواصلي، والبرنامج السردي والبرنامج الخطابي، وبقية البرامج الأخرى. ويبدو واضحا أن الكاتب مهتم بدراسة النصوص القصصية الإماراتية سيميائيا، وعنوان الكتاب “العلامة والتواصل” إنما يشير إلى منهج بذاته كان قد توسله متعمدا في قراءة العلامة أو مجموعة العلامات المدسوسة في المتخيل السردي، من ثم فك شفراتها وتأويلها وكذلك الكشف عن قدرة هذه العلامات في خلق مجال تواصلي مع القارئ، اما عن سبب اختياره للمنهج السيميائي في قراءة النصوص فيقول الكاتب “لقد انبثقت السيميائية من اللسانيات أو من الأنموذج اللساني، ولكنها ـ وفي خلال القرن العشرين ـ أبحرت إلى حقول معرفية كثيرة حتى تموقعت فيها، وصار عدد غير قليل من الفلاسفة والمفكرين والنقاد والكتاب والمبدعين يخوضون غمار البحث فيها وأيضا الكتابة بمقتضياتها الفكرية والجمالية والفلسفية، حتى صارت أعمالهم تستبطن وعيا سيميائيا، وصارت الكتابة عندهم منقوعة في ماء السميأة أوالسمطقة (semiosis)، وهي تتصدى لتمثيل (Representation) حضور صور الحياة الذاتية والموضوعية للإنسان وصور معطيات العالم الخارجي بكل ما فيه من علامات وأجساد، تمثيلا إبداعيا متخيلا”. وعند التوقف إمام مقولة الكاتب إن السيميائية انبثقت من اللسانيات، لا بد الإشارة إلى إن العلامة اللغوية هي جزء من علم أوسع يهتم بدراسة أنواع العلامات وهو علم السيميولوجيا الذي بشر به “دي سوسير” ذاته، كما أن “شارل سندرس بيرس” كان قد توصل إلى أنواع العلامات (الأيقونة، الدليل/ المؤشرة، الرمزية) من باب آخر غير باب اللسانيات وهو باب المنطق ووجد أن العلامة اللغوية تنتمي للعلامة الرمزية. تناول الكاتب نصوصا مختلفة لأهم كتاب القصة القصيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قرأ تجليات العلامة والجسد في قصة “من زوايا الذاكرة” للقاصة شيخة الناخي، وفيها يقرأ الكاتب بعض العلامات المتمثلة من مثل المكان والجسد وكذلك الشخوص الفاعلة وما يطلق عليه أهواء الفاعلين أو الشخوص، ثم ينتقل الكاتب إلى قصة “الحفلة” للقاص عبدالله صقر، ويقرأ فيها مجموعة أخرى من العلامات من مثل العلامات الجسدية والفاعلون ومسرح العرض ومدير العرض والجمهور وغيرهم. وللكاتب طريقة في القراءة حيث يمثل العلاقات التواصلية من خلال الجداول والمخططات التوضيحية، ورغم كثرة العلامات الموجودة في النص إلا أن الكاتب كان مهتما بفعلها الاتصالي ولم يعر اهتماما لنوع هذه العلامات وإلى مداليلها السطحية أو العميقة فيما إذا كانت تنطوي على تلك المداليل. يقرأ الكاتب أيضا ما يسميه علامات الرعب المتخيل في قصة “الاختبار الخاطئ” للقاص جمعة الفيروز، حيث يقرأ جملة من العلامات الشعورية والحسية والنفسية، لرجل يحبس خطأ وما يتعرض له من رعب ابتداء من لحظة القبض عليه في بيته ونقله في سيارة الشرطة وبقائه في المعتقل حتى خروجه من السجن بعد أن تم القبض على المتهم الحقيقي. ثم يتناول الكاتب ما يسميه سيميائية النفور في قصة للروائي علي أبو الريش تحت عنوان “ذات المخالب”، يبني الكاتب خطابه النقدي مقترحا عدة برامج سيميائية منها برنامج التواصل بين (ذات المخالب) وهي كناية هن القطة وأفراد العائلة كافة، ومن ثم برنامج التضاد، وهو عكس برنامج التواصل وأخيرا برنامج الاحتجاج، ثم برنامج الاختراق، والأخير يعتمد مجموعة من الفضاءات التي تم اختراقها بفعل منظومة من الأفعال المتبادلة بين القطة وأفراد العائلة مما سرع في زيادة الهوة بين هذا الحيوان الأليف والعائلة. وفي تحليله لقصة “شغب القائلة” للقاص ناصر الظاهري، يقترح الكاتب مقاربة تحت عنوان “قيامة الرغبة وسيميائية الأهواء”، ويراه الأكثر تمثيلا لما يعرف بآليات سيميائية الأهواء، وهي آليات تدرس الأهواء بوصفها علامة على ضميمة من المشاعر والأحاسيس والأمزجة والانفعالات التي تدخل في حياة النص، يتناول الكاتب الخط الحكائي والشخوص الفاعلون والأمكنة والعلامات الجسدية، والنص يكشف عما يمور فيه قاع المجتمع من مفارقات وشخصيات تكشف الأنساق الغائرة في مجتمع يتعايش فيه المغترب والمحتال وكل يحاول تأمين احتياجه الجسدي من طعام أو جنس بطرق غير مشروعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©