تقدمت الفنون بشكل قوي وواضح، ابتداء من القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن الثامن عشر، ومن أكثر الفنون ازدهاراً صناعة الأثاث، والتي تنوع طرزها لتعبر صراحة عن طبيعة المجتمعات قديماً، فهي لم تكن سوى مرآة لهم، ولعاداتهم وتقاليدهم وأنماط حياتهم، والحضارة السائدة في تلك الحقبة، فالمشاهد لتفاصيل بعض أنماط الأثاث، يمكن أن يستشف منها القوة والعظمة والشدة، في مظهرها، وفي أنماط أخرى، يجد النعومة والرقة والبذخ من عناوين تصميم الأثاث.
هذا الاختلاف من مرحلة إلى أخرى في صناعة الأثاث، يتأثر تبعاً لللعادات والتقاليد والظروف الحضارية لكل طراز، فالكثير من مصممي الديكور الداخلي يتخذون من هذه الطرز دعائم ومنهجاً لهم، لينطلقوا في تلوين رحاب الأبنية المعمارية، ورسم ملامحها.
الشرقي المغربي والدمشقي، ومن بين هذه الطرز تشير مهندسة الديكور مريم الكويتي، بـ «ارتيسيا للتصميم الداخلي»، في بداية حديثها، حول مفهوم الطرز وأنماطها قائلة، إن الطراز ما هو إلا مرحلة فنية ثابتة يستمر زمناً طويلاً، وله خصائصه وسماته، ولا يبدأ الطراز في وقت محدد، ولكنه يمر بمرحلة انتقالية تبلغ سنوات عدة قد تزيد أو تقل، وفقا لطبيعة المجتمعات وأنماط حياتها، والظروف الحضارية السائدة حتى يتخذ المميزات الخاصة به.
ولكن ظهور الطراز الجديد لا يمنع من استمرار وبقاء الطراز السابق إلى جواره أو امتزاجه به، ومن أشهر الطرز السائدة التي يتبعها أغلب مصممي الديكور الداخلي نجد منها ما هو على النمط الحديث، ومنه ما يتحلى بمفهوم النمط الكلاسيكي، والنيو كلاسيك، من هذه الطراز نجد الشرقي المغربي، والدمشقي، وأيضا الأندلسي والباروك.
ولكل منها طابعها وسماتها التي تتميز بها دون غيرها.
الطراز الحديث
وتتابع مريم موضحة: الطراز الحديث، أو المودرن تميز في هذا العصر بالأنماط والخطوط الانسابية التي تمتاز ببساطة خطوطها المستقيمة في مجملها العام، وهي لا تحتوي على تفاصيل، وهي مبنية على قواعد وأساليب يراعى فيها الانتفاع الوظيفي في التصميم، حيث يتميز الأثاث الحديث بالراحة وخفض التكاليف مقارنة بالأنماط الأخرى، ويستخدم لها بعض الأقمشة التي يشترط فيها القوة والمتانة، والعمر الاستهلاكي.
وتضيف مريم: فيما لو عدنا إلى الطراز القديم الكلاسيكي، نجد أن النقش والحفر على الأثاث يدوياً، هو أبرز ما يميز هذا النمط من الديكور المصنوع من خشب الزان والبلوط والماهوجني، كما تُطعم النقوش برقاقات الذهب الفرنسي، ويمكن أن يعتق أو يدهن بالفضي وبعض تقنيات الدهان الأخرى.
ويميز هذا النمط من الديكور بألوانه الدافئة، كالأحمر الخمري الماروني، ويمكن اختيار الكنب بألوان متعددة كالذهبي المعتق، وبقيمة الكنب باللون الزيتي أو الماروني، أو دمجهما مع بعضها، أو يمكن اختيار اللون الأزرق الفاتح مع اللون الذهبي، أو اللون الباذنجاني مع اللون الأصفر، ويفضل الأقمشة المتينة لتوحي بالفخامة، ويمكن أن تدهن الجدران بأصباغ معتقة، وتكون منسجمة مع لون الأثاث، كما يتميز هذا الطابع بالثراء في قطع الأكسسوارات والتي غالباً ما تكون في صورة لوحات فنية، حيث تتميز برسومات الزهور، أو الطبيعة، أو تصور طبيعة الأحياء الشعبية في بيئة ما، وتكون ذات براويز فخمة من الذهبي المعتق مع وضع بعض الخداديات، أو الوسائد المنسوجة بتفاصيل غنية، وأيضا التحف.
