الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الاقتصادية ومصيرالانفتاح الصيني

الأزمة الاقتصادية ومصيرالانفتاح الصيني
6 مارس 2009 23:58
في دردشته الأولى على الإنترنت مع مواطني الصين البالغ عددهم الـ1,3 مليار نسمة نهاية هذا الأسبوع، حاول رئيس الوزراء ''وين جياباو'' إبهـــار جمهـــوره، حيث تحدث عن نصيحة أمه له، وكشف أنه لم يعد لديه الوقت للطبخ في المنزل، واعترف بأنه ''متوتر بعض الشيء'' لأنها المرة الأولى التي يخاطب فيها مواطنيه مباشرة عبر الإنترنت· غير أن الجزء الأهم من حديثه، ربما هو ما قاله ''وين'' حول شفافية الحكومة ومحاسبتها حيث كتب يقول: ''كنت أومن دائماً أن للجمهور الحق في معرفة ما تقوم به حكومته وما تفكر فيه، والحق في انتقاد السياسات الحكومية والتعليق عليها''· بدا الأمر كما لو أن ''وين'' كان بصدد خوض حملة انتخابية من أجل إعادة انتخابه، وهو جهد غير ضروري في الصين حيث يحتكر الحزب الشيوعي السلطة السياسية· غير أنه في وقت تعقد فيه أعلى هيئة تشريعية، الكونجرس الشعبي الوطني، مؤتمرها السنوي في بكين، يعترف زعماء الصين بأن الظروف الحالية ظروف استثنائية· ذلك أن النمو الاقتصادي الصيني آخذ في التباطؤ بوتيرة تبعث على القلق، ويواجه احتجاجات مناوئة للحكومة في بعض من أكبر مدن البلاد· وتعكس تصريحات وين على الإنترنت المقاربة المزدوجة التي تتبناها بكين بخصوص القلق المتزايد للجمهور في وقت تنهار فيه مزيد من الشركات وتتزايد فيه البطالة· حتى في الوقت الذي يتواصل فيه القمع ضد المنتقدين، يعمل زعماء الصين على توسيع فرص النقاش والجدل كوسيلة للسماح للمواطنين بالتنفيس عن غضبهم من دون الخروج إلى الشارع؛ غير أن الأكاديميين يختلفون حول ما إن كان ذلك يشكل الخطوات الأولى نحو انفتاح جديد أو ما إن كان ذلـــك مجـــرد تكتيك لقطع الطريق على الانشقاق والمعارضة· وفي هذا السياق يقول ''وانج يوكاي''، الخبير في ''المدرسة الوطنية للإدارة'': إذا كانت الحكومة عنيدة وترفض الإصغاء والتواصل مع الجمهور خلال الأزمة الاقتصادية، فإنها قد تزيد من الارتياب وعدم الثقة في الحكومة، مما يؤدي إلى انقسام كبير بين الحكومة والشعب''· في نص الخطاب الذي وزع على مشرعي الصين يوم الخميس الماضي، تعهد ''وين'' بزيادة استثمارات الحكومة ''زيادة مهمة''، علاوة على ما قامت بضخه من قبل، من أجل الرد على التباطؤ الكبير في اقتصادها· وتوقع ''وين'' أنه نتيجة لذلك، فإن الناتج الداخلي الخام للصين سينمو بـ8 في المئة في ،2009 أي بمعدل أعلى من الـ6 إلى الـ7 المئة التي يتنبأ بها بعض المحللين الأجانب· وتعهد ''وين'' أيضاً بأن تتخذ الحكومة تدابير خاصة من أجل زيادة الاستهلاك الداخلي وزيادة المعونات المخصصة للقطاع الزراعي والحفاظ على استقرار عملتها حيث قال: ''لا أسس التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين ولا اتجاهها الإيجابي طويل الأمد قد تغيرا لأننا واثقون جيداً من أننا سنتغلب على هذه الصعوبات والتحديات''· ومن