الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وكرزاي... الشراكة الصعبة

أميركا وكرزاي... الشراكة الصعبة
17 ديسمبر 2010 22:23
لقد استمع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بما فيه الكفاية. فلما يزيد على ساعة ظل الجنرال "ديفيد بترايوس"، قائد القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان و"كارل إيكنبيري" السفير الأميركي في كابول وعدد من كبار المسؤولين الغربيين الموجودين في العاصمة الأفغانية، يحثون كرزاي على تأجيل موعد تطبيق الحظر الذي فرضه على عمل شركات الأمن الخاصة في أفغانستان لبعض الوقت، لأن هناك عشرات من مشروعات إعادة الإعمار التي تكلف مليارات الدولارات ستتوقف إذا ما تخلت شركات الأمن الخاصة عن حراستها. وعلى رغم الضغط الذي مارسوه عليه، فإن كرزاي رفض أن يتزحزح عن موقفه، وأصر على أن الجنود ورجال الشرطة الأفغان قادرون على أداء هذه المهمة. وعندما تواصل الضغط عليه أصبح أكثر عصبية وحدة بمرور الوقت. وعند نقطة معينة خاطب كرزاي الحاضرين قائلا: "لديّ في الوقت الراهن ثلاثة خصوم رئيسيين هم طالبان، والولايات المتحدة، والمجتمع الدولي.... ولو سئُلت في أي جانب سأقف فإنني أقول إنني سأختار الوقوف إلى جانب طالبان". وعندما ازداد النقاش حدة بعد ذلك، غادر كرزاي الحجرة غاضباً. وعلى مدار العام الماضي، حاولت إدارة أوباما بقدر المستطاع، تجنب أي صدام مع كرزاي بصدد هذا الموضوع وغيره من موضوعات، وعملت بشكل متصل على تحسين العلاقات معه. ولكن تلك المحاولات لم تجدِ نفعاً بل إن العلاقات بين الولايات المتحدة والرئيس الأفغاني وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال سنوات حسبما يقول "إيكنبيري". ومن الموضوعات التي ستحظى بأهمية خاصة لدى أوباما وفريقه للأمن القومي خلال إجراء عملية تقييم للحرب في أفغانستان، تلك الصعوبات التي يواجهونها في بناء تحالف مع كرزاي. وحول هذه النقطة يقول مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: "لقد أصبحت علاقتنا معه متوترة للغاية فبعد أن كُنا من قبل نصادف مشكلة معه كل ثلاثة أشهر، أصبحنا نصادف ثلاث مشكلات في الشهر الواحد في الوقت الراهن". وهناك اتفاق شبه كامل بين كبار المسؤولين الأميركيين المعنيين بالشأن الأفغاني على أن سلوك كرزاي ونمط قيادته له علاقة مباشرة بالمحصلة النهائية لمهمة مواجهة التمرد التي تضطلع بها القوات الحليفة في أفغانستان؛ ولكن هناك اختلافاً بينهم بشأن الطريقة التي يمكن أن يتم بها تحسين تلك العلاقات، وما إذا كان هذا الأمر ممكناً في المقام الأول. فالمتشككون في إمكانية تحسين العلاقات مع كرزاي يقولون إن فشل الجهود الحثيثة التي بذلتها إدارة أوباما منذ مجيئها للتعامل معه كشريك، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الرجل غير قابل لإعادة التأهيل؛ وأنه من الأفضل بناء على ذلك تخفيض نطاق المهمة الأطلسية والأميركية في أفغانستان، لأنه من الصعب تحقيق نتائج فعالة في مواجهة التمرد هناك دون وجود شريك ثابت يمكن الاعتماد عليه في القصر الرئاسي في كابول. أما المؤيدون لتحسين العلاقات مع كرزاي فينقسمون إلى قسمين: قسم يرى ضرورة اتباع نهج أكثر تشدداً معه، وقسم آخر يقلل من شأن الانفجارات المزاجية التي