حوار ـ د·سلمان كاصد:
هدى كانو رئيسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون وعضو مجلس إدارة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لها نشاطاتها في تفعيل دور الثقافة والموسيقى مما يجعلها في مهمة استقطاب الذائقة الاجتماعية لتجعل من هذا الفن الراقي مدخلا الى حياتهم اليومية ·
لقد أثرت حياة هدى كانو العلمية كونها خريجة الجامعات الفرنسية في توجيه تطلعاتها الثقافية المبرمجة والتي تدعو الى أن ينشأ الجيل العربي في جو ثقافي سليم وصحيح لذا كان لنا معها هذا الحوار :
الفكر الإبداعي
ü منذ أن قمت بتأسيس مجموعة أبوظبي للموسيقى والفنون عام 1996 ماذا تحقق ؟
üü منذ العام 96 تحقق الكثير والأهم لي ان مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ساهمت في التغيير والتجديد، وفي دعم حركة النهضة والحداثة في إمارة أبوظبي·· مجموعة أبوظبي للفنون آمنت وساهمت في دمج الفكر الإبداعي والعلم من أجل هذه النهضة وهذا تجلى في الإبداع العلمي والإبداع الفني بكل مدارسه عن طريق برامجنا الثقافية الموجهة للجمهور ولطلاب الجامعات عن طريق الفنون ليمتلك بذلك وسائل للإبداع·
تأسيس ذوق موسيقي
ü هل ترين أن الجهد الثقافي في تأسيس وعي ذوقي لصناعة جمهور للموسيقى الكلاسيكية في أبوظبي خاصة ودولة الإمارات عامة قد أثمر، أم أن جمهور الموسيقى لا يزال متخصصاً وهي لا تخاطب الا النخبة المثقفة ؟
üüبالتأكيد الجهد الذي بذلناه في تأسيس وعي ذوقي موسيقي أثمر نجاحا مع وصولنا الى جمهور جديد كان غائبا نهائيا عنا، وهو الجيل الصاعد جيل الشباب، هذا الجيل الذي لم يكن أحد يتوجه اليه بالموسيقى الكلاسيكية، وهنا كان نجاحنا الأهم لأننا نلمس كل يوم هذا الوعي الجديد بالحس الموسيقي الراقي ومعرفة بتاريخ الموسيقى لديهم، وجاء هذا عبر تأسيس برنامج لم يكن موجودا من قبل تمثل بـ''محاضرات حول التذوق الموسيقي لتاريخ الموسيقى الكلاسيكية العربية والعالمية'' مترافقة مع عزف حي يفسر عمليا الأفكار الكامنة داخل الموسيقى· وقد وصل جمهور الشباب في ثلاث جامعات العام المنصرم الى 2500 شخص، حضروا وشاركوا ونالوا جوائز الإبداع التي نخصصها للشباب· وفاق عدد حضور مهرجان أبوظبي الثالث للموسيقى الكلاسيكية العشرة الآف شخص·
صحيح أن الثقافة هي للنخبة لكن جمهورنا تجاوز ذلك الى الشباب والمجتمع ككل، وهذا الهدف الذي أعمل عليه لايجاد الحداثة والنهضة الثقافية عبر إيصال الثقافة بكافة تجلياتها (الموسيقى، الفنون الجميلة، الآداب) للمجتمع ككل · ولهذا نتبّع سياسة عدم تقاضي أي بدل عن حفلاتنا، نحن نقدمها بالمجان ليتمكن كل محب للموسيقى من الحضور ·عالميا المعروف هو مقولة '' لتحصل على الثقافة عليك أن تدفع''، ولنطبق هذه المقولة هنا علينا أن ننظر للمستقبل حين يتجذر الايمان بقيمة العمل الثقافي ويبادرالجمهور بنفسه للمساهمة المادية·
ü ألا تعتقدين أن الموسيقى تعلّم ولا بد لقوانينها وحرفيتها أن تدخل المناهج التعليمية كي يبنى جمهور عارف بخصوصيتها المعقدة خاصة الكلاسيكية ؟
üü الأمل الأكبر لي هو في ايجاد معهد وطني للموسيقى (كونسرفاتوار) مبني على أساس علمي واضح، واتمنى ادخال الموسيقى الى المنهج المدرسي، وهذا الأمنية لا تنطبق فقط على الموسيقى بل تتعداها الى الإبداعات الفكرية كافة ومن هنا غيرنا مسمانا الى ''مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون'' لكوننا لا نهتم فقط بالموسيقى بل بالفنون الجميلة ككل من الموسيقى والمسرح والباليه والرقص الكلاسيكي والأوبرا والغرافيكس والأدب والشعر ، فالإبداع يتكامل بعضه ببعض·· وتحديث التعليم عبر هذه الفنون أساسي لخلق الخيال والإبداع·
