الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان: برودة الشتاء... وسخونة الشارع!

24 يناير 2011 20:46
على رغم الصعوبات المرتبطة عادة بموسم الخريف في أفغانستان، إلا أن حلول فصل البرد خلال السنة الجارية اتسم بقساوة خاصة بسبب النقص المتزايد في الوقود، ولأن الإمدادات القليلة تُعزى إلى نقص الإمداد الآتي من إيران فإن الخلاف يزيد من تعقيد التعامل مع جار أساسي بالنسبة لأفغانستان، فعلى مدى أسابيع اصطفت الشاحنات المحملة بالوقود على الحدود الإيرانية- الأفغانية غير قادرة على التحرك بانسيابية لتصل أعدادها إلى حوالي 2500 شاحنة متوقفة أو تتحرك ببطء شديد، وهو ما أدى في النهاية إلى نقص حاد في الوقود استشعره بشكل أساسي سكان المناطق الزراعية في الجنوب والغرب ليمتد النقص لاحقاً إلى المدن الكبرى، لاسيما العاصمة كابول التي تضج شوارعها بالسيارات، ليتفاقم الازدحام أمام محطات الوقود ويرتفع سعر البنزين مساهماً في احتداد مزاج الناس وتعالي شكاويهم في وجه السلطات، وهذا ما يوضحه عامل في إحدى محطات البترول بقوله: "في بعض الأحيان يغضب الناس من ارتفاع أسعار البنزين لكننا لا نستطيع القيام بشيء"! وكان سعر الجالون الواحد من البنزين قد ارتفع خلال الشهر الأخير بنسبة 20 في المئة تقريباً، وهو ما أثار استياء المواطنين الذين يقفون في صفوف طويلة لملء سياراتهم، بل إن الأسعار في المحافظات البعيدة سجلت زيادة أكثر مما هو موجود في العاصمة كابول. وكما يحدث في مثل هذه الحالات غالباً ما يوجه الناس غضبهم إلى أطراف محددة حيث حُملت القوات الأجنبية البالغ قوامها 150 ألف جندي مسؤولية الارتفاع الحاد في أسعار الوقود، فيما ذهب المسؤولون الإيرانيون في تفسير تعطل وصول الوقود إلى أفغانستان إلى "مشاكل فنية". ومع أن القوات الدولية سارعت إلى نفي التهمة، إلا أن التبريرات كانت من دون جدوى بسبب الاعتقاد الراسخ لدى فئات واسعة من الشعب الأفغاني بأن جزءاً من مشكلة نقص الوقود إنما يعود إلى استهلاكه بإفراط من قبل القوات الغربية المنتشرة في البلاد. ولكن وبحسب المحللين يبقى السبب الأرجح لهذه الأزمة هو الصراع الإقليمي في المنطقة الذي يتخذ من أفغانستان ساحته الأساسية، فعندما تشعر دول إقليمية بالضغط الأميركي تقوم بالرد من خلال الضغط على أفغانستان التي لا شيء فيها أسهل من تأليب الرأي العام ضد القوات الأجنبية وحكومة كرزاي، وهذا ما يؤكده طالب أفغاني سمى نفسه "هامايون" بقوله وهو يملأ خزان سيارته المتهالكة: "كل هذه المشاكل لأننا لا نملك حكومة حقيقية، إنهم لا يهتمون بحاجاتنا الفعلية". وقد بدا أن الأزمة تتجه إلى الانفراج عندما أعلن مكتب كرزاي يوم الثلاثاء الماضي أن طهران مستعدة لتخفيف القيود على خط الإمدادات إذا ما أعلنت أفغانستان حاجتها من الوقود وطلبت ذلك من إيران، ولكن أفغانستان امتنعت إلى حد الآن عن التقدم بطلب إلى جارتها لاستيراد ما تحتاجه من وقود. يذكر أن أفغانستان تعتمد بشكل كلي على العالم الخارجي للحصول على احتياجاتها من الوقود وتؤمن ما بين ثلث إلى نصف تلك الاحتياجات من إيران. وعلى رغم حديث المسؤولين الأفغان عن استكشاف طرق بديلة تمر من تركمانستان وأوزبكستان، إلا أن الطرق الرئيسية تمر حاليّاً من إيران ولا سبيل إلى تغيير ذلك في أي وقت قريب. هذا ولم يُعرف بعد سر هذا التعثر في خط الإمدادات إلى أفغانستان، بعيداً عن التخمينات والشائعات الرائجة وغير المبنية على أسس أو براهين ملموسة، أو مواقف معلنة من قبل هذا الطرف أو ذاك. بالنسبة للمحلل السياسي في كابول "هارون مير" يبقى أهم ما يحرك دول الجوار الأفغاني هو "محاولة فرض نفسها"، وقد تسببت الزيادة في أسعار الوقود في ارتفاع تكلفة باقي المواد الأساسية بما فيها المواد الغذائية والحطب الذي يستخدمه الأفغان في تدفئة بيوتهم خلال فصل الشتاء القاسي على معظم الشعب الأفغاني في المناطق الريفية البعيدة. ويبدو أن استياء الأفغان من النقص في الوقود وارتفاع أسعاره قد تحول إلى تذمر واضح من بعض دول الجوار الذي انعكس في المظاهرات الاحتجاجية، تلك الاحتجاجات التي تعدت مسألة الوقود، في نظر كثير من المراقبين للشأن الداخلي الأفغاني ولتشابكاته مع دول الجوار الإقليمي الأخرى. ويبقى الضرر الأكبر في أزمة الوقود الراهنة وتبعاتها الحياتية اليومية هو ما يتعرض له السكان في المناطق الزراعية الذين يعتمدون على "الديزل" لتشغيل مضخات المياه الضرورية لسقي محاصيلهم، ما يجعلهم في موقف صعب أمام المتمردين في الجنوب الذين يحثون المزارعين، سواء بالترهيب أو الترغيب، على زراعة الخشخاش الأقل استهلاكاً للمياه مقابل تعهد "طالبان" بتهريب المحصول إلى الدول المجاورة لتمويل عملياتها، وهذا ما يوضحه المزارع "نور آغا" من محافظة قندهار الذي قال إنه بسبب نقص "الديزل" وعدم قدرته على تشغيل مضخات السقي لم يبق أمامه خيار لإنقاذ بساتين الفاكهة وحقول الحبوب "وغداً" يضيف المزارع الأفغاني "ستأتي طالبان لتقول لنا لا خيار أمامكم سوى الخشخاش". لورا كينج كابول ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©