الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيش بمنطق المحاسبين

العيش بمنطق المحاسبين
17 ديسمبر 2010 20:46
قررت أن أعيش وفق منطق المحاسبين، وذلك باستخراج النسبة المئوية والمعدل المتوسط لكل شيء، لأعرف ما يدور من حولي، ولا أتوه بين الأرقام، ولا أكون ضحية التضليل الكلامي واللف والدوران الاحتيالي، ولا يكون الآخرون ضحية لأخطائي. فمن كان يشتري شوال بصل بـ 8,5 درهم، فإنه في العادة لا يبالي إذا وجده بـ 10 دراهم، لأن الفارق ما هو إلا درهم ونصف الدرهم، لا تسمن ولا تغني من جوع. لكن النظرة تتغير إذا حسبها بالنسبة المئوية، فهناك زيادة في السعر بنحو 15%. فأين الـ15% من الـ 1,5 درهم؟ وإذا كنت تجلس مع أربعة أشخاص في الكوفي شوب، فإن انشغال أحدهم طيلة الوقت باستقبال وإرسال الكلام الفارغ بهاتف «البلاك بيري» أمر عادي، لأن الاثنين الآخرين يكفيان لتدور كرة الحديث بين ثلاثة أشخاص. لكن بالنسبة المئوية هناك 25% من القوة الكلامية للجلسة معطّلة وغير مفعّلة وغير مشاركة. وإذا كنت ستجتمع مع أحدهم لمدة ساعة واحدة، فإنك ستتجاوز عن تأخره عن الحضور لمدة 10 دقائق، فماذا تمثل الـ10 دقائق في عمر الشعوب؟ لكن بالنسبة المئوية هناك 17% من وقت الاجتماع ذهب هدراً. والخروج من شهر رمضان بزيادة وزن 5 كيلوجرامات لا شيء فيها، بل هي من طبيعة الأمور، لكنها حسابياً تمثّل زيادة بمعدل 167 جراماً كل يوم. وزيادة الراتب مبلغ 500 درهم لمن كان أجره الشهري 10 آلاف درهم غير كافية في نظره، فماذا تفعل 500 درهم في هذا الزمن الصعب؟ لكنها بالنسبة المئوية زيادة بمقدار 5%. وما فائدة تحسين الطرق إذا كانت المدة التي يستغرقها المرء للوصول إلى مقر عمله قد أصبحت 14 دقيقة بينما كانت في السابق 20 دقيقة، مجرد 6 دقائق لا تقدم ولا تؤخر، لكنها بالنسبة المئوية اختصرت الوقت المستغرق بنسبة 30%. وإذا قررت فجأة أن تصبح قارئاً نهماً للكتب، كي تزيد من نسبة القراءة في العالم العربي حين تقارن بالنسب العالمية، فلا تفرح إذا قرأت كتاباً واحداً في الشهر إلا بعد أن تحسب العملية بدقة، فخذ صفحة واحدة من الكتاب واحسب عدد الكلمات في السطر الواحد، مثلاً 10 كلمات، وكان عدد سطور الصفحة 25 سطراً، فهذا يعني أن الصفحة الواحدة بها 250 كلمة، ثم اضرب هذا الرقم في عدد صفحات الكتاب، مثلاً 200 صفحة، والنتيجة هي 50,000 كلمة، تقسّمها على 43,200 دقيقة هي مجموع الدقائق في الشهر الواحد، تكون النتيجة النهائية قراءة كلمة كاملة وحرف من كلمة في كل دقيقة، فيا فرحة العالم العربي بانضمامك إلى زمرة القرّاء. ومن يكتب مقالاً يتكون من 450 كلمة ويتقاضى في مقابلها مبلغ ألف درهم، يتسلّمها وهو يهز رأسه أسفاً وحسرة على عدم تقدير كلماته الذهبية ومجهوداته الفكرية الرائعة، فإنه إذا أدخل الحسابات في الموضوع، فإنه سيتسلّم المبلغ وهو يقبّل الأوراق المالية ورقة ورقة، فكل كلمة كتبها أضافت إلى رصيده البنكي درهمين و22 فلساً، حتى كلمات من قبيل: أو، ومتى، ومِن، وإلى، وعن، وعلى، التي أكتبها الآن فإنني سأحصل في مقابلها على 13 درهماً و13 فلساً، والحمد لله ربّ العالمين. Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©