الجاري عربة الخير أيام زمان

مهنة الحمال أو ''الحمّالي'' كانت من المهن الشعبية الشائعة في الإمارات ودول الخليج العربي حتى وقت ليس ببعيد، بدليل أننا نجد في أسواق الإمارات اليوم أثراً واضحاً لعربة أيام زمان التي كانت تدعى ''الجاري'' أو ''العربانة'' والتي يثير منظرها الجيل الجديد والسياح الذين تطأ أقدامهم أسواق الشارقة ودبي· ويذكر موقع واحة القطيف (www.qatifoasis.net) أن منظر هذه العربة يثير في نفوس آبائنا وأجدادنا شجناً كبيراً وحنيناً جارفاً تشدهم به الذاكرة لمرحلة ما قبل النفط، حين كانت تلك العربة ملكة الحركة في الأسواق أو طرقات الأحياء الشعبية· وكان الحمالون الأشداء يجرونها وهي محملة بمختلف البضائع من ربطات التبغ الضخمة إلى أكياس الفحم وصناديق الشاي والبُن في طريقها إلى المقاهي الشعبية أو ''طاقات'' ولفافات الأقمشة لمحال الخياطين ودكاكين ''البَزّ'' أو سوق ''القِطع''، أو زاد الأعراس المكون من ''قرّابيات'' ماء الورد الزجاجية الكبيرة وأكياس المكسرات وقدور الحلوى، أو حتى مؤونة بيوت العائلات الكبيرة في مواسم رمضان أو المواسم الاحتفالية الأخرى من صناديق الفاكهة والخضروات وأكياس الأرز والسكر· فقد ارتبطت هذه العربة بمظاهر الخيرات التي كانت تعج بها الأسواق الشعبية التي كان عمادها ''الجاري'' في نقل البضائع قبل الدخول المتأخر نسبياً للسيارات· كان الناس يحترمون الحمالين ولا يستصغرون مهنتهم، ويقدرون عملهم الشاق في حر الصيف وأمطار الشتاء· وكانوا يحسنون إليهم بتقديم الماء أو المشروبات والأطعمة الخفيفة بعد كل توصيلة بضائع من السوق، أما الأطفال الذين كانوا يرافقون آباءهم للتسوق فإن مكانهم المفضل بالطبع هو ظهر العربية التي توفر لهم نزهة مجانية في رحلة عودة البضائع للبيت!· اليوم، ولحسن الحظ يمكن مشاهدة الجاري في ''سوق البحر ''بالشارقة'' وسوق دبي القديمة المحاذية لمتحف دبي على واجهة الخور·