الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات كوسوفو... والاستحقاقات القادمة

انتخابات كوسوفو... والاستحقاقات القادمة
17 ديسمبر 2010 22:21
أعلن رئيس الوزراء الكوسوفي المنتهية ولايته، هاشم ثاتشي، فوزه أول أمس الثلاثاء، في أول انتخابات برلمانية تنظمها الدولة التي لم يمضِ على قيامها أكثر من عامين والتي مازالت تكافح للانضمام إلى الأمم المتحدة، لكن بعض الخروقات التي يُقال إنها شابت عملية التصويت أخرت الإعلان عن النتائج النهائية. غير أنه بالمقاييس البلقانية مرت الانتخابات في ظروف هادئة، وحتى رتابة الانتخابات تعتبر بالنسبة لكوسوفو، البلد حديث الولادة والمفتقد لواجهة بحرية، أمراً جيدًا إذا ما نجحت تلك الانتخابات على علاتها في تكريس المشروعية السياسية للطبقة الحاكمة، لا سيما في ظل الاستحقاقات القادمة التي تنتظر البلاد مثل المباحثات المرتقبة مع صربيا مطلع العام المقبل بعد عقد من الصمت التزمه المسؤولون الصرب الذين رفضوا الاعتراف بدولة كوسوفو. واللافت أن الصرب في جنوب كوسوفو شاركوا بكثافة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لأول مرة منذ استقلال الإقليم، في إشارة على مزيد من التطبيع مع الدولة الجديدة التي تمزقها الانقسامات التاريخية. لكن الصرب في شمال كوسوفو وخصوصاً في بلدة "ميتروفيتشا" المتنازع عليها مع الصرب استمروا في مقاطعة الانتخابات والنأي بأنفسهم عن المشاركة، وقد أشارت استطلاعات الرأي التي أجريت يوم الأحد الماضي إلى تقدم "ثاتشي" "المتمرد" الكوسوفي السابق ورئيس الوزراء حتى موعد الدعوة إلى تنظيم انتخابات مبكرة قبل أسابيع قليلة، وهذا ما تأكد قبل يومين بفوز الحزب، إذ وصف نسبة 31 في المئة التي حصل عليها حزب كوسوفو الديمقراطي الذي يقوده نصراً مؤزراً "للقيم الديمقراطية الأوروبية والأطلسية"، ولا يخفي الكوسوفيون تعلقهم بالأوروبيين وموالاتهم للأميركيين بعد تدخل "الناتو" في العام 1999 ونجاحه عملياً في فصل الإقليم عن باقي الأراضي الصربية ممهداً الطريق لقيام الدولة. حزب "كوسوفو الديمقراطي" يقول إن نسبة المشاركة وصلت إلى 94 في المئة، لكن هذا الرقم يعد مثار جدل، حيث أشارت السجلات إلى أن المشاركة لم تتجاوز 51 في الـمـئة، كما أن "نادي السياسة الخارجية" في بريشتينا عاصمة كوسوفو، وضع نسبة المشاركة في حدود 48 في المئة، وهو ما يوضحه "أرجون بجرامي"، رئيس تحرير يومية "كوها ديتور" قائلاً "في بعض المراكز الاقتراعية بلغت نسبة التصويت 95 في المئة وهذا يصعب تفسيره. "ثاتشي" سيبقى لولاية أخرى كرئيس للوزراء، والمشكلة أن الحزب المعارض الرئيسي في البلاد "العصبة الديمقراطية في كوسوفو" أعلن يوم الإثنين الماضي أنه الكتلة الفائزة، ويذكر أن الحزب الذي كان شريكاً لحزب كوسوفو الديمقراطي أسسه الأب الروحي لكوسوفو والشخصية المحورية في التاريخ الحديث للبلاد "إبراهيم روجوفا"، لكن الحزب لم يحصد حسب آخر استطلاعات الرأي سوى 25 في المئة، هذا وقد أبلى حزب "تقرير المصير" الجديد في كوسوفو، الذي يقوده مجموعة من المثقفين تحت لواء "ألبين كورتي" بلاء