السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمان الديانات: المسلمون والسيخ في أميركا

10 سبتمبر 2012
غيّرت حادثة إطلاق النار التي أدت إلى مقتل ستة مصلين في معبد لطائفة السيخ في أوك كريك بويسكنسن الشهر الماضي، وجهة نظري حول آثار خطابات الحقد في المجتمع الأميركي. بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، ازداد الخوف من المسلمين ومن هؤلاء الذين يبدون مسلمين. والمحزن أن بعض أفراد طائفة السيخ تعرضوا للعنف والتفرقة والتعصب العرقي. ورغم الاعتراف بحدوث هذا الأمر، فإن القضية حصلت على اهتمام أقل بكثير مما تستحق. نجد أنفسنا كمسلمين في وضع فريد بشكل خاص بعد إطلاق النار في ويسكنسن، ورغم أن وضع المسلمين والسيخ في أميركا أبعد من أن يكون متماثلاً، فإن هناك الكثير من التجارب المتماثلة من حيث النظر إلينا على أننا "الآخر". يتوجّب علينا الاستفادة من هذه التجارب لنعمل معاً باتجاه مستقبل تشعر فيه جميع الطوائف الدينية في أميركا بالأمان. وقعت حادثة إطلاق النار في شهر رمضان. وإذا قمت بزيارة أي مسجد ليلا أثناء رمضان فستجد مئات المسلمين يصلّون. وقد رأى بعض المعلّقين الإعلاميين أن الشخص الذي أطلق النار كان في الواقع يستهدف المسلمين، الأمر الذي جعلني أتساءل: كيف كانت النتيجة ستكون مختلفة لو أن الضحايا كانوا من المسلمين؟ آمل أن تكون الإجابة أن شيئاً لن يختلف، وأنه بغضّ النظر عمن هم الضحايا أو من هو المجرم القاتل، فإن ردود كافة الطوائف والقطاعات ستكون إدانة هذا العنف والوقوف تضامناً مع الضحايا. كان هذا التضامن في الواقع هو ما شهدناه في أعقاب تلك المأساة، حيث وقف أفراد من كافة الخلفيات معاً لدعم طائفة السيخ وإدانة العنف. تجعلني تجارب المسلمين في مجال التضامن عبر الديانات، خاصة بعد الخلاف الذي أثير حول "مسجد نقطة الصفر"، واثقاً من أنه قد تكون هناك أعداد لا حصر لها من الشركاء من جميع الديانات يقفون معاً لو كان المسلمون هدفاً لمثل هذا الهجوم. اضطر الأميركيون المسلمون للنضال ضد الخوف وإجحاف الآخرين. لقد أصبح الرّهاب الإسلامي تعبيراً يومياً لكثيرين منّا، وخاصة هؤلاء الذين يعملون في منظمات ترتكز على الإيمان. لديّ وجهات نظر مختلفة حول هذا التعبير، وقد أردْتُ دائماً من أخوتي في الإسلام أن يستغنوا عنه وأن يركزوا بدلاً منه على العمل التفاعلي الإيجابي للمستقبل. لكن الحقيقة هي أن الرهاب الإسلامي ظاهرة حقيقية لها تاريخها الخاص بها، ولا يقتصر ضحاياها على المسلمين، حيث إنها تؤثر كذلك على من يُعتقد أنهم مسلمون. لقد واجهت الجالية المسلمة بشكل ما قضية الرهاب الإسلامي وجهاً لوجه. وقد فضح تقرير "مؤسسة الخوف، جذور شبكة الرهاب الإسلامي في أميركا"، الذي أعدّه "مركز التقدم الأميركي"، آلية التفرقة والحقد التي تبلغ قيمتها 42 مليون دولار ضد المسلمين. لكن ما الذي تعلمناه فعلاً من نجاح هذه الحملة؟ لسوء الحظ أن التمويل والأجندة الاستراتيجية التي تم تنظيمها وراء سبب الخلاف لم تواجَه بآلية تجمع الناس معاً حول أجندة تتطلع قدماً. ما الذي تعلمناه من عقد من اللوم الجماعي والذي يمكن أن نحضره اليوم إلى الطاولة؟ لقد حان الوقت للتحرك قدماً وتقديم أثر حقيقي وقيمة حقيقية إلى الطرح حول التسامح، متغلبين على الإجحافات من خلال تجاربنا. يتوجب علينا كمسلمين أن نتذكر أن الناس من جميع الديانات قد انضموا إلينا، وأحياناً قاموا بقيادتنا في قضية التعايش والانخراط. فمثلاً أصبحت النقاشات النسبية حول القانونين الإسلامي واليهودي شائعة بعد طرح تشريعات، ضمنية أو واضحة، لمنع الشريعة في عدد من الولايات. تكلّمت مجموعات جرى التمييز ضدها في الماضي، مثل الإيرلنديين الكاثوليك واليهود، لصالح الأميركيين المسلمين، مٌظهرة التعاطف المعمّق والتضامن. لقد شهدنا عناقاً دافئاً من جانب الكثيرين، لكن ما زالت هناك ثقافة جنون العظمة موجودة في مجتمعنا، وتشكّل حادثة إطلاق النار في أول كريك تذكاراً وحشياً على ذلك. بعد حادثة إطلاق النار مباشرة، وردت بيانات الدعم والتعازي من جميع المنظمات المسلمة الوطنية. وكان مجلس الشؤون الإسلامية العام هو الرائد في الوقوف إلى جانب جالية الأميركيين السيخ، فقام أعضاؤه بزيارة الجالية في أوك كريك ونادوا بعقد مؤتمر وطني حول المأساة والمشارَكة في حلقة نقاش عقدت مؤخراً حول التطرف في أميركا. وقام قادة الفكر والقادة المجتمعيون المسلمون بتشجيع هذا التضامن من خلال منابرهم المتوافرة وعبر وسائل الإعلام. لكن، هل قمنا بعمل ما هو كافٍ؟ لدى المسلمين مسؤولية كبيرة لأن يكونوا الجالية الدينية الرئيسية لبناء علاقة قوية مع السيخ. إنها مسؤولية أخلاقية للانضمام معاً كجالية متحدة تقف ضد الأسباب الجذرية لهذا التوجه نحو العنف، وهي المعلومات الخاطئة وتشجيع الخوف وطروحات الحقد. وعلى مستوى أكثر عمقاً تشكّل هذه فرصة لنا للرد على ما قدّمه لنا الكثيرون: الصداقة. إنها فرصة لنا لأن نسير في اتجاه كلامنا ونعيش ضمن القيم الأخلاقية التي كثيراً ما نتحدث عنها. سوف نجمَع من خلال هذه الصداقة جالياتنا حول هدف مشترك ونبدأ بالعمل معاً للوصول إلى مستقبل آمن لكافة الديانات في مجتمعنا. كريغ فيليبس باحث في شؤون الديانات - واشنطن ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©