الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أوروبا في مفترق طرق.. اللاجئون أو نهايـــة شينجـــن

أوروبا في مفترق طرق.. اللاجئون أو نهايـــة شينجـــن
15 سبتمبر 2015 10:18
إعداد: يسرى عادل لماذا تغير المشهد؟ لكن لماذا تغير المشهد الأوروبي فجأة؟، ولماذا برز هذا الانقسام الواضح داخل الاتحاد عندما دفعت المأساة السورية بعض الجثث إلى شواطئه، في حين أن المسألة لم تكن لتشغل بال أي دولة والجثث تغرق في أعماق البحر الأبيض المتوسط؟. هل هو صحوة ضمير مثلا بأن من يعيش رعب الموت اليومي داخل سوريا يستحق فرصة للحياة إذا تمكن من اجتياز مغامرة الإبحار في المجهول؟. أم هو محاولة للاستفادة من قدرات وطاقات وأيدي عاملة تضيع هباء داخل مخيمات اللاجئين في دول الجوار السوري من تركيا والعراق والأردن ولبنان التي لم يعد بإمكانها استيعاب أي مزيد، بل الخطر يتصاعد يوما بعد آخر حول انفجار الأوضاع فيها وقد تحول بعضها إلى ما يشبه السجون. أوروبا في 2015 استفاقت على ما يقارب نحو مليون مهاجر ولاجئ، وهو ما وصفته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تعد بلادها الدولة الأولى المستهدفة بالهجرة بأنه تحد أكبر من الأزمة الاقتصادية اليونانية التي هزت حدود «شينجن» طوال النصف الأول من العام، معلنة الاستعداد لاستقبال أي لاجئ ينجح في الوصول إلى حدودها، على الرغم من صعوبة هذه المسألة، التي تتطلب عبور بلدان عدة منها ما لا يتفق مع سياسة ميركل في هذا الخصوص، وأبرزها المجر التي تصدرت محاربة المهاجرين بذريعة «الدفاع عن المسيحية»، وشرعت عبر نظام رئيس وزرائها فيكتور أوربان الملقب ب»الفيكتاتور» إلى صد هذه الهجرة بإنشاء سياج على طول حدودها مع صربيا ينتظر أن ينتهي بحلول أول أكتوبر المقبل. وبين نموذج ألمانيا المنفتح على استقبال اللاجئين ودمجهم في المجتمع، ونموذج المجر التي أقل ما يقال عنها إنها «معادية للمهاجرين» وإنه حتى السماح بعبورهم أراضيها من صربيا لم يكن ليتم في ظل النظام الحالي لولا عدسات كاميرات وأفلام ناشطي حقوق الإنسان ومخاوف مقاضاتها دوليا، تنقسم أوروبا حاليا حول الخطة الأفضل للتعامل مع أزمة المهاجرين، علما أن هناك اتفاقية واضحة تنظم هذه المسألة داخل دول الاتحاد ال28 تعرف ب»بصمة دبلن» أو «قانون دبلن 3» وتقضي بتسجيل اللاجئ في أول دولة تطأها أقدامه. في مواجهة الجميع..! معظم إن لم يكن جميع دول الاتحاد الأوروبي يلقي بمسؤولية تدفق هذا الكم الهائل من اللاجئين السوريين، على ألمانيا التي قالت مرارا وبوضوح «إن أعداد اللاجئين التي حطمت الأرقام القياسية يمكن أن تساعد في خفض النقص المزمن في العمالة وأن تعطي دفعة لأكبر اقتصاد في أوروبا». ووفق وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل نائب المستشارة انجيلا ميركل »إن المهاجرين يمكن أن يفيدوا في مواجهة التحدي السكاني إذ تشير التقديرات إلى أن عدد سكان ألمانيا ممن هم في سن العمل سينقص 6 ملايين نسمة بحلول عام 2030، وإن عدد الوفيات يفوق عدد المواليد مما يجعل من الصعب الحفاظ على النمو الاقتصادي». يؤكد بعض المراقبين أن التغير الجذري في قوانين الهجرة في أوروبا باحتضانها للاجئين لم يكن اهتماما بالجانب الإنساني فحسب، إذ ستستفيد الدول المضيفة استراتيجياً بمطامع جلها يدغدغ الجانب الديموغرافي وتنوع مصادر الدخل، فضلا عن وقف زحف الهجرة نحو المدن واستثمار الموارد الريفية. ومن المتوقع أن يستفيد الجانب الأوروبي من قدوم