حسناً في الانتخابات بسبب تركيزه على استقلال فعلي لكوسوفو عن الوصاية الأممية، حيث حصل على 16 في المئة من أصوات الناخبين. ويبقى التحدي الأبرز بالنسبة لثاتشي متمثلاً في تشكيل ائتلاف واسع من الرموز السياسية في البلاد، لا سيما وأن السياسة في كوسوفو تركز على الشخصيات الكاريزمية أكثر من الانقسامات السياسية بين "اليسار" و"اليمين". وتهيمن القضايا المحلية على انشغالات السياسيين والمواطنين على حد سواء، مثل تأمين الحصول على تأشيرات لدخول دول الاتحاد الأوروبي، والوعود التي دائماً ما يتم المبالغة فيها بشأن تحقيق النمو والرخاء الاقتصادي، فضلاً عن موضوع مثير للجدل متعلق بخصخصة الشركات الحكومية الكبرى وبيعها للقطاع الخاص دون شفافية أو محاسبة، ويذكر أن التركيبة الديموغرافية لكوسوفو تطغى عليها العرقية الألبانية بأكثر من 90 في المئة، رغم أن الصرب ينظرون إليها نظرة أسطورية باعتبارها مهد الهوية الصربية، وقد أعلن الإقليم استقلاله التام في عام 2008 بعد عقد من الحماية الأممية مدعومة بقوات حلف شمال الأطلسي، فضلاً عن حصولها على مساعدات تنموية من الاتحاد الأوروبي. ومازالت معدلات البطالة مرتفعة في البلاد تصل إلى 45 في المئة، وتسعى الدولة الوليدة إلى تجاوز صورتها كبؤرة للتوتر في محاولة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية، ورغم المحاولات المستمرة للأقلية الصربية لإقامة مؤسسات موازية مستقلة عن السلطة في بريشتينا، فإن المشاركة الصربية الكثيفة في الانتخابات الأخيرة، لا سيما في جنوب البلاد تشير إلى رغبة الصرب في الاندماج. ويسعى الاتحاد الأوروبي من خلال سياسته في المنطقة إلى تكريس التعدد العرقي والتسامح بين المكونات المختلفة لكوسوفو درءاً لأية حساسية قد تنشأ من التنوع العرقي في عموم المنطقة وتصاعد التوتر في البوسنة ومقدونيا. وخلافاً للانتخابات الأولى التي شهدتها كوسوفو بعد إعلان الاستقلال في 2008 والتي لم يتجاوز فيها عدد الصرب الذين شاركوا في الانتخابات ألف ناخب، وصل عدد الناخبين الصرب الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة إلى 20 ألف ناخب. وقد استقطبت كوسوفو أنظار العالم لأول مرة في العام 1999 عندما تدخلت قوات حلف شمال الأطلسي عسكرياً لإخراج القوات الصربية من المنطقة عقب حملة "التطهير العرقي" الفاشلة التي قامت بها بلغراد في الإقليم، وهي الحملة التي كانت تندرج في إطار رؤية "ميلوسيفتش" لإقامة "صربيا الكبرى" من خلال قتل غير الصرب أو تهجيرهم من مناطقهم، ومباشرة بعد إعلان كوسوفو استقلالها سارعت 77 دولة حول العالم إلى الاعتراف بالدولة الجديدة بما فيها الولايات المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، كما أن قرار المحكمة الدولية بلاهاي أكد خلال الصيف الماضي أن استقلال كوسوفو شرعي تماماً ولا تشوبه شائبة، وفي تحرك مفاجئ أيضاً توقفت صربيا عن التشكيك في وضع كوسوفو بالأمم المتحدة مقابل تسريع جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. روبرت ماركاند - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©