تحفة فنية غنية
وتوضح مريم: ولا ننسى قطعة السجاد التي تعتبر بدورها تحفة فنية غنية لا يمكن أن تكتمل اللوحة الفنية بدونها، وهي آخر قطعة نحاول أن نبث فيها الحياة، من خلال تفاصيل ما تحمله من زخارف ونقوش مستمدة من كل عنصر من عناصر الديكور الداخلي، والمجتمعة في هذه القطعة البديعة من السجاد لتمنح المكان الثراء والفخامة، فالفكرة العامة مطبوعة ومدونة على صفحتها، وعملية تركيب هذه العناصر قاطبة لا بد أن تحكمها عنصر التمازج والتناسق لترتاح العين عند النظر إليها.
وتشير الكويتي قائلة: من الطرز الكلاسيكي، نجد الطراز الفرنسي الغني بنقوشه الناعمة ومفروشاته الفخمة من الأثاث مع ظهور أقمشة الجوبلان والأوبيسون، وغيرها من قطع الأثاث التي تعبر عن روح هذا الطراز، فيما نجد النيو كلاسيك يدمج القديم والحديث، ويظهر بطريقة متجانسة ومتناغمة.
ومن الطرز أيضا، نجد الطراز الشرقي، ومنها الطراز المغربي، والأندلسي، والدمشقي، فنجد الأخيرة اشتهرت بالحفر والتطعيم بالأصداف والمعادن، وتشتهر أكسسواراتها بأواني الزجاج المنفوخ والفضيات.
وأيضا نوعية الإضاءات، حيث يشتهر النمط الشرقي بالفوانيس، فيما نجد في الأثاث الهندي الجرأة في الألوان والمتانة في الخشب المحفور والمطعم بالنحاس.
لا لكثرة التفاصيل
وتلفت الكويتي قائلة: دائما الشكل الهندسي المعماري هو ما يحدد نمط الطراز إن كان كلاسيكياً أم حديثاً، وأيضا مدى توافر المساحة وارتفاع الأسقف، خصوصا في النمط الكلاسيكي حتى لا تظهر التفاصيل بطريقة متزاحمة ومزعجة، وبين تفاصيل توزيع الأثاث في الفراغ الواحد لابد أن يجد المرء في أحد الأطراف منطقة هادئة، مريحة للعين وبعيدة عن التشويش، وكثرة التفاصيل.
وتضيف: دائماً ما نؤكد أن مهندس الديكور الداخلي هو الذي يجب أن يطلع على مخطط البناء قبل المقاول.
وذلك لوضع التصور الداخلي للفراغات، من خلال عملية توزيع نقاط الكهرباء، والخصوصية التي يحتاجها المرء في إحدى فراغات المنزل.
وأيضا فكرة توزيع الأثاث، موضع التلفاز، وبعض التفاصيل الأخرى التي تكون غائبة عن صاحب المنزل، فتشكل معضلة في عملية التصميم الداخلي في بعض الأحيان، وتكلفة مبالغ أخرى، لمعالجة بعض عيوب البناء ومشاكلها.
عملية التخزين
تقول مهندسة الديكور مريم الكويتي: هناك بعض الملاحظات الصغيرة كعملية التخزين التي لربما الكثيرون يهملونها ولكنها ضرورية ومهمة، مثل مكان حفظ الأحذية، فكثيراً ما نصادف كومة من الأحذية أمام باب الفيلا، مما يشوه منظر المدخل، فوجود حيز بسيط أو ركن في الزاوية الداخلية للفيلا يمكن أن يصمم في حيزه دولاب لحفظ الأحذية بطريقة فنية رائعة، تمنح المكان جمالية أيضاً، وفي مجلس النساء يمكن تخصيص زاوية لدولاب معين بطريقة لافتة وجذابة لحفظ أغراض الزائرات بطريقة مرتبة، أو حتى الاستفادة من زاوية معينة لعمل دولاب مكسو بزجاج، أو غيره من الأفكار.
عدد اليوم
