الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تشكيلية توقظ الأصداف من غفوتها وتوظفها في أعمال فنية

تشكيلية توقظ الأصداف من غفوتها وتوظفها في أعمال فنية
23 سبتمبر 2011 23:32
غدير عبدالمجيد (العين) - احترفت منى منصور عدداً من الفنون خصوصاً فن الرسم بالصدف، والذي يعتبر فناً جديداً ابتكرته عشقت البحر فعشقها، أعطته من فكرها وحسها وعطائها فأعطاها من خيراته ومكنوناته الساحرة، وأسرت له بأسرارها وهمومها وأحلامها فكان خير صديق يضعها على طريق الإبداع والتميز والنجاح. ومنصور جمعت بين فن الرسم والأشغال اليدوية وفن الكتابة الأدبية ككتابة الشعر والقصص القصيرة متأثرة بعشقها للغة العربية التي درستها ودرّستها في إحدى مدارس دبي الخاصة على مدار 20 سنة مضت. صحوة الفرح عن احترافها فن الرسم بالصدف وطبيعته، تقول منصور “منذ أن أتيت للعيش في دبي قبل ما يزيد عن عشرين سنة بدأت أتردد كثيرا على البحر، وذلك لأنني أحبه وأجد فيه الخلاص وعمق التأمل بل أرى فيه العطاء المتجدد والسفر والرحيل إلى عوالم مجهولة، فلفتت انتباهي تلك الأصداف الملونة التي تترامى على شطآنه، وشعرت وكأنها تناديني وتنتظر يدا كيدي لتنقلها من حالة النوم على الشاطئ إلى صحوة الفرح والتألق، فجمعتها وصغت منها فنا راقيا لا حدود لجماله”. وتضيف “ليس غريبا أن أفكر في الفن أينما ذهبت ما دمت أمتلك عين الفنان وموهبته التي بدأت تظهر لدي منذ صغري منذ أن كنت طالبة متميزة في حصة الفن، وكانت أنظار مدرساتي دائما تتجه نحوي مع كل رسمة أرسمها وذلك من شدة إتقاني لمكونات تلك الرسومات من ألوان وظلال ونحوها، وكذلك الأمر في براعتي في تشكيل الأعمال اليدوية كتطريز اللوحات والمفارش التي كانت تدربنا عليها المدرسات، اللواتي يعود لهن الفضل بعد الله سبحانه في غرس بذور الحس الفني لدي والتي كبرت وتمايزت يوما بعد يوم”. لوحات فنية وفي كل مرة كانت منى منصور تذهب إلى البحر تجتهد في جمع أكبر عدد ممكن من الأصداف التي كانت مرمية على حواف شواطئ الشارقة وخورفكان ورأس الخيمة، وكان يبهرها ذاك الكم الهائل الذي كانت تجده هناك والذي كانت تتمنى جمعه كله في يوم واحد لتشكل منه أكبر عدد من اللوحات الفنية، وفي الوقت ذاته كان يستوقفها التنوع الكبير في الأصداف التي كانت تجمعها إذ تضم أشكالا وألوانا مختلفة لم تجد لها مثيلا في كثير من الدول التي سافرت إليها. إلى ذلك تقول “سافرت إلى دول عربية وأوروبية وحاولت أن أتمشى على شواطئها بحثا عن الأصداف لكنني لم أجد تنوعا في الأصداف وزخما في أعدادها في أي دولة منها كالذي وجدته في الإمارات”. تشرح منصور المراحل التي تمر بها لوحاتها الفنية المرسومة بالصدف واحدة تلو الأخرى، قائلة “بعد أن أجمع كمية كبيرة من الصدف أقوم بغسله من الوحل أو تراب الشاطئ وأعقمه بمادة مطهرة لتخليصه من الرائحة غير المرغوبة، ومن ثم أتركه ليجف وبعدها أحدد الفكرة أو الرسمة التي أود أن أرسمها به مستوحية ذلك من شكل الأصداف نفسها أو أحدد الرسمة مسبقا وأنتظر لحين تمكني من جمع كمية ونوعية الأصداف التي أحتاجها، وأجهز بعد ذلك اللوحة التي سألصق الأصداف عليها وهي مكونة من لوح خشبي أقصه بالطول والعرض الذي أحتاجه وألصق عليه قماش مخمل أبيض أو أسود اللون ليكون خلفية للوحة التي ستبدأ عملية ولادتها على يدي”. وتضيف “في تلك الساعات التي أقضيها في إلصاق الأصداف على اللوحة بشكل رسومات مختلفة أعيش في عزلة تامة في مشغل خاص خصصته في بيتي، فلا يمكنني أن أمارس فني إلا وأنا أعيش معه