الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزواج الجماعي في موريتانيا يصطدم بصخرة العادات والتقاليد

الزواج الجماعي في موريتانيا يصطدم بصخرة العادات والتقاليد
6 أكتوبر 2014 20:45
سكينة اصنيب (الرباط) لم تجد جمعيات أهلية وسيلة لمحاربة العنوسة، أمام طغيان العامل المادي، أفضل من تنظيم حفلات الزواج الجماعي، ورغم رفض المجتمع الموريتاني لها، فقد نجحت جمعيات بمساعدة رجال الأعمال والميسورين في تنظيم حفلات للزواج الجماعي بتحمل التكاليف المادية عن المتزوجين من الشباب، وإقامة حفل ضيافة موحدة للمدعوين. استهجان «التقليدية» لقيت هذه الفكرة، الغريبة عن المجتمع الموريتاني المحب للبذخ في الأعراس، تشجيعاً كبيراً من قبل المثقفين والشباب. وفي المقابل استهجنت التيارات القبلية التقليدية فكرة الزواج الجماعي، ورفضت المشاركة فيها باعتبار أنها غريبة عن المجتمع، وتساعد على اختلاط الرجال بالنساء، وتمنع ممارسة العادات والتقاليد العريقة في العرس، كما تمنع العائلة من الاحتفاء بالعروسين في ليلة العمر. وتواجه دعوات إقامة الزواج الجماعي رفضا من قبل تيارات فاعلة في المجتمع التقليدي، والتي تدعو إلى المحافظة على تقاليد الزواج الأصيل، ومقابل دعوة الزواج الجماعي يشجع الرافضون له ترشيد نفقات العرس، ومنع البذخ، ومساعدة الشباب على الزواج من دون الحاجة لتنظيم الزواج الجماعي، وأمام ضغوط هذا التيار تراجعت مشاريع الزواج الجماعي وانحصر تنظيمها في مناطق معينة كالعاصمة نواكشوط. وزاد من حدة المشكلة انخفاض عدد المتبرعين لتنظيم حفلات الزواج الجماعي، حيث عمل التيار الرافض لهذا الحدث على تطبيق مقاطعة اقتصادية واجتماعية على الداعين له، ورغم هذه المعارضة الكبيرة للزواج الجماعي، إلا أن الجمعيات الداعمة لهذا المشروع متفائلة بقرب انتهاء المقاطعة، وتقبل المجتمع لفكرة الزواج الجماعي بعد انتشاره في عدد من البلدان العربية والإسلامية. أسباب الرفض يرجع باحـثون رفـض المجـتمع للـزواج الجماعي إلى قلة عدد السكان، وطغيان العادات والتقاليد، وتأثير جماعات الفنانين الشعبيين على المجتمع التي ترفض الفكرة، لأن هذه الجماعات تستغل حفلات الزواج العادية لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، بينما سيمنعها الزواج الجماعي من ذلك. إلى ذلك، تقول فاطمة الناتي، مسؤولة بجمعية خيرية، إن فكرة الزواج الجماعي بدأت بحماس كبير من خلال تنظيم عرس واحد لثلاثة أزواج، ثم تزايد عدد الأزواج المشاركين في العرس الجماعي بشكل مطرد، كان آخرها شهر يونيو الماضي لنحو 20 عريساً. وتشير إلى أن الجمعيات الأهلية تقوم بتنظيم هذا النوع من الحفلات بعد أن تتلقى الدعم المالي من المحسنين. وتؤكد أن الجمعيات تجد صعوبة في إقناع المقبلين على الزواج من الجنسين بالمشاركة في العرس الجماعي، بسبب رغبة كل واحد منهم في الاحتفال بليلة العمر بطريقته الخاصة، إلا أنها نجحت بفضل المزايا التي يقدمها الزواج الجماعي للشباب في إقناع أعداد منهم بالمشاركة فيه. وأمام رفض الميسورين تمويل حفلات الزواج الجماعي، تؤكد الناتي أن الجمعيات التي تعنى بهذا الحدث اهتدت إلى طريقة بسيطة لتنظيم الحفل من وسائلها الخاصة بتقليل التكلفة المادية على المتزوجين من الشباب، وذلك باجتماع واتفاق المتزوجين على ضيافة موحدة للمدعوين، حيث يدفع كل عريس مبلغاً مالياً يكفي لإقامة حفل عرس جماعي بسيط. حل عصري ينتقد الباحث الاجتماعي إبراهيم ولد الطالب أحمد رفض المجتمع لفكرة الزواج الجماعي، معتبرا أن ذلك تشجيع على الانحلال الأخلاقي وتعطيل لسنة الحياة. وعدّد مزايا الزواج قائلا إن الارتباط وسيلة من وسائل العفاف والإحصان، وسبب لبقاء النوع البشري، كما أنه وسيلة لتحقيق الذات، وتكوين أسرة وتحمل المسؤولية. وأضاف أن منع الزواج يعني اضطراب حياة الإنسان، وكثرة مشاكل المجتمع، وانتشار العنوسة والجرائم. واعتبر أن الزواج الجماعي حل عصري لغلاء المهور وتكاليف تجهيز البيت ونفقات الزواج الباهظة، مقابل البطالة وانخفاض الرواتب وطغيان العادات وتقاليد، مستغربا رفض البعض لفكرة العرس الجماعي رغم أنها تكتسي ثوبا إسلاميا بعيدا عن المخالفات الشرعية والاجتماعية التي تشهدها عادة معظم حفلات الزواج. ويؤكد أن الزواج الجماعي يزيد من ترابط المجتمع ومن حس الانتماء لدى الشاب خاصة، لأنه يبدأ حياته مزهوا وفخورا بمساعدة الآخرين له ومشاركتهم في هذه الخطوة المهمة في حياته، كما أنه يساعد على تكوين صداقات وتخفيف مشكلة العنوسة، وزرع قيم التضامن وعدم الإسراف في نفوس الشباب. ويحذر باحثون من ارتفاع تكاليف الأعراس والإنفاق على الحفلات، معتبرين ارتفاع التكاليف بشكل مبالغ فيه سببا رئيسا للعنوسة، داعين إلى تأسيس صندوق للزواج، والاضطلاع بدور تنويري وتوعوي لمحاربة الإنفاق ببذخ في الأعراس، وإقناع المواطنين بالتوقف عن الاستدانة لتدبير نفقات ومتطلبات الأعراس. لا للصور عن المواقف والطرائف التي حدثت في تلك الاحتفالات، تقول فاطمة الناتي، مسؤولة بجمعية خيرية، إن بعض المتزوجين لم يقبلوا أخذ صور لهم لأنهم يعتبرون أن المشاركة في العرس الجماعي دليل على فقرهم وحاجتهم لمساعدة الآخرين، مضيفة أن من بين المواقف الطريفة أيضاً تشابه العرائس حيث لم يعد العرسان قادرين على التفرقة بينهن بسبب ارتدائهن لملابس تقليدية متشابهة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©