الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

كريم معتوق: علاقة الصحافة بالمبدع المحلي مد وجزر

18 ديسمبر 2006 01:10
حوار- ريم البريكي: يقال إن الشاعر مهووس بقلب الصورة ـ الواقع ـ من حوله وتحويلها إلى عالم هادئ بالألوان والحلم والموسيقى، فالكلمة عنده بحر من الجمل تصور عالما يعيش في خياله وحده، الشاعر كريم معتوق واحد من أبرز الشعراء الإماراتيين الذين سلموا اللجام لجواد الشعر ليحلق بجناحيه معانقا سماء الأدب فتميز بخط واضح في كتابته للشعر، حتى غدت قصائده تعرف عنه· ''الاتحاد'' التقته وكان الحوار التالي: ؟ كريم معتوق شاعر نجم، ولكن هناك ضبابا ما يحول بينه وبين قارئه الشغوف لسماع جديدة، هل هذا الاختفاء قسري أم اختياري؟ ؟؟ ساحة الإمارات الإعلامية من أفضل وأوفر الساحات مساحة للمبدع في الإمارات، وهذه ميزة يحظى بها الأقلية من مبدعين الوطن العربي، من هنا فإنه من النادر الحديث عن غياب قسري عند أي مبدع، دون أن أنسى الاشارة إلى أن هامش الحرية كبير للكتابة· أما عن الغياب فهو اختياري بالطبع، بدأت أشعر منذ فترة أن الساحة لا تمثل المبدعين الحقيقيين وذلك لغياب الكثير من الأسماء التي كانت تحرِّض بعضها بعضا للكتابة والعطاء، كما أنه غابت عنا الدهشة والفرحة حين ننشر شيئاً، وهذا هو حال أغلب المبدعين في الإمارات· الرواية ؟ بعد نجاحك في الشعر كتبت الرواية وتوقفت، أتعتقد أن الرواية لاتلبي حاجتك للتعبيرعن حرقة الداخل وتحولات الخارج؟ ؟؟ كتابة روايتي الأولى ''حدث في اسطنبول'' كانت أقرب إلى الخدعة فلم أتوقع أن أكتب الرواية في يوم ما وقد قمت بخداع نفسي بأنني سأكتب قصة قصيرة فقط ولكن الأحداث سرقتني فكانت الرواية، ورغم أنني قد حرمت كتابة الرواية مرة أخرى وذلك للجهد الكبير وللشد العصبي الذي يرافق كتابة الرواية، إلا أنني وقعت في الخديعة مرة أخرى وأكتب رواية أخرى لم أقم بنشرها لغياب الدهشة إنني على يقين أن الرواية هي الفن الأكمل والأشمل للتعبير المكتنز بالتاريخ والصور والأحداث والأفكار وحرقة الداخل وتحولات الخارج، ولكنني لم أدرب المبدع في داخلي على الصبر لأيام ولشهور لتكتمل الأفكار، هكذا درَّبت نفسي على إطفاء الحرائق بداخلي خلال دقائق وأحياناً لساعات فقط· ؟ كريم معتوق طفل كبير مشاغب، المشاغبة هل هي سمة من سمات الشعراء أم أنها خصوصية ينفرد بها معتوق مع قلة من الشعراء؟ ؟؟ أعتقد أن سؤالك يحمل إجابة كاملة مختصرة، فحين نعود إلى الشعر العربي قديماً نجد عنترة العبسي يقول أرق الشعر على وقع الجثث أمامه ولون الدماء، بينما يذوب قيس بن الملوح رقة حين يقول شعره، وكلاهما شاعر ولكن اختلفت الطبائع بينهما، فليس من المسلم به أن يكون الشاعر رقيقاً أو عنيفا ليقال عنه شاعر، الشاعر هو بصمة مستقلة· ؟ إذا أخذنا كلامك هذا على الشعر فهل ينطبق القول نفسه على القصة والرواية وهل يمكننا القول إن لكل منهما بصمة مستقلة أسوة بالشعر؟ ؟؟ لحد ما نعم، وأقول لحد ما لأن كتابة الرواية تحتاج إلى تكتيك مشترك عند كتاب الرواية فهناك قواسم مشتركة تقلل من إمكانية بروز هذه البصمات عند الراوي، فمن القليل جدا أن نقرأ رواية دون أن نعرف صاحبها ومن كاتبها ، وهذا ماينطبق على القصة القصيرة، أما الشعر فبالامكان من مقطع صغير التعرف على صاحبه والمرحلة التي كتبت فيها قصيدته· القصيدة ؟ هل تأتي القصيدة لدى معتوق مباغته، أم تولد في حلم اليقظة ثم تنشأ كمعمار إبداعي شيئا فشيئا حتى تكتمل دورتها الكونية؟ ؟؟ القصيدة في الغالب تأتي كحركة زلزال خفيف تضرب الشاعر وهناك تفاوت فأحياناً تأتي القصيدة متسارعة وما على الشاعر إلا كتابتها، وأحياناً يأتي إحساس بأن هناك قصيدة قادمة كما تستشعر الفئران بقدوم الزلازل قبل وقوعها· وحين تأتي القصيدة كما تريد هي فإنها تأتي بأفكارها وصورها وألفاظها حتى يعجب ويندهش الشاعر على بعض المعاني والألفاظ ولا يعرف كيف قالها وينبهر بها قبل أن ينبهر بها القارىء· وأحياناً تكون بتخطيط مسبق وبقرار ولكن في هذه الحالة حتى تكون القصيدة جميلة يجب أن تغيب الصيغة تماماً وهذا ما لا يتقنه إلا القلة· ؟الكثيرون يقولون أن القصيدة وليدة امرأة محبة أو جاحدة مارأيك ؟ وأين الشاعر من القضايا الجوهرية الأخرى ؟ ؟؟ القصيدة وليدة امرأة محبة ولكنها قادرة على إنجاب القصائد عند المبدع وهذا ما يميز امرأة عن أخرى، وكذلك امرأة جاحدة قادرة على أن تجعل لجحودها منبعاً للشعر عند الشاعر، وهناك امرأة عابرة قادرة على أن تنجب القصائد أكثر مما تستطيع أن تنجبه الزوجة في ذات الشاعر أحياناً وكذلك الوطن بأفراحه وأتراحه، والأمة بانكساراتها الكثيرة وانتصاراتها القليلة قادرة أيضاً··إذا لا يوجد كتالوج محدد لشروط ولادة القصيدة عند الشاعر· الساحة الثقافية ؟ للساحة الثقافية في أي بلد دور كبير في نشوء وارتقاء الأدباء، في الإمارات هل لعبت الساحة الثقافية هذا الدور كما هو مطلوب منها؟ ؟؟ الصحافة في الإمارات كما أشرت سابقاً لعبت دوراً كبيراً بتعريف الشاعر للقراء، وكانت تهتم بكل صغيرة وكبيرة عند المبدع، والصحافة عموماً لعبت أدواراً متعاونة عبر سنواتها الطويلة، ولا يمكن أن نغفل دورها الحقيقي في إثراء الساحة الثقافية، رغم أنه كانت هناك سنوات خصب وسنوات جفاف، وربما يكون للمبدع الدور الأكبر في هذا الشأن فمن خلال غيابه تجد صحافتنا نفسها مضطرة إلى الاهتمام بالثقافة العربية فقط· ؟ أنت هنا تلقي باللوم على المبدع الإماراتي، فهل تراه خاملا في توصيل رسالته الثقافية؟ ؟؟ نعم، فالعلاقة بين المبدع المحلي والصحافة أشبه بعلاقة المد والجزر، ففي الفترات التي ينشط فيها المبدعون المحليون نجد الصحافة الثقافية ملتصقة بالشأن الثقافي المحلي، ومعبرة عنه، وفي الفترات التي تسمينها خمولا أسميها أنا كسلا أو عدم رغبة بالنشر تضطر الصحافة إلى التوجه إلى الشأن الثقافي العربي، وهذا ما دعوته أن الصحافة بين مد وجزر لمتابعتها الأحداث الثقافية· ؟كتبت الشعر العمودي وكتبت قصيدة التفعيلة مارأيك في الشعر الحديث اليوم وهل الحداثة أضافت شيئا إلى القصيدة بشكل عام أم لديك علامات استفهام حول مفهوم الحداثة ؟ ؟؟ أنت تعيدينني إلى أوائل الثمانينات، حين كان سؤال الحداثة هو المقام الثابت بكل طرح ثقافي، أعتقد أن الحياة سائرة بالحداثين وبدونهم وبشعراء القصيدة العمودية وشعراء التفعيلة وكتاب قصيدة النثر، حيث أنهم سيموتون أخيراً وما يبقى بعدهم سيتناقله الناس، فالشعراء أيضاً من قبيلة الأموات، أما كتاباتهم فمنها من ضمن قبيلة الأموات ومنها لا ينتمي لتلك القبيلة· ؟الحداثيون يقولون إن الشعر التقليدي بات شيئا من الماضي والتحولات الجارية تتطلب من الشاعر البحث عن الجديد في هذا المضمار ؟ ؟؟ كما أشرت لك الحداثيون أيضاً سيموتون، مهما بحثوا وكتبوا وقالوا، الموت هو الحدث الذي يجمع جميع الشعراء· * بتصريحك هذا ألا تخشى من نقد الحداثيين ؟ علمتني التجارب أن من يكتبون الشعر الحديث هم غالبيتهم لا يجاهرون بالعداء،ولهم تعاملاتهم على مستوى راق جداً، من هنا لا أتوقع أن أجد نقدا منهم خاصة أنهم يعرفون أنهم سيموتون· ؟ أين تضع نفسك بين شعراء الإمارات؟ ؟؟ ببعض التحريف للمثل الشعبي (القرد بعين أمه غزال) أقول (الشاعر بعين نفسه المتنبي) ربما كان يشغلني هذا الأمر سابقاً كما كان يشغل الآخرين، أما الآن فقد اكتشف الجميع أن هرم الإبداع مقلوب فأصبحت القاعدة الهرمية تتسع للجميع، وإن كان لابد لي أن أضع نفسي بين شعراء الإمارات فأنا بينهم فعلاً·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©