الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العودة إلى المدرسة تُثير حماس الطلبة الجُدد ونفور القدامى

العودة إلى المدرسة تُثير حماس الطلبة الجُدد ونفور القدامى
22 سبتمبر 2011 21:45
ابتسامات الأطفال المرسومة في الإعلانات الترويجية التي تنتشر في كل الأماكن، وتغزو كل المراكز التجارية والشوارع الرئيسية، وتتخلل برامج معظم القنوات الإذاعية والتلفزيونية إيذاناً بقرب حلول موسم دراسي جديد لا تعكس في الحقيقة واقع جميع الأطفال. ويكفي القيام بجولة متعددة المحطات إلى المدارس في الأيام الأولى من انطلاق الموسم الدراسي لتكتشف أن الكثير من الأطفال يأتون شبه مكرهين إلى المدرسة، وإن طالعت وجوههم من نوافذ الحافلات المدرسية التي تُقلهم تقرأ في قسماتها رسائل تبعث على الأسى، ويُخيل إليك أنهم يُساقون سَوْقاً إلى مكان تبذُل الوسائل الإعلامية والإعلانية جهداً لتصويره على أنه محفل الصغار. أبوظبي (الاتحاد) - يختلف انطباع الأطفال عن اليوم الأول من الدراسة، فهو عيد ليس كالأعياد بالنسبة للتلاميذ الجُدُد، لكن التلاميذ والطلبة القُدامى والذين ينطبق عليهم فعلاً وصف العائدون إلى المدارس يستقبلون هذا اليوم بفتور ونفور. فما سبب إقبال الجُدُد وفتور القدامى؟ وهل تغذو انطباعات الجُدُد كالقُدامى بعد دخولهم في روتين الواجبات والأعباء والامتحانات؟ روتين ممل يقول العالم النفساني وطبيب الأطفال باتريك كيلي من مركز جون هوبكنز “غالبية الأطفال يستقبلون العام الدراسي الجديد بفتور ويكون اليوم الأول من أصعب أيامهم”. لكن الأمر يختلف عند الملتحقين الجُدُد، فهؤلاء يعيشون فترةً يستقبلون العام الدراسي بحماس، ويعيشون فترةً شبيهةً بشهر العسل. لكن هذه الحماسة سُرعان ما تتلاشى بعد مرور شهر أو أكثر، إذ يتحول الافتتان بجو المدرسة الجديد إلى روتين يومي مُرادف للواجبات المنزلية والتمارين الصعبة والمناهج المكثفة والحرمان من ترف الراحة والأنشطة الترفيهية التي تعود عليها في عطلة الصيف. وهنا تطفو على السطح إحدى القضايا الأكاديمية والاجتماعية الهامة. وهذا أمر طبيعي حسب عُلماء الاجتماع، فالجديد سُرعان ما يبلى، والمثير سُرعان ما تختفي إثارته، وكل مشاعر الحماسة تخفُت ويجد الطفل نفسه أمام تسعة أشهر طوال يمكنه جعلها سماناً كما يمكنه جعلها عجافاً. وهكذا، ما أن يمر “شهر عسل” الطلبة الجُدُد حتى يبدؤوا بالتذمر والشكوى. وتُصبح عبارات “أشعر بالملل، أكره المدرسة” من أكثر العبارات التي تتداولها ألسنتهم. ويقول باتريك كيلي إن مفتاح علاج هذا التذمر يوجد لدى الآباء، واكتشاف أسباب تذمر أطفالهم من المدرسة من مسؤوليتهم. ويضيف “بعض الأطفال الملولين قد يكونون بحاجة بالفعل إلى أشياء أكثر استفزازاً لذكائهم وإثارةً للتحدي داخل الصف الدراسي، بينما ينتهي المطاف بآخرين إلى اللامبالاة وعدم الاكتراث كوسيلة للتمويه والتغطية على حقيقة كونهم متعثرين دراسياً أو ضُعفاء”. وقد يستخدم بعض التلاميذ والطلبة مثل هذه التعابير كنوع من التعويض ورد الفعل ضد ما يتعرضون له من ضُغوط اجتماعية مثل تكرر تعرضهم للإحراج من المدرسين أو التحرش أو التنمر من زُملائهم أو وسطهم الاجتماعي. شعرة رقيقة يقول كيلي “هي شعرة رقيقة