ü هل ترين أن دعم الحكومة ضروري لاستمرار مشروع الثقافة الموسيقية في الدولة ؟
üüالدعم الحكومي أساسي إذ لا يسطيع أي مشروع ثقافي مبني على أساس سليم مميز أن ينهض من دون دعم الحكومة، فنجاح أي عمل ثقافي يحتاج إلى عوامل ثلاثة: دعم الحكومة ، والتعبئة والتعليم·
والتعبئة تأتي من جهد كل فرد يعمل بكل جوارحه من أجل قضية يؤمن بها، وهذا ما تقدمه مؤسسات الدعم العام التي بعلاقاتها المتشعبة في المجتمع هي قادرة على تحريك هذا المجتمع، فالحكومة غير قادرة لوحدها على انجاح المشروع من دون تعبئة قائمة على مؤسسات العمل التطوعي التي تتحول الى جمهور تلمّس الثقة بهذا المشروع الثقافي· إضافة الى التعليم الذي هو الأساس في تجذر التجربة الثقافية واستمرارها·
üبعد أن تم إنشاء هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لاحظنا نشاطاً مكثفاً في حقل الموسيقى العربية والكلاسيكية···كيف يمكن أن نفهم هذا التوجه وبخاصة تزايده في الدورة الثقافية السابقة ؟
üü مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون توجهت من بداياتها إلى الموسيقى بشقيها الكلاسيكي العربي العالمي، وإحياء أصول الموسيقى العربية الكلاسيكية لمواجهة التيار السائد اليوم (البوب)· هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لديها توجه للاهتمام بالموسيقى العربية الكلاسيكية ونحن كمجموعة نساند الهيئة بالكامل في هذا التوجه لأهمية الحفاظ على الموسيقى العربية بعلومها وقالبها وهي تستحق منا هذا الاهتمام ·
المتاحف
üü لاحظنا مؤخراً نشاطاً واهتماماً بما تقدمه المتاحف العالمية وبخاصة زيارة متحف دولماباتشي للدولة وما أعلن عن زيارة متاحف أخرى قريباً··كيف نفهم هذا التوجه ؟
üüهذا التوجه طبيعي نحو تأسيس المتاحف وحفظ التراث، عندما نحظى بحركة إبداعية وثقافية مميزة هذه الحركة ستدخل في التاريخ لأن المتاحف هي الحاضن والحافظ للفنون والتي من خلالها نضمن الحفاظ على الحضارة التي تنتجها المجتمعات· لابد من تأسيس المتاحف لأن المتاحف هي الشاهد على التاريخ الماضي وهي مستقبل الحضارة الإنسانية والتي تحفظ شواهدها في المتاحف ·
ü لا يمكن توسيع نشاطات مجموعة أبوظبي للموسيقى كي تدخل عددا من المواقع الثقافية كاتحاد الأدباء ؟
üüالعلاقة قائمة مع اتحاد الأدباء وغيرها من المؤسسات الثقافية في الدولة وهذه العلاقة متميزة وفاعلة سواء داخل الدولة اوعالميا · وتواصلنا دائم مثلا مع اتحاد الكتاب عبر دعوات مشتركة وتنظيم ندوات مشتركة والباب دائما مفتوح بيننا للعمل سويا·
ü هل اثبتت هدى كانو أن قيادة المرأة للمجال الثقافي ممكنة وهي تحقق النجاح ؟
üüقيادة المرأة في المجال الثقافي أثبت في المجال الثقافي قبل هدى كانو باجيال وسنين· انا سيدة سمحت لها الظروف أن تساهم في عملية البناء· عندما تتسلح المرأة بعلمها وتعطى الفرص المتكافئة مع الرجل، لابد أن تثبت وجودها، ورغم عدم تكافئ الفرص في الكثير من الأحيان، الا أن المرأة استطاعت أن تنتزع هذا الحق بوجودها· أنا سيدة سنحت لي الظروف أن ابني وبنيت بحكمة واصالة وحداثة وارجو أن أكون قد استطعت أن اضيئ ولو شمعة صغيرة
ü هل يمكن التفكير بإنشاء فرقة موسيقية للعزف الكلاسيكي في الدولة ؟
üüهذا التوجه وارد اليوم طالما أننا نملك جمهورا وهو جيل المستقبل، ونملك حاليا نهضة للحداثة وهذا ما يفسح لنا المجال لإنشاء اوركسترا وطنية ومتاحف فنية وكل ما يخدم مسيرة الفنون جمعاء·
عدد اليوم
