يشكل متحف التاريخ الطبيعي والنباتي، التابع لإدارة هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، نواة متنزه الصحراء، لما يتمتع به من خصوصية تجمع الترفيه والعلم، إذ يعتبر منارة لدمج الجانب النظري من التعليم بالتطبيق العملي للطلبة والزوار من مختلف الأعمار، كما يعد مقرا للأبحاث، التي تجري لمختلف المواضيع الحيوية والعلمية، وقد شكل افتتاح المتحف في نوفمبر عام 1995، فرصة للناس للتعرف على تاريخ الحياة الطبيعية في الصحراء العربية، إضافة إلى قضاء أوقات ممتعة.
المتحف المدرسة
حول إطلاق برنامج إثراء في متنزه الصحراء، قالت هنا السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحيات الطبيعية، إن هيئة البيئة والمحميات الطبيعية تسعى إلى تعزيز نشاطها في المدارس، من خلال إطلاقها برنامج إثراء في متنزه الصحراء، وهو حول التعلم خارج أسوار المدرسة، والذي يساعد الطلبة في جميع المراحل الدراسية، بدءا من الروضة وحتى الثانوية من المدارس الحكومية والخاصة في الشارقة، إضافة إلى مدرسي ومدرسات مواد العلوم العامة والأحياء والجيولوجيا، لربط ما يتلقاه الطلبة من معلومات داخل الصف مع أرض الواقع، والتعرف عن كثب عليها، بما يلبي حاجات الطلبة، ويخدم السياسات البيئة لدى الهيئة.
وأضافت السويدي أن برنامج إثراء يقدم الدعم للمدارس، من خلال توفير وسائل التعلم الإثرائية الفعالة المتعلقة بموضوعات المناهج الدراسية، ويعمل على ترسيخها لدى الطلبة بعد ممارسة الطالب ومشاهدته لتلك المعلومات في الحياة الطبيعية.
وبالنسبة لما يتعلق بالانتماء للطبيعة، قالت السويدي «الهيئة تطمح لتنمية جيل من الطلبة على درجة عالية من النشاط الذهني الفعال المحصن بقيم الانتماء إلى الطبيعة، وبمبادئ الممارسات البيئية السليمة الإيجابية»، مؤكدة أن البرنامج يثري الحصيلة المعلوماتية لدى الطلبة، من خلال الربط بين الكتب المدرسية والواقع البيئي الحيوي، الذي يتوافر في المراكز العلمية التثقيفية التابعة لهيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة، فعندما يقرأ الطالب عن الكائنات البحرية وحياتها، فهو يستقي المعلومات، لكن عندما يقوم المعلم بشرح هذه المعلومات وتطبيقها في متحف التاريخ الطبيعي، فإنه سيرسخ لدى الطالب المعرفة الحقيقية، ويحقق الأهداف المرجوة مما يتلقاه في الصفوف الدراسية.
وعي الأجيال
يقوم متحف التاريخ الطبيعي بنشر الوعي والمعرفة، فهو يعرف الأجيال بما تزخر به الصحراء بتنوع حيوي يؤثر على الطبيعة والحفاظ عليها، وقد تحول المتحف إلى مدرسة بيئية، حيث تعين الطلبة على فهم أهمية الحفاظ على موارد الطبيعية.
في هذا الإطار، قالت الكتبي إن متحف التاريخ الطبيعي يقدم نبذة عن الحياة الطبيعية في إمارة الشارقة، وعن تكيف الإنسان مع الصحراء وتسخير البيئة لخدمته، ويتعرف على تكون الأرض ومراحل تطورها، بالإضافة إلى الكائنات الحية المرئية والمجهرية، وكذلك الكائنات البحرية.
وحول تقسيم المتحف، أوضحت أنه في المتحف يسافر الزائر في رحلات عبر الزمن، وتخدم أقسام المتحف أهداف هيئة البيئية والمحميات الطبية بنشر الثقافة البيئية عند الأجيال الصاعدة، لأجل تنشئة جيل واع يحافظ على البيئة، ومن خلال القسم الأول يذهب الزائر في رحلة عبر إمارة الشارقة، يتم عرض نموذج مصغر للتضاريس الطبيعية للإمارة من البحار والسهول والوديان والجبال وغيرها، مع مجموعة من الكائنات الحية المختلفة، أما القسم الثاني فيتناول حياة الصحراء، من حيث عرض تأثير الإنسان على البيئة الصحراوية ونمط حياته فيها، إلى جانب تكيف الكائنات الحية وطرق بقائها على قيد الحياة، على الرغم من ارتفاع درجات حرارة الصحراء، وهذا القسم يضم مجموعة من الألعاب التفاعلية يستطيع من خلالها الزائر اكتشاف كيفية تكيف الحيوانات في الصحراء.
أما القسم الثالث، فيروي قصة الأرض في رحلة عبر الزمن منذ نشأتها وحتى اليوم، وذلك عبر ساعتين ونصف الساعة من الفيديو، الذي يوضح دورة الصخور في الطبيعة، والعلاقة بين الزلازل والبراكين وأماكن حدوثها في العالم، بالإضافة إلى الكثير من المعلومات التي تحتاج أحيانا إلى أكثر من زيارة واحدة لاستيعابها، وهناك قسم خاص بالأحقاب الجيولوجية، حيث يستعرض الأحقاب الجيولوجية المختلفة التي مر بها كوكب الأرض، ويبدأ بحقب الحياة القديمة ومن ثم حقب الحياة المتوسطة، ثم حقب الحياة الحديثة، مع عرض لموقع إمارة الشارقة في كل حقبة، كما تعرض هنا قطع مختلفة من صخور وأحافير من جميع أنحاء العالم.
وتابعت «يعرض المتحف في القسم الرابع العالم الحي، حيث يقدم تصنيفا علميا دقيقا للكائنات الحية، سواء المرئية أو المجهرية، وتوضح للزائر فوائد ومضار هذه الكائنات الحية بالنسبة للبيئة والإنسان، وغيرها من الكائنات الحية»، مشيرة إلى وجود حديقة النباتات الصحراوية، خارج مبنى المتحف، حيث يستطيع الزوار مشاهدة البيئات المختلفة بصورتها الطبيعية، من الجبال والوديان والسهول والسبخات في مكان واحد متقارب.
وأوضحت الكتبي «يقدم القسم الخامس، وهو البحار الحية شرحاً وافياً عن معظم أنواع الكائنات البحرية، وبالأخص التي تعيش في بحار إمارة الشارقة والخليج العربي، كما أنها تعرف الزائر على أنواع التلوث البيئي للبحار، كما تعرفه على سواحل الشارقة، وحقول النفط المنتشرة فيها».
عظام ديناصورات
أوضحت شمسة الكتبي، أمينة المتحف، أن الزائر للقسم الثالث من المتحف الذي يروي قصة نشأة الأرض، يستطيع مشاهدة عينات حقيقية من الغابات القديمة والديناصورات وحفريات لقطرات مطر، وكتل ضخمة من الخشب المتحجر والنحاس الأحمر وعظمة فخذ ديناصور حقيقية، والكثير مما يمكن أن يستفاد منه علمياً وثقافياً، مؤكدة أن «الزائر يكرر الزيارة تلو الزيارة، ويأتي في كل زيارة مع آخرين، ليستمتع الجميع بما يحقق لهم المزيد من العلم والمعرفة».
عدد اليوم