جداً يصعُب أحياناً اكتشافها”. وتُساعد اختبارات قياس مستوى الذكاء (IQ) ومستوى الإنجاز مثلاً على معرفة بعض المشكلات التعلمية التي يعاني منها طالب ما، لكنها لا تكفي لاتضاح الصورة كاملةً للأبوين بشأن الابن، بل يحتاجون إلى استخدام “اختبارات” خاصة قادرة على النفاذ أكثر إلى أعماقه واستشفاف ما يؤرقه أو ينفره من المدرسة. ويضيف كيلي “قد تقول مُخاطباً ابنك بلُطف “علي الذهاب إلى العمل كل يوم وأنت عليك أن تصحو باكراً وتذهب إلى المدرسة غداً، فما الذي يمكننا فعله إذن لجعل الأمور تسير بشكل أفضل بالنسبة إليك؟”، وتُواصل تنقيبك عن الأمر واستدراج الطفل ليتحدث مرةً تلو أخرى إلى أن تكتشف جوهر المشكلة وأساسها”. لكن ماذا لو كانت ابنتك راضيةً مرضيةً ثم تحولت فجأةً إلى متذمرة ورفضت الاستمرار في إنجاز واجبها المنزلي في الرياضيات مثلاً؟ وماذا لو رفض ابنك مراجعة دروسه في مساق التاريخ استعداداً للامتحان؟ الأرجح في هكذا أوضاع أنه عندما تبدأ الأعباء المدرسية في التسارُع يبدأ معظم التلاميذ، بمن فيهم أولئك الذين تكون مخرجاتهم جيدة وتحصيلهم مُرضياً في الماضي، بالشعور بالضغط بسبب تتالي الواجبات المدرسية المتزايدة الصعوبة يوماً بعد يوم ورفع الآباء لسقف توقعاتهم بشأن النجاح والعلامات التي يجب أن يُحصلها أبناؤهم. ويبدو هذا بجلاء أكثر لدى التلاميذ الذين يدرسون في سنة انتقالية من الروضة إلى الابتدائي أو من الابتدائي إلى الإعدادي، أو من الإعدادي إلى الثانوي. المستشار التربوي تقول إلينور ماكيي من المركز الوطني الطبي للأطفال “الكثير من الآباء سيقولون إن ابنهم كان متكاسلاً ولم يبذُل جهداً كافياً، بَيْدَ أنه وفي معظم الحالات يكون التلاميذ فقط مغمورين لأنهم لم يُطوروا مهارات التنظيم والدراسة اللازمة”. وتوصي إلينور أن يلتقي الأب في مثل هذه الحالات بمُدرس ابنه أو ابنته أو بالمستشار التربوي أو الموجه المدرسي لمعرفة ما إذا كان سبب ضعف تحصيل الابن تكمُن في حاجته إلى ساعات دراسية تتسم ببنيوية ومنهجية أكثر، أو في حاجته إلى مُرشد تربوي يُلازمه لفترة قصد توجيهه وتنويره إلى أن يستعيد ثقته ويقف على سكة قاطرة الدراسة بثبات”. وتقول ماكيي إنه يتعين على الآباء أن يكونوا واعين بأنه كلما اتجه التلاميذ إلى المراحل الأخيرة من السنة الدراسية وتزايدت أعباؤهم الدراسية اطرادياً، ظهرت لديهم مشكلات لم يسبق تشخيصها مثل قصور الانتباه مع فرط الحركة أو غيره من الاضطرابات التي يحول وجودها دون تحسن أداء الطفل في مدرسته. كثافة المنهاج وكثرة المساقات المقررة فيه، خُصوصاً في المدارس الثانوية ذات القدرات التنافسية العالية، وكلما اقتربت الآجال النهائية لتقديم طلبات الالتحاق بالمؤسسات الجامعية “يبدأ خريجو الثانوية بالإحساس بالضغط الناتج عن مطالبتهم بالرفع وتيرة كدهم واجتهادهم والقيام بأعباء إضافية، فيُحاولون جاهدين أن يكونوا طلبةً خارقين ونُجوماً متألقين، لكن الذي يحدث على أرض الواقع هو أن نَفَسَهم يكون قصيراً ولا يستطيعون مواصلة المسير إلى النهاية”. وفي بعض الأحيان، لا تكون للعبء الدراسي علاقة بوُقوع الطالب في مشكلات أو اضطرابات. فعلى سبيل المثال، لو كان الطفل ينظر إلى المدرسة باحتقار، فقد