يبديها الرئيس الأفغاني في تعامله مع الأميركيين ويرون أنها تمثل رد فعل طبيعيّاً للمظالم التي يشعر الرجل بأنها تلحق بشعبه. كما أنها تعبر عن شعوره بالإحباط نتيجة لسوء إدارة أميركا للحرب في بلاده، وعجزها عن الاستجابة لشكواه وهمومه. ولكن هناك بعض المراقبين يرون أن المنازعات التي تحدث بين الرئيس الأفغاني وبين الولايات المتحدة تعكس اختلافات جوهرية حول الاستراتيجية الأميركية العامة لإدارة الحرب في أفغانستان. فكرزاي يصر على أن المشكلة الرئيسية تتمثل في تسلل المتمردين من باكستان، وأنه لابد لمواجهة ذلك من تركيز الجهد على المناطق الحدودية، وليس على العمليات التي تجري في القرى الأفغانية التي يرى أنها تنتهك خصوصيات السكان بأكثر مما يجب، وتؤدي إلى نتائج وخيمة ربما تكون عكس المتوخى منها. وفي مقابلة أجريت معه في الآونة الأخيرة قال كرزاي: "سنحارب معكم ضد الإرهاب... ولكن يجب أن تعرفوا أن الإرهابيين لا يقتحمون البيوت الأفغانية". وأضاف كرزاي: "أعتقد أنه من الأفضل للقوات الأميركية أن تركز جهودها بدلاً من ذلك على القيام بالأنشطة الضرورية عبر الحدود". ولكن يختلف الأميركيون مع هذا الرأي، ويرون أن الصراع مدفوع في جانب كبير منه بالتنافسات القبلية، والتوزيع العادل للسلطة على المستوى المحلي، وفشل الحكومة الأفغانية في تقديم أبسط أنواع الخدمات الأساسية، وأن هذا في مجمله يجعل الولايات المتحدة ترى أن الحل يجب أن يكون من خلال استراتيجية شاملة لمقاومة التمرد تهدف لتحسين الأمن وأسلوب الحكم. ويقول مسؤول عسكري أميركي كبير تعليقاً على ذلك "إن كرزاي يريد أن يوصل إلينا من خلال ثورات غضبه المتوالية رسالة مؤداها أنه لا يؤمن باستراتيجية مكافحة الإرهاب". ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعبر فيها كرزاي عن استعداده للوقوف إلى جانب "طالبان" إذ سبق أن هدد بذلك في البرلمان، عقب أيام من أول زيارة يقوم بها أوباما كرئيس لأفغانستان. وبعد ذلك ظلت العلاقات تتراوح ما بين التحسن والتردي إلى أن قام بإصدار قراره الخاص بحظر عمل شركات الأمن الخاصة التي يقول إنها تقتل الناس هناك دون أدنى اعتبار. ويعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أن هذا ليس هو السبب، وأن السبب الحقيقي يرجع إلى أن بعض أقرباء كرزاي وحلفائه السياسيين لديهم حصص في ملكية شركات أمن خاصة في جنوب أفغانستان، وأنه على رغم أن القرار يمسهم أيضاً إلا أنهم يريدون الالتفاف عليه والاستفادة من الأوضاع الجديدة وتحقيق أرباح من خلال فرض إتاوات للحماية على المشروعات. ويقول مسؤول عسكري أميركي كبير إن المشكلة التي تعانيها الولايات المتحدة في التعامل مع كرزاي ترجع إلا أنه لا يوجد لدى الولايات المتحدة دبلوماسيون يرتبطون بعلاقات جيدة معه. وفي الفترة الأخيرة وجه أحد الصحفيين سؤالاً إلى كرزاي عما إذا كان يعتبر نفسه شريكاً للولايات المتحدة فرد بقوله: "ذلك يتوقف على الكيفية التي تعرِّفون بها الشريك في الولايات المتحدة"، مضيفاً: "إذا ما كنتم تبحثون عن صنيعة وتسمون الصنيعة شريكاً فإن إجابتي على سؤالك هي لا... أما إذا ما كنتم تبحثون عن شريك فإن إجابتي هي: نعم". راجيف تشاندرا سيكاران - كابـول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©