الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مكافحة الألغام الأرضية.. مهمة إنسانية

6 أكتوبر 2014 23:40
ماركوس كونالاكيس زميل زائر في معهد هوفر بجامعة ستاتفورد الأميركية لا يزال إرث الأميرة ديانا مصدراً للجدل. ففتاة البلاط الملكي، المعروفة تاريخياً بأنها استحوذت على اهتمام إعلامي في زمنها أكثر من أي شخصية أخرى شهيرة، تركت إرثاً إيجابياً لا يزال مستمراً. فقد أشادت الولايات المتحدة مؤخراً بالكفاح الصامد والواضح لليدي ديانا في مجال القضاء على الألغام الأرضية المضادة للأفراد. وفي خطابها الافتتاحي الذي ألقته أمام المجموعة الاستشارية للألغام قبل وفاتها بشهرين، قالت الأميرة ديانا «إن اللغم قاتل خفي. وبعد فترة طويلة من انتهاء النزاع، يموت ضحاياه الأبرياء أو يصابون بصورة منفردة، في دول عديدة بعيدة، قليلاً ما نسمع عنها». وتقريباً في الوقت نفسه الذي أطلقت فيه الولايات المتحدة العنان للقوة التدميرية الرهيبة لأحدث طائرتها المقاتلة «إف - 22 رابتور» ضد البنية التحتية لتنظيم «داعش» في سوريا، فقد اتخذت خطوة أخرى مهمة لجعل ساحات القتال السابقة والقادمة أكثر أماناً لمن يطأها بعد انتهاء الحرب. وفي تحول في السياسة، أعلنت إدارة أوباما في نهاية شهر سبتمبر أنها بصدد اتباع أجزاء من اتفاقية «أوتاوا»، وهي معاهدة صيغت أصلاً بعد مرور أسبوعين من وفاة ديانا، وتضم حالياً 162 بلداً كلها توافق على تخليص العالم من الألغام الأرضية المضادة للأفراد. غير أن الصين وروسيا والولايات المتحدة لم تنضم بعد إلى الدول الموقعة على المعاهدة. وعلى رغم ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تستخدم أو تصدر الألغام الأرضية منذ تولي «بيل كلينتون» الرئاسة، كما أوقفت إنتاجها خلال إدارته. إن الألغام الأرضية المضادة للأفراد تفعل تماماً ما ينم عنه اسمها. فهي تقتل أو تشوه أفراداً دون تمييز. وتتم زراعة هذه الألغام كما تزرع البذور، حيث تنشر في ساحات المعارك وعلى الجبهات العسكرية. والغرض الوحيد منها هو اغتيال المقاتلين وإضعاف معنويات المدنيين. وبمجرد انتهاء الصراعات، تستمر الألغام في ترويع السكان المحليين في جميع أنحاء العالم، خاصة في القارة الأفريقية، وفي أفغانستان، وحتى في أجزاء من أوروبا حتى يومنا هذا. ومعظم هذه الألغام ليس لها تاريخ انتهاء صلاحية وهي لا تزال في مناطق عديدة من العالم تسبب الموت والدمار لأي شخص يطؤها أو يخطو على المضاد للأفراد أو يضغط على لوحة الألغام. وخلال رحلة إلى كابول، بأفغانستان، لإعداد تقارير، وبينما كانت الحرب والاحتلال السوفييتي قد بدآ في الخمود، شعرت أنا وغيري من المراقبين بصدمة لانتشار أطفال فاقدي الأطراف أو بالغين يعرجون ممن وقعوا ضحية للألغام الأرضية. وفي عام 1991، كان عدد الأشخاص الذين يستعينون بأطراف صناعية أو يسيرون بمساعدة عكازين قد جعل الأمر يبدو وكأن الذكور من مصابي الحرب هم فقط المسموح لهم بالإقامة في كابول. وكان الأطفال من أصعب الحالات التي يمكن مشاهدتها. فخلال الحرب، كانت الطائرات السوفييتية تسقط ألغام «الفراشة»، وهي ألغام بلاستيكية ذات ألوان زاهية تشبه لعب الأطفال والتي تهبط من السماء وهي ترفرف، وتنتشر في جميع أنحاء البلاد. وكان الهدف من ألغام «الفراشة» تلك هو أن يمسك بها الأطفال دون قصد، فتفجر أيديهم أو أذرعهم. وقد يضطر كل من ابني الأميرة ديانا إلى الذهاب إلى أفغانستان كجنود في نهاية المطاف لمشاهدة الموت والدمار الذي سببه الإرث السوفييتي من الألغام الأرضية. وبينما كانت الأميرة ديانا هي الأكثر شهرة ووضوحاً في محاربة الألغام الأرضية، تضم الحركة العالمية أيضاً العديد من النشطاء الأميركيين الذين يعملون باستمرار في هذه القضية. وقد أسست «جودي ويليامز» من ولاية «فيرمونت» الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، ومُنحت هي ومنظمتها جائزة نوبل للسلام في عام 1997. أما السيناتور الديمقراطي «باتريك ليهي»، من ولاية فيرمونت، فقد ظل يعمل على هذه القضية لأكثر من 29 عاماً، وخصص 10 ملايين دولار سنوياً لصندوق ضحايا الحرب لتستخدم في المقام الأول في مساعدة أولئك الذين يعانون إصابات الألغام الأرضية. وخلال النشاط الذي يقوم به السيناتور «ليهي»، أنفقت الحكومة الأميركية ما يزيد على ملياري دولار -أكثر مما تخصصه أي دولة أخرى - لمساعدة الضحايا وتقليل تهديد وتأثير الألغام الأرضية، حتى دون الانضمام إلى معاهدة اتفاقية «أوتاوا». ومن الواضح أن ولاية فيرمونت تأتي في طليعة الولايات التي تنظم حملات لمكافحة الألغام الأرضية، جنباً إلى جنب مع دولة كندا المجاورة لها. وفي حين أن «ديانا» لم تعد موجودة للتركيز على أهمية إزالة الألغام، إلا أن رسالتها تم التقاطها من قبل رجل ذي شهرة كبيرة على مستوى العالم هو الممثل «جوناثان جولد سميث» الذي يجمع الأموال لإزالة الألغام من كمبوديا. وهناك ما يقدر من 8- 10 ملايين لغم أرضي لا تزال مبعثرة في تلك الدولة التي تعاني تداعياتها منذ فترة طويلة. وقد المعاناة التي دفعت كمبوديا لكي ترعى مسابقة ملكة جمال الألغام الأرضية. وتحصل الفائزة على مبلغ نقدي وأطراف صناعية. وقد صاحبت زوبعة بسيطة إعلان الولايات المتحدة عن تعزيز قيادتها للجهود العالمية الرامية لإزالة الألغام الأرضية. وربما يرجع السبب في هذا جزئياً إلى أن الولايات المتحدة ستبقي الألغام في كوريا. وتساعد الألغام هناك على منع قوات كوريا الشمالية من القفز من السياج الأمني والركض نحو سيئول، عاصمة الجنوب الرأسمالية التي تقع على بعد 35 ميلاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. تي. سي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©