الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السيء والأسوأ في أزمة سوريا

10 سبتمبر 2012
كنت أحاول التركيز على ما يكشف عنه المؤتمران السياسيان بشأن سياسة الولايات المتحدة المستقبلية، لكني لا أستطيع صرف تفكيري عن سوريا. ليس فقط بسبب المذابح الفظيعة التي ترتكب في البلاد، وليس فقط لأني قرأتُ كتاب سمر يزبك المؤثر "امرأة وسط تبادل إطلاق النار" الذي توثق فيه الهجمات الوحشية التي يشنها النظام على المتظاهرين السلميين... بل السبب الحقيقي لاهتمامي بسوريا هو أن القتال هناك يكشف عن أشياء أكثر من الخطابات التي ألقيت في المؤتمرين حول التحولات العالمية الكبيرة التي ستواجه الرئيس الأميركي المقبل. والحال أن أياً من المرشحين لا يملك جواباً كافياً. فميت رومني يبدو متعامياً عن تعقيدات هذا العالم الجديد، وهو ما يجعل تخيل وجوده في البيت الأبيض أمراً مرعباً. هذا في حين يعترف الرئيس أوباما بأننا نعيش في عصر جديد ستواجه فيه أميركا في مرات كثيرة تحديات بدون حلول جيدة. غير أنه حين يقابل أوباما بخيارات سيئة وأخرى أسوأ منها -مثلما هو الحال في سوريا- فإنه يبدو أحياناً غير مستعد لاتخاذ قرار. فمؤخراً، رخص أوباما لتقديم مساعدات أميركية غير مميتة للثوار السوريين. غير أنه ترك لبعض الدول العربية أمر مد مجموعات الثوار بالمال والسلاح، رغم أن تلك الأموال تذهب بشكل رئيسي إلى الإسلاميين. فقد رفضت الإدارة تمويل أو إرسال أسلحة أميركية إلى الثوار، مثل الأسلحة المضادة للطائرات التي يمكن أن تسرع نهاية نظام الأسد. وهذا خطأ في الواقع. فعلى نحو يمكن تفهمه، كان أوباما متردداً في التدخل مباشرة في نزاع آخر في الشرق الأوسط، لاسيما نزاع معقد مثل النزاع السوري. كما أن المعارضة غير المنظمة كانت غير قادرة على تقديم قيادة سياسية بديلة يمكن أن تحل محل الأسد، رغم الجهود المكثفة من قبل الولايات المتحدة وتركيا والجامعة العربية. والحال أنه بدون بديل سياسي واضح، فإن نصف الشعب السوري على الأقل -مثل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد والكثير من المسيحيين وبعض السنة المعتدلين- يخافون من أن يؤدي سقوط الأسد إلى وجود نظام يرأسه الجهاديون السنة المتشددون. ويخشى البيت الأبيض أن تسرّع هزيمة الأسد حمام دم سني شيعي، وهو ما يمكن أن تكون له تداعيات على كل المنطقة. كما يخشى سقوط الأسلحة التي قد يرسلها في أيدي الجهاديين الذين يتقاطرون على سوريا حالياً. غير أن الأحداث تسبق مخاوف أوباما المبررة. ذلك أن حمام الدم الطائفي بدأ، مما أرغم عشرات الآلاف من اللاجئين على عبور الحدود إلى تركيا والأردن ولبنان. وهذه البلدان تتطلع إلى واشنطن الآن من أجل المساعدة. لكن، ماذا كان سيفعله فريق رومني على نحو مختلف؟ مستشارو رومني ينتقدون أوباما لأنه أضاع الوقت في التفاوض و"تهدئة" روسيا، كما يقولون. غير أن أوباما كان محقاً عندما سعى إلى التفاوض، بالنظر إلى الاختيارات الفظيعة التي طرحتها سوريا. ثم إنه بدون عملية انتقال متفاوض بشأنها في مرحلة ما فإن سقوط الأسد سينتج الفوضى بدلاً من أي نظام يبدو ديمقراطياً. والواقع أن تردد أوباما في تسليح الثوار (الذي يدعو إليه رومني) أمر خاطئ أيضاً. فعبر تفويض هذه المهمة لبعض الدول العربية، يكون البيت الأبيض قد ضمن أن الأسلحة ستذهب إلى متطرفين دينيين على الأرجح. وبدون شك، فإن الإدارة باتت تستطيع الآن تحديد المجموعات المقاتلة الأكثر اعتدالاً لتزويدها بالأسلحة. ثم إنه كلما طال أمد الحرب، كلما زاد احتمال أن يحدد المتطرفون ملامح النتيجة. ذلك أن الولايات المتحدة سيكون لها تأثير قليل أو منعدم على النتيجة، نظراً لفشلها في مساعدة الثوار مباشرة. والواقع أنه لا خطابات رومني المنمقة ولا تردد أوباما يستطيعان حل الأزمة السورية الخطيرة. وربما لا توجد بدائل جيدة في سوريا، ولا نهايات جيدة، لكن الوقت حان للاختيار بين السيء والأسوأ. ترودي روبن محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©