الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الفحم يهدد بإطاحة الغاز الطبيعي عن عرش الطاقة

20 ديسمبر 2006 00:05
إعداد - أيمن جمعة: ''الاهتمام المفاجئ بسوق الفحم العالمي، قد يكون له تأثير غير متوقع على منتجي الطاقة في الخليج''·· هذا ما خلص إليه تقرير موسع نشرته مجلة ''ميد'' حول تداعيات الأوضاع في سوق الطاقة والتي تدفع عددا متزايدا من الدول للبحث عن بدائل للطاقة بما في ذلك الفحم الذي قد يصبح منافسا قويا للغاز والنفط· وتقول ''ميد'': ''هناك الكثير من الاماكن التي قد تتوقع ان ترى فيها منشأة لتوليد الكهرباء بالفحم لكن المؤكد انك لن تتوقع أن تكون منطقة الشرق الأوسط واحدة منها، فهذه المنطقة تسيطر على أكثر من 40 % من الاحتياطيات المعروفة في باطن الأرض اضافة الى ربع الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي لكن الصورة قد تكون على خلاف ما تتوقع·'' وجاء في التقرير: ''يقوم الغاز حاليا بتغذية جانب كبير من متطلبات محطات توليد الطاقة على مستوى العالم· وعلى طول ساحل الخليج العربي يتم تشييد محطات لتسييل الغاز بمليارات الدولارات وتصديره إلى الدول المتعطشة للطاقة في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة· وبعيدا عن سواحل الخليج يتم مد شبكات شاسعة من الخطوط لنقل الغاز إلى المنشآت الصناعية· ومع ذلك فعلى بعد عدة كيلومترات قليلة إلى الجنوب من قطر والإمارات، وبالقرب من بلدة رايسوت في سلطنة عمان يوجد موقع يتم التفكير في إعداده لتوليد الكهرباء من الفحم، وفي حالة المضي قدما فيه فإنه سيكون الأول من نوعه في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لكنه قد لا يكون الأخير''· ومن المتوقع أن تقدم هذه المحطة 500 ميجاوات من الكهرباء وهو رقم ضئيل عند مقارنته بالمحطات العملاقة في أبوظبي وقطر التي تولد ألفي ميجاوات على الأقل باستخدام الغاز· ومع ذلك فإن بعض محللي الصناعة يرون في هذه المحطة مؤشرا على اتجاه تطور الأوضاع· وهم يقولون إن محطة رايسوت تذكرنا بالتغييرات السريعة التي تحدث في أسواق الطاقة العالمية وهي التغييرات التي قد تجبر الكثير من موردي الطاقة في الخليج على إعادة التفكير في خططهم لإنتاج الغاز· ويبدو ان سلطنة عمان تسير في هذا الاتجاه بحكم الضرورة فانتاج السلطنة من النفط يتراجع الى أن وصل الى 570 الف برميل يوميا حاليا مقارنة مع ذروة بلغت 840 الف برميل يوميا في ·2000 وتخصص السلطنة الجانب الاكبر من انتاجها من الغاز للتصدير وتلبية حاجات القطاع الصناعي· وقال محلل: ''عمان ليست لديها امدادات قوية من الغاز والكميات المتوفرة منه مخصصة لمحطات البتروكيماويات ومصاهر الألمنيوم، لذا فإنها ستقوم عاجلا ام آجلا بالاستيراد من مكان ما·'' ورغم ان المغرب وعمان دولتان استثنائيتان في المنطقة فإنهما تقدمان مؤشرا قد يكون هو الاتجاه المستقبلي خاصة في ضوء النمو السريع للاقتصاد في الصين والهند· وهاتان الدولتان تختاران مصادر الوقود استنادا الى عاملين هما، النفقات وضمان الامدادات· ويبدو ان الغاز يخسر على الجبهتين، فهو ليس أسهل مصادر الطاقة نقلا ولا أرخصها سعرا· ويقول محلل ''الناس تنسى أن نفقات الغاز الطبيعي المسال لا تتوقف فقط على الطلب لكنها تتعلق أيضا بالنفقات الرأسمالية· وهذه النفقات ارتفعت بقوة· المستهلكون قد يلتزمون بشراء الغاز الطبيعي المسال طيلة فترة عقد ما، لكنهم قد لا يفضلون تجديده·'' والزيادات السعرية التي شهدها سوق الغاز مؤخرا أثارت مخاوف في أوساط محللي الطاقة العالميين· وقال خبير ''هناك دول بعينها خاصة الصين والهند ستقوم وببساطة بالتخلي عن شراء الغاز لأغراض توليد الكهرباء إذا ارتفعت أسعاره جدا، وهذا يحدث الآن بالفعل· وضمان امدادات