جهة أخرى، قال ''وين'' أيضاً إن الصين مستعدة لـ''خلق الظروف المناسبة لإنهاء حالة العداء'' مع تايوان عبر محادثات حول المشاكل السياسية والعسكرية بين ضفتي المضيق· وبينما يلتقي زعماء الصين هذا الأسبوع من أجل مناقشة كيفية إعادة الاقتصاد الصيني إلى سكته وتطبيق مزيد من برامج الرفاه الاجتماعي ورفع مستوى معيشة سكان الأرياف، يُتوقع أن تدور المناقشات حول ما إنْ كانت الحكومة تستطيع القيام بذلك بطريقة شفافة وقابلة للمحاسبة· فالصين تواجه حالياً الضغط من داخل الحزب وخارجه من أجل التحقق من أن المال المخصص لحزمة تحفيز الاقتصاد البالغ قيمتها 586 مليار دولار وغيرها من البرامح تنفَق على نحو عادل وحكيم· وفي هذا الإطار بعث أربعة عشر من أبرز أعضاء الحزب إلى الرئيس هو جينتاو وأعضاء لجنة المكتب السياسي في نهاية يناير الماضي رسالة مؤداها أن أي تفاصيل حول مخطط تحفيز الاقتصاد ينبغي أن تكون ''محل إجراءات ديمقراطية فعالة وحقيقية''، وأن المراقبة الإعلامية بخصوص ما يُكتب حول حزمة التحفيز الاقتصادي ينبغي تخفيفها· ومما جاء في الرسالة: ''إننا قلقون بشأن إمكانية إمساك أشخاص بسلطات خاصة، وسعي مسؤولين فاشلين وراء مصالحهم الخاصة، مما يدمر العلاقة بين الحزب والشعب ويثير القلاقل الاجتماعية''· وقد زُكيت دعوتهم بطلب تقدم به ''يانج يمينج''، وهو محام مؤثر من شنجهاي، طالب فيه بأن تفرج وزراة المالية ولجنة التنمية والإصلاح الوطنية علناً عن التفاصيل والمعلومات حول مصادر الاستثمار والجهات التي تستفيد من التمويل· وقد لاقت جهود ''يانج'' الإشادة على نطاق واسع على الإنترنت· وكانت وكالة الأنباء الرسمية ''الصين الجديدة'' أعلنت يوم الاثنين أن الحكومة ستستجيب جزئياً لدعوات فتح سجلاتها، وهي خطوة مهمة بالنسبة لحكومة طالما اعتبرت ميزانياتها من أسرار الدولة· وهذا الأسبوع أعلن مسؤول رفيع المستوى في وزراة العدل أن النظام القضائي الصيني سيشرع، بعد أشهر من رفض دعاوى رفعها آباء الأطفال الذين مرضوا بعد شرب حليب ملوث، في قبولها· منذ أن بدأت الصين في إدخال إصلاحات اقتصادية قبل ثلاثين عاماً، تعهدت بأن تكون هذه الإصلاحات مرفوقة بمزيد من الانفتاح الحكومي· وفي هذا الإطار مررت الحكومة في مايو المنصرم قانوناً مهماً حول الكشف عن المعلومات الحكومية· ولئن كان القانون يكتسي قيمة رمزية، فإن الكثير من وعوده لم يوف بها· ويقول وانج: ''كمّ كبير من المحتويات كان ينبغى أن يتاح للجمهور، ولكنه لم يتح لأنه من الصعب تغيير الأفكار القديمة لبعض المسؤولين الحكوميين، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام مزيد من الشفافية والمحاسبة''· غير أن ثمة سوابق تاريخية تبرر ربما تردد المسؤولين الصينيين في الانفتاح؛ ذلك أن زعماء الصين يدركون كيف أن سياسة ميخائيل جورباتشوف في نهاية المطاف، قوضت الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي· أريانا يونجانج تشا- بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©