اللاجئين مستقبلاً، فديمغرافية الاتحاد تبعث على القلق، بسبب التهرم السكاني ونقص اليد العاملة، كما أن معدلات الاستهلاك منخفضة مقارنة بنسب التشغيل ومستوى الأجور. والمنطقة تحتاج بشكل واضح إلى ضخ دماء جديدة في الطبقة العاملة، ودفع عجلة الاستهلاك، ولهذا، فإن جرعة المهاجرين الجدد قد تمثل انتعاشا للاقتصاد. ويقول هؤلاء إن ألمانيا على سبيل المثال وهي إحدى تلك الدول التي تعاني الشيخوخة في القارة العجوز، أشارت في إحصائياتها الرسمية إلى أن مدينة غوسلار تخسر من 1500 إلى 2000 شخص سنويا. ويعيش في المدينة اليوم نحو 42 ألف شخص بعد أن كانوا نحو 60 ألف شخص بعد سقوط الجدار عام 1989. والاقتصاد في المدينة يعاني هو الآخر من نقص الأيدي العاملة، كما أن بعض التخصصات المهنية والوظائف لا تجد من يمارسها من الجيل الجديد بسبب نقص الشباب». تقف ألمانيا وفق آخر الدراسات كواحدة من أقل الدول خصوبة في العالم ب1.4 طفل لكل امرأة، أي معدل مواليد يبلغ 8.2 طفل لكل 1000 شخص، وهو رقم لا يمكن إدراك مدى خطورته إلا إذا ما قورن مثلا برقم معدل المواليد في فلسطين مثلا 35.9 طفل لكل ألف شخص، وسوريا 26.5 طفل. وإذا ما استمرت معدلات المواليد المنخفضة، فإن عدد السكان البالغ نحو 84 مليون شخص، سينخفض بحلول 2060 إلى 65 مليونًا، وهذا يعني أن الماكينة الألمانية لن تستطيع الاستمرار من دون أيد عاملة. ووفق الدراسة، هناك أكثر من 20% من السكان في دول مثل إيطاليا وألمانيا تفوق أعمارهم ال 65 سنة، وبالمعدلات الحالية، فإنه بحلول عام 2050 سيصبح أكثر من ربع سكان أوروبا فوق سن التقاعد، بلا عمل، يعيش معظمهم اعتمادًا على نفقات الدولة، لكن هل يستطيع ثلاثة أرباع السكان توفير ذلك؟. لذا فإن المهاجرين يقدمون بديلاً سريعًا لغياب الأيدي العاملة. استنفار اليمين المتطرف في المقابل، يخشى اليمين الأوروبي أن يهدد تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين والمهاجرين «اتفاقية شينجن» إلى درجة أن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي يتوقع أن يعود للرئاسة في 2017 دعا إلى تعليق العمل بالاتفاقية قائلا إن أزمة الهجرة تحول دون تنفيذها. بينما حذر آخرون مثل الزعيم الهولندي المنتمي لأقصى اليمين غيرت فيلدرز مما وصفه ب «غزو إسلامي»، وقال «حشود من الشبان الملتحين في العشرينيات من العمر تهتف الله أكبر في أنحاء أوروبا..إنه غزو يهدد رخاءنا وأمننا وثقافتنا وهويتنا». وقد هاجمت زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية (يمين متطرف) مارين لوبان، برلين وقالت إنها تسعى إلى اتخاذ اللاجئين كعبيد وتشغيلهم بأجور متدنية. وقالت لوبان المعروفة بمعارضتها للهجرة ل»الاتحاد» «إن ألمانيا ربما تظن أن سكانها يشرفون على الهلاك، وربما تكون تسعى إلى إعطاء أجور متدنية، لذا فإنها تواصل جلب العبيد من خلال الهجرة الجماعية». فيما أعلن الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف كلاوس أن أوروبا ترتكب «انتحارا» عبر استقبالها المهاجرين. وقال وزير خارجية سلوفاكيا ميروسلاف لايتشاك «إن منطقة شينجن انهارت وسط تفاقم تلك الأزمة». أما قمة اليمينية فهي تلك التي جاءت على لسان رئيس الوزراء المجري قائلًا «إن اللاجئين يمكن أن يتحولوا لإرهابيين، وأنهم يمثلون خطرا على مسيحية أوروبا». ويقول مراقبون «إن أوربان إنما يفتعل تلك المشاكل ليكسب أرضية جديدة بين المجريين الذين يزداد جنوحهم نحو اليمين المتطرف المتمثل بحركة يوبيك