في حالة من الهدوء والتركيز العالي فلا أكلم أحدا ولا أحد يكلمني فيقطع علي ذاك الانسجام والالتحام الذي أشعر به بيني وبين اللوحة وبين الأصداف الرائعة”. وتمكنت الفنانة التشكيلية منى من أن تبدع 40 لوحة رسمتها بالأصداف المختلفة، وتكاد تجزم أنه لا توجد لوحة من لوحاتها تشبه الأخرى لأنها تكره الرتابة والروتين وتحب التميز والتغيير، حيث عمدت إلى إلصاق الأصداف بطرق مختلفة فتارة على وجهها الأملس وتارة أخرى على وجهها الآخر. مواضيع هادفة أما بالنسبة لمواضيع الرسومات التي سيطرت على لوحاتها فهي مواضيع هادفة وذات رسالة ومعنى وذلك لأن منى لا تريد أن يكون فنها أو لوحاتها مجرد وسيلة لإمتاع العين وتجميل وجه المكان الذي توضع فيه بل تريد أن يشعر من يرى تلك اللوحات بسمو الرسالة التي تحملها. وتذكر بعض المواضيع الهادفة التي تناولتها في لوحاتها؛ فتقول “حملت بعض لوحاتي معنى وطنيا مثل لوحة حمامة السلام حيث رسمت بالأصداف لوحة لحمامة بيضاء تطير للأعلى ترمز للسلام وأحطتها بورود وأزهار من الأصداف، لأوصل للعالم أجمع رسالة مفادها أننا جميعا نتعطش للسلام وأن طريق السلام طريق مرشوش بالورود والفرح والحياة وليس بالدم والقتل والدمار، وعبرت كذلك عن معنى الأمومة وقيمتها في لوحة أخرى إذ رسمت فرخين صغيرين تضع أمهما في فمهما الطعام لأرمز بذلك إلى مكانة الأم وحنانها ودورها في حياة أطفالها ونعمة الأمومة، كما رسمت في كثير من لوحاتي أنواعا مختلفة من الزهور أو الورود مثل النرجس والفل والياسمين والجوري وغيرها من الأنواع، بحيث جسدت كل نوع من أنواع الورود في لوحة لوحده تحاكي تماما الورود الحقيقية في شكلها وألوانها، وساعدني في ذلك عثوري على ألوان عدة من الأصداف تماثل ألوان تلك الورود في طبيعتها، ولم أحتج لصباغة تلك الأصداف بل تركتها بلونها الطبيعي باستثناء أنني صبغت بعض الأصداف البيضاء بألوان زيتية باللون الأخضر لأستخدمها كأوراق للورود بالإضافة إلى أنني حرصت على وضع تلك الورود المصنوعة من الصدف في سلال أو فازات مرسومة على اللوحة من الصدف أيضا”. ذكرى جميلة وتؤكد منصور أن لها مع كل لوحة رسمتها على مدار السنوات الطويلة الماضية ذكرى جميلة لا تنسى، فكل لوحة ترسمها تدهشها وتسكب في روحها السعادة وتعلمها الهدوء والصبر والإتقان، إذ لا يمكن لهذا الفن الذي توصلت إليه منى أن يكون جميلا ومتكاملا دون أن تتسم صاحبته بذلك، إلى جانب ضرورة وجود القدرة على التركيز ومهارات التنسيق والتناسق والتوازن والذوق في كيفية صف تلك الأصداف بجانب بعضها البعض تماما كالفسيفساء التي تتناغم فيها وتتناسق أحجام الأصداف وأشكالها وألوانها. توثيق اللوحات تلفت منى منصور إلى أنها جمعت من خلال لوحاتها موسوعة متكاملة من الأصداف حيث سعت في الآونة الأخيرة إلى قراءة الموسوعات العلمية عن أنواع تلك الأصداف ومسمياتها وتوثيقها على لوحاتها، علما أنها قامت بعرض 22 لوحة من لوحاتها الفنية في متحف التاريخ الطبيعي في الشارقة بمناسبة يوم المحيطات العالمي في الثامن من يونيو الماضي. سبعة أغصان لا شك في أن الفنانة التشكيلية منى منصور تدين للإمارات التي أوحت لها بحارها الممتلئة بالأصداف الرائعة بأن تبتكر هذا الفن الراقي الذي لم يسبقها إليه أحد لذا صنعت لوحة مميزة مستوحاة من علم الدولة وأطلقت عليها اسم “إماراتي”، وتضم هذه اللوحة 7 أغصان من الزهور الملونة بألوان علم الإمارات بحيث تمثل كل وردة منهم إحدى الإمارات السبع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©