الطاقة هو العنصر الثاني الذي يقلق المستهلكين، وذلك لأسباب منها تركز احتياطيات الغاز بشكل كبير في مناطق محدودة بالعالم خاصة الشرق الأوسط والاتحاد الروسي·· وفي المقابل فإن احتياطيات الفحم أكثر انتشارا في العالم· ويقول خبير ''الفحم متاح في أماكن عديدة من العالم، فإذا لم تحصل عليه من استراليا فبوسعك شراؤه من آسيا، واذا لم تعجبك الاسعار فبوسعك التحول إلى أماكن أو أسواق اخرى''، وهذا التنوع يجعل شبكة تجارة الفحم أكثر مدعاة للاطمئنان من الغاز· وهناك أيضا شكوك بشأن خطط الغاز مستقبلا· فكثيرا ما توقفت خطط مد خط أنابيب لنقل الغاز الايراني الى الهند عبر افغانستان، بسبب مشكلات سياسية وأخرى تتعلق بالإمداد والتموين· كما تعثرت خطط تطوير الغاز في حقل جنوب فارس في ايران بسبب العقوبات الخارجية والمعارضة السياسية الداخلية·ويقول محلل: ''الناس تشعر بالقلق من مستقبل إمدادات الغاز· جانب من المشكلة يتعلق بأن مستهلكي الغاز ملتزمون بعقود طويلة الاجل· ولذا فهم يحتاجون للشعور بالأمان· الناس يسألون دوما عن المكان الذي تخرج منه الموجة المقبلة من الغاز بعد عام ·2015 كان السيناريو يقضي بأن تقوم إيران بسد هذه الفجوة لكننا نبحث الآن عن مصادر أخرى أكثر أمنا''· ويرى البعض أن بالإمكان سد هذه الفجوة باستخدام الفحم· وحتى الآن فإن الفحم يتم استهلاكه أساسا في الصين (التي تبني محطة لتوليد الكهرباء كل شهر) والهند لكنه قد يصبح خيارا لدول منظمة الأمن والتعاون الاقتصادي إذا استمر التقدم التقني الذي يتيح تقليص الانبعاثات المسببة لارتفاع درجة حرارة الارض· وهذا قد يؤثر على سوق الغاز بعد عام ·2015 والمشكلة الرئيسية المتعلقة بالفحم هي انه يلوث البيئة والدول الصناعية التي اعتمدت لفترة طويلة على الفحم تضخ استثمارات كبيرة لمعالجة هذه المشكلة· المغرب يقود المسيرة لا توجد دعوات تذكر في منطقة الشرق الاوسط للتحول الى استخدام الفحم لتوليد الكهرباء، فنصيب المنطقة 0,3 % فقط من الاستهلاك العالمي للفحم الذي يصل الى 4600 طن سنويا· ولا توجد احتياطيات كبيرة منه في المنطقة· وربما يكون المغرب رائدا في استخدام الفحم، فهو يقوم حاليا ببناء ثاني محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في منطقة الجرف الاصفر والتي يعتزم طرحها كمناقصة على أساس البناء والتملك والتشغيل لفترة يتفق عليها ثم نقل ملكيتها الى الحكومة· ويقول خبير مقره الخليج ''لديهم كميات من الفحم وكذلك تكنولوجيا متقدمة الى حد ما تمكنهم من العمل بأداء مرتفع· ولذا فبالنسبة للمغرب فإن الامر يبدو منطقيا لكنها تظل واحدة من دول قليلة في المنطقة التي يمكن وصفها بذلك·'' إنتاج الكهرباء تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل إنتاج الكهرباء الى 4500 تيرا وات في الساعة بحلول عام 2030 على أن يقدم الفحم ربع الإمدادات المطلوبة لإنتاج هذه الكمية· تكلفة محطة الفحم بناء مصنع لتوليد ألف ميجاوات من الكهرباء باستخدام الفحم مع تزويده بتقنية للحد من التلوث يكلف حوالي ملياري دولار تقريبا وهو ما يزيد 30 % تقريبا عن تكاليف المحطة التي تعمل بالغاز· ولكن إذا ارتفعت أسعار الغاز لمستويات كبيرة فإن استخدام الفحم ربما يصبح مجديا اقتصاديا· وفي هذا الإطار أعلنت شركة ''الستوم'' الفرنسية يوم 21 نوفمبر الماضي أنها فازت بعقود قيمتها 526 مليون دولار لوضع أنظمة للتحكم في الانبعاثات الضارة في المحطات الأميركية لتوليد الكهرباء بالفحم التي تحصل حاليا على نحو نصف احتياجاتها من الكهرباء من الفحم· الهدف الحقيقي هو القضاء على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإذا تحقق هذا فستكون ضربة كبيرة لسوق الغاز·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©