الصاعدة، والتي حصلت على 20? من أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة وتُعَد التهديد الرئيسي لحزب فيدَس الذي يرأسه». - المخاوف الشعبية: وبعيدا عن الجدل الدائر بين الدول الأوروبية حول مستقبل الأزمة، لا بد من الوقوف عند بعض الجوانب على مستوى القاعدة الشعبية إزاء ما يجري وأبرزها الآتي: 1- التزاحم على الفرص: يخشى مواطنو أوروبا من الانعكاسات السلبية لتواجد اللاجئين على مختلف مناحي الحياة، إذ أظهرت دراسة أن العواقب الناتجة عن تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا وكذلك أزمات الديون في بعض الدول الأوروبية تسببت في إصابة الألمان بمخاوف كبيرة. وأوضحت أن نصف الألمان لديهم مخاوف من إثقال كاهل بلادهم بسبب تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين وكذلك من التطرف السياسي. وأضافت أن أزمات الديون في بعض الدول الأوروبية تثير إزعاج الألمان أيضا، حيث أوضح 64 بالمئة ممن شاركوا في الدراسة أنهم يتخوفون من ارتفاع التكاليف بالنسبة لدافعي الضرائب بسبب هذه الأزمات. 2- البطالة: يقلق مواطنو أوروبا انخفاض أجور الأيدي العاملة في أوساط اللاجئين من جهة، كما يرهقهم عدم توافر فرص عمل وارتفاع معدل البطالة في معظم دول أوروبا الثانية من جهة أخرى، وهو ما دفعهم لمحاولات منع لجوء المهاجرين لدولهم، عبروا عنها بسوء الاستقبال والمظاهرات تارة وبصناديق الاقتراع بالتصويت ضد داعمي برامج اللجوء تارة أخرى. وإن كان الخوف من البطالة الشغل الشاغل للمواطنين، فلا تُخفي حكومات أوروبا هواجسها من ذات الموضوع وبطريقة مختلفة. إذ تخشى دول الاتحاد من اكتفاء اللاجئين بالمخصصات الممنوحة من الحكومة والتقاعس في العمل وعدم المشاركة في التنمية. ماذا بعد اللجوء؟ الإشكالية الأكبر في عملية استضافة اللاجئين أو ما وصف مؤخراً ب»الهجرة الكبرى» ليست في توفير وظائف لهم، أو في إيجاد مكان لهم على الأرض الأوروبية، لكن في إيجاد مكان في عقولهم لأوروبا. فعملية دمج المهاجرين هي الإشكالية الكبرى بالنسبة للأوروبيين. وقد قارنت ميركل في المؤتمر الصحفي الذي أعلنت خلاله رقم ال800 ألف مهاجر، بين العمل الذي يقتضيه دمج اللاجئين خلال السنوات المقبلة مع الجهود التي بذلت «لبناء ألمانيا الشرقية» بعد انهيار جدار برلين عام 1990 وإعادة توحيد ألمانيا. ويقول أحد الخبراء الإعلاميين الألمان «إنه خلال الأشهر والسنوات القادمة، سيكون علينا إعادة دمج أقليتين في نفس الفترة، اللاجئين الذين سيبقون معنا لفترة طويلة و»المواطنين القلقين» ممثلي ثقافة الخوف»، ويتابع «ستكون المهمة أصعب مع المجموعة الثانية على الأغلب»، وهذا هو السؤال الأصعب الذي سيكون على أوروبا مواجهته. وبانتظار أن تجد دول الاتحاد الأوروبي لغة تفاهم مشتركة حول استقبال واستيعاب وتوزيع اللاجئين الذين يواصلون العبور من تركيا إلى اليونان ومنها إلى مقدونيا وصربيا والمجر والنمسا فألمانيا والسويد والنرويج، لا يبدو أن التدفق سيتوقف حتى لو أكملت بودابست طريق السياج الحدودي، أو وافق مجلس الأمن الدولي قبل نهاية سبتمبر على خطة قوات البحرية الأوروبية اعتراض وتدمير قوارب مهربي المهاجرين في البحر المتوسط ضمن المرحلة الثانية لمهمة «يونافور ميد» التي أطلقت في يونيو الماضي والتزمت بداية بجمع المعلومات الاستخباراتية وعمليات الإنقاذ، والتي سيليها أيضا مرحلة ثالثة يفترض أن تعمل في المياه الليبية المواجهة للسواحل الإيطالية. تعريف الشخص الذي