الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ومعركة إقرار «ستارت الجديدة»

17 ديسمبر 2010 22:22
يحاول أوباما بكل قوته بعد اقتراب حل الكونجرس بتركيبته الحالية ودخول الأغلبية "الجمهورية" إنجاح مساعيه التي لم يفلح فيها أي رئيس أميركي من قبل والمتمثلة في تمرير معاهدة خفض الأسلحة النووية والتصديق عليها، فقد أعلن المستشار البارز في البيت الأبيض "ديفيد أكلرود" يوم الأحد الماضي في برنامج تلفزيوني أن "التأييد متوافر" لتمرير معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية "ستارت الجديدة" لو عُرضت على الكونجرس، هذا في الوقت الذي قال فيه البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي إن أوباما مستعد لتأجيل إجازته حتى تتم المصادقة على المعاهدة الأميركية- الروسية. ولكن من الواضح أن أوباما يواجه معركة صعبة حول موضوع سبق أن أعاق جهود بيل كلينتون في السابق للتوصل إلى اتفاق مشابه والمتمثل أساساً في الصواريخ الدفاعية، وهو موضوع محبب لدى "الجمهوريين" ويرجع إلى عهد ريجان. ولذا فإنه عندما يصر أعضاء مجلس الشيوخ من "الجمهوريين" على أنهم بحاجة إلى مناقشة المعاهدة بشكل أكبر فإنهم يقصدون موضوع الصواريخ الدفاعية، وهو ما يوضحه السيناتور "جون ثون"، الذي كتب مؤخراً مقالا في "ناشونال ريفيو" قال فيه: "تظل الصواريخ الدفاعية مسألة مهمة وجوهرية في الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا وتأتي هذه المعاهدة فقط لتفاقم الخلاف". وفيما يريد بعض "الجمهوريين" التصرف في نص المعاهدة بهدف تضمين تحفظاتهم قبل المصادقة النهائية عليها، يرى البعض الآخر أن المعاهدة نفسها يتعين تعديلها وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى انهيارها وقبرها. أما المناصرون للمعاهدة فيعتبرون أن الضجة الحالية حول الصواريخ الدفاعية لا أساس لها من الصحة، ويرون فيما يجري محاولة لتصفية حسابات سياسية ليس أكثر. فحسب المؤيدين للمعاهدة لا يوجد فيها شيء ضد نظام الصواريخ الدفاعية على مدى صفحاتها الـ300، كما أن أوباما مستمر في دعم العديد من سياسات أنظمة الصواريخ الدفاعية التي أقرها بوش من قبله، والمفارقة حسب "جريج تيلمان"، الباحث البارز في جمعية مراقبة الأسلحة أن "أوباما بذل كل ما في وسعه حتى لا يبدو متشدداً في مسألة الصواريخ الدفاعية، ولكن المنتقدين استغلوا بالضبط هذا المسعى للنيل من المعاهدة ومحاولة إسقاطها". والحقيقة أن الأمر بالنسبة لـ"الجمهوريين" يتعدى مجرد الكلمات التي جاءت في نص المعاهدة حول مسألة نظام الصواريخ الدفاعية، بل يعكس هذا التحفظ "الجمهوري" انعدام الثقة في أوباما والروس، هذا بالإضافة إلى استمرار ندوب صراع الماضي مع "الديمقراطيين" حول الموضوع نفسه. ولكن "ستيفن رادميكر"، أحد مسؤولي إدارة أوباما حول مراقبة الأسلحة يؤكد أن "سياسة أوباما فيما يتعلق بالصواريخ الدفاعية لا تختلف كثيراً عما يريده الجمهوريون بشأن الموضوع"، غير أنه يضيف أيضاً أن هذه الخلاصة لا تعكس "التاريخ الطويل من الصراع حول موضوع الصواريخ الدفاعية، ولاسيما أن موقف إدارة أوباما اليوم لا ينسجم تماماً مع المواقف التقليدية لأغلب الديمقراطيين أنفسهم". فقد شرع مسؤولو الدفاع الأميركيون النظر في موضوع أنظمة الصواريخ الدفاعية منذ خمسينيات القرن الماضي، ولكن الانطلاقة الحقيقية كانت مع إعلان ريجان في عام 1983 عن مبادرة الدفاع الاستراتيجية الطموحة التي حولت المسألة إلى لغم سياسي، وحينها تعرضت مبادرة ريجان التي سميت أيضا بـ"حرب النجوم" لهجوم حاد من قبل "الديمقراطيين" الذين اعتبروا أن تكلفتها باهظة جدّاً وغير عملية، فضلاً عن خطورتها على الاستقرار العالمي، حيث ركزت المبادرة على التصدي للترسانة النووية الروسية من خلال أنظمة متطورة لتشمل وضع أسلحة في الفضاء وإطلاق أشعة الليزر. وقد عمل الرؤساء اللاحقون على الحد من المبادرة، مركزين أكثر على الأسلحة النووية البدائية التي يمكن أن تطلقها إيران وكوريا الشمالية. وقد استمر أوباما في إنجاز المنظومة نفسها وإن كان بصواريخ أقل من تلك التي تصورها بوش، هذا بالإضافة إلى النجاح الذي حققه أوباما، وهو أيضاً من أهداف بوش، في التوقيع على اتفاقية مع حلف شمال الأطلسي حول منظومة الدفاع الصاروخي. ومع ذلك يبدو أن "الجمهوريين" لم يتخلصوا تماماً من حالة انعدام الثقة التي غذتها بعض الخطوات الأولى لأوباما، وهو ما أوضحه أحد موظفي الكونجرس رفض الإفصاح عن هويته بقوله: "من الصعب على الإدارة الزعم بأنها ملتزمة تجاه بناء منظومة دفاعية قوية من الصواريخ في الوقت الذي خفضت فيه خلال الموازنة الحالية حجم الموارد المخصصة لوكالة الدفاع الصاروخي بحوالي 4.1 مليار دولار". وفي رد لإدارة أوباما على هذا التخفيض في الموازنة أوضح البيت الأبيض أن الهدف هو تقليص بعض البرامج غير الفعالة. وفي السياق نفسه أصيب "الجمهوريون" بخيبة أمل كبرى في السنة الماضية عندما ألغى أوباما خطة سابقة لبوش لنشر عشرة صواريخ اعتراضية في أوروبا الشرقية لوقف الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى التي قد توجه ضد الولايات المتحدة، إذ اقترح أوباما خطة بديلة تركز أكثر على الخطر الفوري الذي تمثله الصواريخ الإيرانية قصيرة المدى الموجهة إلى أوروبا. وفي المقابل عقدت المعارضة الروسية الشديدة لمنظومة الصواريخ الأميركية الموضوع أكثر، ولم تبدِ موسكو أية مرونة على رغم محاولات واشنطن المتكررة لإقناعها بأن المنظومة تستهدف نظماً أخرى وليس روسيا. ويخشى "الجمهوريون" من أن تتحول الديباجة غير الملزمة للاتفاقية، التي تشير إلى "علاقة" بين الأسلحة النووية والصواريخ الدفاعية، إلى عائق سياسي أمام تأكيد أميركا لحقها في تطوير منظومتها الدفاعية. ماري بيث شيريدان - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©