السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

المسرح أقدر الفنون على الصمود في وجه المتغيرات

20 ديسمبر 2006 01:41
دمشق ـ فاطمة شعبان: كيف يمكن حماية الثقافات المتعددة من هيمنة ثقافة واحدة تفرضها العولمة بأدواتها الجبارة، ثقافة همها تهميش الثقافات الأخرى وتحويل الظواهر الثقافية إلى ظواهر استهلاكية؟ يفرض السؤال نفسه على كل المشتغلين في الحقل الثقافي· والمسرح بصفته علاقة مباشرة بين الخشبة والجمهور لا يسلم من السؤال، وعلى العاملين به مواجهة مجموعة التساؤلات التي تفرضها تحولات عاصفة تفرضها العولمة· هل مازال للمسرح دور في حياتنا؟ هل يجوز أن ينضوي المسرح تحت مفهوم ثقافة الاستهلاك أم يجب أن يبقى خارجها كي لا يتحول إلى سلعة ويخضع لشروط إنتاجها وترويجها؟ وما السبل لتحقيق ذلك؟ وما هو دور العاملين في ميدان المسرح والمسؤولين عنه وما هو موقفهم من ذلك؟ هذه الاسئلة حملناها لمجموعة من العاملين والمهتمين بشأن المسرح لمعالجتها وكان التالي: إتباع وإبداع يرى المخرج المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد في العولمة بكل تجلياتها خطراً كبيراً ليس على المسرح فحسب، بل على كل مناحي الإبداع، ويعتقد أنها تشكل خطراً كبيراً على الإنسان والإنسانية· ويضيف: نحن نعرف أن المسرح في أساساته وبداياته الأولى، كان فكراً بدون أن ننسى أنه كان صناعة وفنا، ولان المسرح لغة، فعلى مسرحنا العربي أن يتحدث لغته، لغة الجسد، لغة الأشياء، لغة الكلمات، لغة العبارات، هذا ليس نوعا من إقصاء الآخر· وأنا أقول إن المسرح العربي فيه من الإتباع مثلما فيه من الإبداع، ونحن مع الاقتباس والإتباع ولكننا نرفض التبعية، ونرفض أن نكون هامشاً على ثقافة العالم، بالتالي نحن مدعوون لان نمارس المسرح بتجربتنا، وأن نبحث عن الفكر المسرحي العربي، وعن العلم المسرحي العربي· لا خطر للعولمة على العكس من برشيد، يرى المخرج التونسي رؤوف بن عمر أن لا خطر للعولمة بكل تجلياتها على المسرح عموماً، والمسرح العربي خصوصاً· لكنه يحذر من العولمة الثقافية بما تحمله من هيمنة ثقافة على بقية الثقافات الأخرى، وحسب رأيه من الصعب أن تؤثر هذه العولمة الثقافية على المسرح، لأنه قبل كل شيء فرجة حية، يتخاطب بالأساس مع جمهوره، المسرح يتحرك عبر الزمان والمكان، وليس له حدود، لان الثقافة هي عالمية أو لا تكون· تعمل العولمة الاقتصادية والعولمة الإعلامية أو التصنيع الثقافي على التنميط والتوحيد الثقافي، هذا يمثل الخطر المحدق بعناصر الثقافة المختلفة، ولكن المسرح المبدع متمرد بطبعه على كل أنواع التنميط، متنوع في طبيعته وجوهره، متطور بأشكاله، مقاوم لكل ضرر واستبداد، وهو أقدر الفنون على الصمود في وجه التغيرات، لذلك يفرض المسرح التنوع وفيه دائماً من عناصر الفرجة ما يمكنه من التصدي للأخطار، هذا ما جعله ينجو من كل الفترات الصعبة التي مر بها عبر العصور، فهو يبقى دائماً معاصراً ولا خوف عليه من العولمة كمضمون أو كموضوع· ما زلنا بحاجة للمسرح هل ما زلنا بحاجة للمسرح في زمن العولمة؟ يجيب المسرحي المغربي عبد الواحد عوزري: بأن المسرح يواجه في زمن العولمة مجموعة من التحديات لأنه يقف اليوم في لحظة تقاطع أساسية مدافعاً عن جوهره كما تشكل عبر التاريخ، وكما اختبرناه عشاقا وممارسين، هذا المسرح الذي ينطبع بسمة مركزية ألا وهي اللقاء الحي والمباشر مع الناس· يعتقد عوزري أنه بالرغم من تعدد الفضائيات، وبالرغم من التطورات التي أفرزتها العولمة·· سينتصر المسرح حين يكون مخلصاً لخطه وزمانه، وحين يتحدى الأزمنة ويعالج القضايا الإنسانية الجوهرية، يظل المسرح الملاذ الوحيد أمام شراسة العولمة· ولكن هذا الصمود والاستمرار والتطور للمسرح يحتاج إلى روافع من عناصر ثلاثة: أولها، المبدعون الذين يستمرون في الاندماج بجوهر المسرح، ويسعدهم أن يكونوا حراس معبده مهما كانت شراسة التعبيرات التكنولوجية الحديثة· العنصر الثاني، وجود سلطات عامة تمكننا من وسائل العمل ووسائل الإبداع والإمكانيات المالية والتجهيزات لأنه من دونها لا يمكن أن يكون هناك مسرح· ثالث هذه العناصر هو الجمهور الواعي الذي يستطيع أن يتفاعل مع المبدعين· سؤال غير مطروح يرفض الكاتب والناقد المسرحي السوري وليد إخلاصي ربط المسرح بالعولمة، ويصف هذا الربط بالساذج، حسب رأيه يمكن أن نتحدث عن علاقة العولمة بالاقتصاد، بالإعلام، لكن المسرح العربي حاله غير مستقرة، وغير مثابرة في الاستمرار، لذلك قد تتأثر وقد لا تتأثر، ولكن هذه ليست المشكلة التي يجب الحديث عنها، وإنما يجب أن نتساءل هل هناك مسرح؟ يُجيب إخلاصي عن سؤاله: ليس هناك مسرح يمثل النسيج الاجتماعي بشكل كامل· هل يوجد كتاب مسرحيون خاضعون للعولمة؟ ما أثرهم على المسرح؟ ما هو تأثير كتاباتهم على النسيج الاجتماعي؟ لا شيء· المسرح الكوميدي التجاري قد يصل إلى النتائج والأهداف المرجوة للعولمة ليس لأنه خاضع لشروطها، بل لأنه مسرح رديء· ربما بعد عشرات السنين، إذا سعينا منذ الآن وبشكل جاد لإدخال المسرح في النسيج الاجتماعي آنذاك يمكن مناقشة قضايا مثل المسرح والعولمة· السؤال اليوم هل هناك كيان مسرحي؟ ايجابيات وسلبيات يميز الباحث والناقد الفلسطيني الدكتور ماهر الشريف عند الحديث عن العولمة بينها وبين العالمية، وحسب رأيه ما زالت الثقافة العربية والمثقف العربي أمام مشكلة كبيرة تتمثل بالمفاهيم ومعاني المصطلحات، هناك خلط كبير عند تعريف ظاهرة العولمة بينها وبين العالمية· العالمية ظاهرة قديمة تمتد إلى غابر الأزمان، بينما العولمة ظاهرة حديثة ظهرت بداية ثمانينيات القرن العشرين، تلبستها الرأسمالية النيوليبرالية، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية بصفتها المتحكمة بمفاصل أساسية اقتصادياً وأمنياً وإعلامياً وثقافياً بهدف توحيد العالم· لكن هذا التلبس لا ينفي موضوعية هذه الظاهرة، الجانب السلبي لا ينفي الجانب الايجابي في العولمة، جانب التوحيد على مستوى الإنسان في العالم· برأيي تحمل هذه الظاهرة وعداً إنسانياً كبيراً في نفس الوقت الذي تحمل فيه المخاطر، من هنا اليوم كل نضال حركة مناهضة العولمة تدور حول عنوان أنسنة العولمة وتحت عنوان النضال من أجل عولمة بديلة· وحسب الشريف يمكن للمسرح أن يلعب في الإطار الثقافي في تيار مواجهة العولمة الذي يطمح إلى ما يمكن تسميته (ميتا ثقافة) تتجاوز الحدود القومية، وتنطلق من وحدة الثقافة الإنسانية في إطار تنوعها، تحاول أن تحافظ على هذا التنوع وتحترمه، كما تحاول أن تتصدى لمحاولات تسليع الثقافة، ومنع احتكارها، وفي نفس الوقت تنطلق من انه لا يمكن لأي ثقافة أن تطرح نفسها كمرجعية كونية للثقافات الأخرى· في هذا الإطار يمكن للمسرح كأحد أشكال فن التعبير التي تتضمن مضامين إنسانية منذ ظهوره، أن يلعب دوراً بارزاً في إطار هذا التيار الذي نجد له تعبيرات حتى في الولايات المتحدة الأميركية· يفترض أن يكون البحث حول دور المسرح العربي في رفد هذا التيار العالمي الذي يطرح هذه الأهداف الإنسانية النبيلة لا أن نبقى في الموقف السلبي أو موقف الدفاع ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©