الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دروس وعبر من صراع الحصص السوقية

دروس وعبر من صراع الحصص السوقية
11 فبراير 2017 20:59
محمد شمس الدين (أبوظبي) شركتك هي كل أحلامك، هي كل المستقبل، وهي البوتقة التي وضعت فيها عصارة فكرك وخبراتك المريرة، أو العبر المؤلمة في الحياة، فأنت تسخر لها كل جهودك. حسناً أنت تمضي في دربك مع كل تلك الخبرات، ومعك أيضاً رأس المال، والأهم معك أيضاً فريق إداري استطعت بأريحية تامة توفير رواتب لهم، وتوفير ميزانية للمصروفات التشغيلية لثلاث أعوام مقبلة، بعد أن تحملت برضى نفسي المصاريف التأسيسية لشركتك، ولن ننسى بالطبع أنك تحمل في جعبتك خططاً تطويرية لتكتسي مؤشرات وأرقام الإنتاج والمبيعات باللون الأخضر، وفي نهاية المطاف تحقيق الهدف الأكبر ألا وهو تلك الكلمة السحرية التي نضعها بين قوسين لأهميتها الفائقة، ألا وهي «الأرباح». حروب الأسواق لكن مهلاً هل سمعت عزيزي مالك الشركة عن الحصص السوقية؟ هل حسبت قدرات المنافسين الآخرين؟ كم لديك من معرفة عن حصتهم السوقية في السوق حالياً ومستقبلاً؟ هل لديك توقعات بشأنها أو لديك رؤية استشرافية؟ إلى أي حد ستزيد حصتهم تلك مستقبلاً؟ فلكل شركة أيضا خطط مستقبلية للتوسع ومزاحمة الآخرين، إنها عزيزي رجل الأعمال ليست منافسة، لكنها بمعنى صادم تعني «صراع الحصص السوقية»، أو هي بمعنى صادم «حروب الأسواق». بقاء الحصص ومثلما تفكر أنت في زيادة مبيعاتك من خلال نمط واحد لا ثاني له، ألا وهو زيادة حصتك ورقعة توزيع مبيعاتك في السوق، فإن الآخرين أيضاً ولا شك، لديهم ذلك الهدف الأثير، وهنا ندعوك لمراجعة الخطط التوسعية لحصتك السوقية وفقاً للأجندة التالية: اللاعبون الجدد أنت تستكين بأريحية شديدة للتقارير التي يرفعها لك مستشار المبيعات، بعد أن أودعت في حسابه شهرياً راتباً خيالياً، لإيمانك أن الارتقاء بالمبيعات هي كلمة السر في نجاح أعمالك، حسناً هذا جيد، خاصة حينما تتضمن تلك التقارير مسوحات سوقية، توضح لك نصيب كل شركة منافسة أو حصتها السوقية، وقد تكون تلك التقارير مدعمة برؤية تحليلية أشرف عليها فريق من الاقتصاديين والمستشارين، ويعرضونها عليك بإبهار وثقة عبر برنامج «باور بوينت الشهير». هذا جيد بالطبع، وهكذا اتضحت الأمور أمامك بكل شفافية، وقد تكون في غاية السعادة والامتنان لفريق المبيعات ولمستشارك؛ لأنه جعلك محيطا بكل تفاصيل السوق وحصص وطاقات الشركات الأخرى القائمة في السوق. ولكن هل فكرت فيما هو قادم من تحولات قد تغير الموازين؟ بمعنى هل تخشى المنافسة أو هيمنة شركات لم تنشأ بعد؟ أو لم تعلن عن وجودها؟ لقد تعلمنا حقيقة صادمة وقاعدة تثير الدهشة مفادها أن «الشركات الجديدة قد تعني موت الشركات القائمة منذ عقود» كيف ذلك؟ الإبداع والهيمنة علمتنا تجارب عديدة لشركات قائمة أن عدم الإبداع وموت الابتكار، والركون والاطمئنان لمؤشرات التواجد منذ فترات طويلة في السوق، يعني بداية النهاية أو لنقل وفاة الشركة القائمة، في اللحظة نفسها التي يتم فيها إعلان ميلاد شركة جديدة، استطاعت سلوك درب الإبداع وإحداث تطوير هائل مقارنة بمنتجات ومبيعات شركتك، فحينما تتوقف مسيرة إبداعك، ثق تماماً من توقف مسيرة شركتك وانتهاء حصتها السوقية بلا رجعة. ولمزيد من التوضيح يمكن تحويل انتباهكم لمصير مؤلم، لكل من شركتي نوكيا للهواتف المتحركة وشركة كوداك قصة. هاتان الشركتان يعرفهما القاصي والداني! وخاصة شركة كوداك، التي تربعت على عرش أفلام التصوير منذ أكثر من قرن ولم تضع في الحسبان ماذا تخبئ لها الأقدار، خاصة ظهور منافسين قادرين على الاستغناء تماماً عن أفلام الكاميرات مع تطويرهم لما يعرف بالكاميرات الرقمية، كما أن شركة «نوكيا» التي كانت الأولى عالمياً يوماً ما، أدركت بعد فوات الأوان أن الابتكار ضمانة الأسواق وسر البقاء. حرق الأسعار هل تعتقد أنه إذا توافرت لديك قدرات مادية تراكمت من أرباح سابقة، مع مخزون مرتفع من السلع، أن سعيك لطرح كميات كبيرة في الأسواق بأسعار تنافسية صادمة للآخرين وجاذبة للمشترين أمر يضمن لك تحقيق أرباح ومبيعات عالية؟ قد تكون النتيجة بداهة نعم؟ ولكن هل لنا من مراجعة الأمر سوياً؟ مخاطر التشبع قبل أن تعرض نفسك لتلك الخطة التي توصف بالخطيرة في مسيرة شركتك، هل فكرت في التشبع؟ لأنك عندما تطرح كميات كبيرة في الأسواق وبأسعار غير مسبوقة لفترة محددة فمعنى ذلك أنك لا تستطيع أن ترجع في وعودك للمستهلكين، وبالتبعية ستخسر مصداقيتك في السوق على حساب المنافسين الآخرين الذين يتبعون سياسات تسعيرية مستقرة. وخاصة أنك ستكون تكلفت أيضاً حملات إعلانية ضخمة للترويج ولفت أنظار المشتريين لتلك العروض الترويجية. وهنا يجب عليك دراسة مدى تشبع السوق ورغبات المستهلكين على استيعاب تلك الكميات، وهذا أمر استقصائي غاية في السهولة سواء من قبل المستشارين لديك، أو من قبل النشرات الدورية من الجهات والسلطات الاقتصادية المختصة حول مسوحات الأسواق ومؤشرات الطلب النوعية والقطاعية على السلع والخدمات. محاكاة الأسلوب أيضاً فإن سعيك لاتباع استراتيجية حرق الأسعار سيعني بداهة أن المنافسين الآخرين أو من يمتلكون حصصا سوقية تعادل حصتك لن يقفوا مكتوفي الأيدي؟ بل سيسارعون لمحاكاة ذلك الأسلوب، وخفض الأسعار التي قد تكون أقل من الأسعار التي قدمتها، وبالتبعية ما هي توقعاتك لذلك السيناريو المخيف؟ مخاطر وجودية ومن ثم ماذا سيحدث إذا اندلعت حروب حرق الأسعار بين المنافسين في السوق هو حرق الأسواق«ليخسر الجميع ويكون المستفيد الأوحد هو المستهلك، أعتقد أنه لا توجد شركة تتمنى أن ترى ذلك السيناريو». مخاطر تشريعية هل تحسست قبل اتخاذك قراراً بحرق الأسعار مدى رضى السلطات الاقتصادية المحلية عن خطواتك؟ ومدى توافقك مع التشريعات المطبقة بمنع المنافسة الضارة بالأسواق أو بمصالح الشركات الأخرى، هل سألت نفسك أن العمل في بيئة تنافسية عادلة يتيح للجميع الحفاظ على حصصهم السوقية بالطرق الشرعية؟ كذلك هل سيتسبب ذلك في فرض مزيد من الضرائب على سجلات المبيعات لديك إذا زادت، وهل ستخصم من أرباح المبيعات التي انخفض هامش الربح فيها نتيجة لقيامك بتخفيض الأسعار؟ حصص خارجية كم نسبة مبيعاتك الخارجية إلى مبيعاتك الداخلية، وانعكاسها في شكل حصص سوقية. وإذا كنت تملك توكيلاً لشركة عالمية في بلد ما، هل هناك ضمانات للحفاظ على حصتك السوقية إذا لم تكن هناك شركات أخرى تملك توكيلاً عالمياً للمنتج نفسه؟ هل سترفع عليك قضايا إغراق؟ لا شك في أن القائمة تطول حين يلوح الحديث عن الحصص السوقية، فذاك هو الهدف الأثير لكل الشركات، لكن لا بد حتماً من التمهل وعدم تعجل الأرباح، والأهم هو قدرة مستشارك لتطوير الأعمال على تعزيز طروحات الابتكار والإبداع ولا تركن كثيراً للتقارير الوردية التي يرفعها لك مزهواً بإنجازاته مستشارك للمبيعات. صراع الهواتف رأينا جميعاً سيناريوهات التصارع بين شركات الهواتف الذكية على مستوى العالم التي ساهمت في اندلاع حرب عالمية في مضمار الابتكار بين تلك الشركات، فأغلبنا كمستخدمين لتلك الهواتف كل يوم وساعة، نرى بأعيننا ونفاضل بين ما تطرحه كل من الشركات المصنعة، ولكن لا نعلم بالطبع الحرب الضروس والطاحنة بين تلك الشركات على الاستئثار بمزيد من الحصص السوقية. حصص وابتكار لعلنا نتذكر جميعاً سجالات التصارع والقضايا المرفوعة حول براءات الاختراع التي اندلعت بين «سامسونج» و«آبل»، لقد كان لشركة «آبل» بصمة تاريخية حينما وضعت الأسس العملية العالمية لمفاهيم الهاتف الذكي، مع طرحها هاتفها الذكي «آيفون» في عام 2007، ليتحول إلى أيقونة نجاح للشركة حتى اللحظة ولربما لأعوام مديدة قادمة، لقد شذت «آبل» عن السيناريو المقيت للأزمة العالمية، حينما تخطت مبيعاتها من جهاز «آيفون» نهاية عام 2009، أسوأ أعوام الأزمة، أكثر من 30 مليون جهاز. وربما سيأتي وقت قد لا يتذكر أحد من الأجيال الشابة ماركات عالمية من هواتف متحركة انزوت بالفعل، لتفسح المجال مع تجرعها مرارة الهزيمة والخسارة للوافد الجديد «آيفون». وتستمر مسيرة الإبداع والابتكار لدى «آبل» التي صممت أكبر متجر للتطبيقات بين الشركات المنافسة حتى استفز ذلك شركة «سامسونج»، لتندلع بينهما اندلعت معارك قانونية وما زال الصراع مستمراً.. إنها حرب الأسواق التي لا تهدأ يوماً فهل من معتبر؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©