يكون مرد نظرته تلك إلى وجود مُدرس “سيئ” أو مؤسسة تعليمية سيئة الكوادر. غير أن اللوم يُلقى عادةً وفي المقام الأول على الطفل نفسه أو على زُملائه الآخرين. ويقول كيلي إن الأطفال سُرعان ما ينخرطون في الجو الذي يجدونه في البيئة المدرسية بكامل صفاته وحيثياته، فيعيدون الصلة بأصدقائهم القُدامى أو يُكونون صداقات جديدة، وتتلاشى في أعينهم كل بواعث القلق التي كانت تسكن أذهانهم والصور النمطية التي كان يحملها آباؤهم عن ميل أبناء بعض الطبقات الاجتماعية إلى العدوانية أو التنمر أو غيره من الأفعال المستنكرة. أعراض النفور تقول ماكيي “يُكافح الأطفال في كافة مراحلهم العمرية لاكتشاف شخصيات أصدقائهم والطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها، وهذا يُشكل ضغطاً إضافياً عليهم، خُصوصاً مع انطلاق كل موسم دراسي”. وتُضيف ماكيي “إن النفور من الذهاب إلى المدرسة هو إحدى علامات الإنذار الشائعة. وهناك من يذهب مُكرهاً خوفاً من عقاب أبويه، فيُصاب بألم في المعدة بمجرد وصول الحافلة المدرسية إلى البيت، أو ينزوي وحيداً في ركن قصي من الكافيتريا عندما يحين موعد تناوُل وجبة الغداء كل يوم”. وتُشير ماكيي إلى أن الكثير من الدراسات سبق أن أظهرت أن الفتيات المراهقات بشكل خاص هُن الأكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب خلال الدراسة والاضطرابات النفسية التي لها علاقة بسوء أو تقلب المزاج. وإذا حدث أن تعرض ابنك أو ابنتك لتهديد بدني أو من أي نوع كان، فما يجدُر فعله هو الاتصال على الفور بإدارة المدرسة للتحري حول الأمر من أجل اتخاذ اللازم. وفي حال كان يملك الطفل حساباً على الموقع الاجتماعي “فيسبوك” واشتكى من تهديد ما، فيُفضل مراقبة حسابه على “فيسبوك” لمعرفة نوع العلاقات التي تربطه بالآخرين ومدى قابليته للوقوع ضحيةً للتنمر الافتراضي. ومن الأهمية بمكان التحقق مما إذا كان طفلك يحصل على قسطه الكافي من النوم، لا سيما إن كان يدرس في المرحلة الثانوية، والحرص على تعويده على تناوُل فطور مغذي. وتقول ماكيي “في بداية السنة الدراسية، يُحاول الآباء جعل كل شيء مميز وكامل، لكن عزيمتهم تتراجع بعد فترة قصيرة ويعودون تدريجياً إلى التعايش مع إدمان العادات السيئة وغير الصحية هم وأطفالهم”. ترجمة: هشام أحناش عن «واشنطن بوست» فن الإصغاء ما الذي يمكن للأب أو الأم فعله لمساعدة التلميذ أو الطالب على تخطي مثل هذه الصُعوبات؟ أولاً وقبل كل شيء، يجب الحفاظ على قناة التواصل مفتوحةً دوماً ومهما حصل. وفي هذا الصدد، تقول ماكيي “لا يُمكنك أن تُجبر ابنك على مُصادقة شخص ما أو تُجبر أحداً على مُصاحبة ابنك، ولكن يُمكنك أن تُنصت إليه وتُبدي له الدعم والتفهم، وتُساعده على تجميع الأفكار واستعراضها ثم انتقاء الأفضل منها والأكثر قابلية للتطبيق حتى تتسنى لك مساعدته على حُسن التعاطي مع الوضعيات الاجتماعية الصعبة، وهو ما ينفعه كثيراً باعتبار كل طفل يميل إلى مناقشة شؤون أقرانه وزُملائه مع من يُجيد الإصغاء والتواصل”. كما أن استمالة الابن أو البنت للتحدث عن تجاربه الخاصة في المدرسة، الإيجابية منها والسلبية، لا يخلو من فوائد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©