يهرب من بلده إلى بلد آخر خوفاً على حياته، أو خوفاً من السجن أو التعذيب. واللاجئ هو الأجنبي الذي يجد نفسه في بلد آخر غير وطنه أو البلد المقيم فيه نتيجة تعرضه للاضطهاد بسبب الجنس، القومية، أو كونه تابعاً لتجمع ما، أو بسبب الاعتناق الديني أو السياسي سواء أكان الاضطهاد من قبل حكومة بلده أو من قبل جهة أخرى لم يستطع بلده تأمينه فيها، ويتوجب أن يكون هذا الشخص قادراً على إثبات أنه لم يتم إعادة توطينه في بلد أجنبي آخر، كما ويجب أن يندرج طلبه ضمن أولويات معينة لإتمام طلبه في اللجوء. اللاجئ حسب اتفاقية الأمم المتحدة التي وقعت عليها أكثر من 130 دولة والتي تسمى اتفاقية جنيف، هو الشخص الذي لديه مبررات أن يكون خائفاً بسبب الاضطهاد الذي يتعرض له في بلده لأسباب مختلفة أبرزها الحرب والإرهاب والفقر. ونصت المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصراحة على حق كل فرد في إن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد ولا ينتفع من هذا الحق في المحاكمات المستندة إلى جرائم غير سياسية أو أعمال مخالفة لأغراض ومبادئ الأمم المتحدة. وبالرغم من ما ورد سلفاً إلا أن المنشئين لنظام اللاجئين توقعوا أنَّ تعريف اللاجئ سوف يتطور مع مرور الزمن إما من خلال النواحي الفقهية التشريعية في دول معينة أو من خلال إبرام الاتفاقات التكميلية، فما زال الإطار القانوني غير واضح بما يكفي ليحدد بدقة التزامات الدول أمام الأشخاص الفارِّين من الحرمان والذين يقعون خارج الفهم التقليدي للاضطهاد. أشكال > اللجوء الإنساني: هو اللجوء إلى دولة أخرى بسبب الحروب والنزاعات أو التفرقة العنصرية باختلاف أنواعها. ويمكن أن ينتهي هذا اللجوء بانتهاء السبب الذي بدأ به. وقد أخذ هذا النوع من اللجوء أهمية بالغة في الوقت الحاضر نظراً لما تشهده بعض المناطق في العالم من حروبٍ وتفرِقاتٍ عنصرية تدفع الأقليّة المضطهدة إلى الهرب من أوطانها بحثاً عن الأمان. > اللجوء السياسي: وفقاً لاتّفاقيّة حقوق الإنسان الدوليّة، فإنّ حقّ اللجوء السياسي مكفول لأيّ إنسان مورست بحقّه الاضطهادات بشتّى أنواعها، من فقر وجوع وبطالة وقمع لرأي أو نشاط سياسي. ويعد هذا النوع حقّاً قضائيّاً، يخضع بشكل خاص لقانون اللاجئين، المتفرّع عن القانون الدولي المهتم بشكل عام بحقوق الإنسان. > اللجوء الديني: هو أن يقوم الشخص باللجوء إلى دولة أخرى بسبب تعرضه للاضطهاد بسبب اعتناقه لدين أو لطائفة أو فكر معين أو معتقدات معينة. لم يكن المشهد الصدمة لجثة الطفل الكردي «أيلان» ذي الثلاث سنوات التي قذفتها الأمواج إلى الشاطئ التركي أكثر من قمة رأس الجليد لمأساة باتت شبه مزمنة عنوانها فوضى غرق المهاجرين الطامحين إلى عتبات أوروبا، أملا في بداية جديدة لأحلام سرقت ودمرت في أوطانهم، لكن رحلتها باتت أشبه بالسير على حدود الموت من دون طوق نجاة. ربما أضاء المشهد الذي أجج مشاعر العالم، ودق ناقوس الخطر الإنساني، على مأساة سوريا المتفاقمة منذ أكثر من 5 سنوات لاسيما وأن الطفل الشهيد من نازحي بلدة «كوباني» الكردية التي ذاقت الويل من عصابات «داعش» الإرهابية التي تخوض حرب استنزاف مع نظام دموي لحاكم يدعى بشار الأسد لا يختلف عنها قمعيا في بطشه ضد المدنيين. لكن قصص غرق المهاجرين لا تحمل لون أي جنسية، ذلك أن عصابات تهريب البشر لا تميز في بشرة السوري والعراقي والصومالي والإريتري والأفغاني وغيرهم إلا لون عملتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©