السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديون اليونان: اختبار صعب لأوروبا الموحدة

23 سبتمبر 2011 23:04
رغـم تنامـي الضغـوط علـى المسؤولين الأوروبيين لم يتقدم وزراء المالية بأية إجراءات جديدة يوم الجمعة الماضي سواء لمعالجة أزمة الديون المتفاقمة، أو لإنعاش النمو في اقتصاداتهم المتداعية، وبدلًا من ذلك استمع المسؤولون الأوروبيون خلال اجتماع عقد في "روكلو" ببولندا إلى وزير الخزانة الأميركي، تيموثي جايتنر، وهو يحذرهم من مغبة التأخر في التعامل مع الوضع المتردي الذي يقول المحللون إنه قد يتسبب في زعزعة الاقتصاد العالمي. وخلال الاجتماع لم يبد وزراء المالية أية إشارة تفيد بتلقي اليونان، التي تمثل بؤرة المشاكل في منطقة "اليورو"، للمساعدات المالية التي سبق المصادقة عليها في إطار القروض المستعجلة التي أقرت خلال شهر أكتوبر الماضي. ومن الواضح أن البلد المتوسطي الصغير الذي يصارع إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في حاجة ماسة إلى المال لتسديد فواتيره قبل إعلان الإفلاس أواسط الشهر المقبل، كما أن أي تماطل في تقديم الديون إلى اليونان، التي اتُفق في البداية على تسليمها مع نهاية شهر سبتمبر الجاري، من شأنه إخافة المستثمرين الذين بدؤوا يتهيؤون لإعلان إفلاس اليونان، بحيث أدى الخوف من حدوث ذلك إلى تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم الأوروبية خلال الأسبوع الجاري. وقد عكست نتائج الاجتماع غير الحاسمة في بولندا مدى عجز المسؤولين الأوروبيين عن حل خلافاتهم بشأن خطة ثانية لإنقاذ اليونان وعدم قدرتهم على التحرك سريعاً في دلالة واضحة على المشاكل السياسية التي تعتري منطقة اليورو، رغم انخراطها تحت مظلة عملة موحدة، إذ يبدو أن الاعتبارات السياسية الداخلية لكل دولة على حدة تغلبت على المصلحة الاقتصادية لمجمل البناء الأوروبي. ورغم ضغوط أسواق الأسهم وقادة العالم لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لم يستطع الزعماء الأوروبيون الوفاء بالتزاماتهم. ومع ذلك شهدت أسواق الأسهم في المنطقة بعض الاستقرار بعد تصريحات لمحافظي البنوك المركزية حول العالم مطلع الأسبوع الجاري، بما فيها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أبدوا فيها استعدادهم لفتح باب القروض الميسرة للمصارف الأوروبية التي تعاني من شح في السيولة. وقد دفعت خطورة أزمة الديون الأوروبية إلى توجيه الدعوة في خطوة غير معهودة إلى وزير الخزانة الأميركي لحضور اجتماع وزراء المالية الأوروبيين، واعتبرت مشاركته فرصة لتبادل الأفكار والآراء بين ضفتي الأطلسي في هذه المرحلة الدقيقة من أزمة الديون المستفحلة في أوروبا. وفيما أعلن وزير الخزانة الأميركي في بداية تدخله أنه حضر "بكل تواضع"، معترفاً بالمشاكل العصيبة التي تمر بها الولايات المتحدة نفسها واحتمال سقوط اقتصادها في ركود مزدوج قائلاً: "لسنا في وضع قوي يؤهلنا لإسداء النصائح للأوروبيين"، انقلب سريعاً إلى نبرة تحذيرية، داعياً الأوروبيين إلى ضرورة التوحد للخروج من مأزق الديون، واقترح توسيع دول منطقة "اليورو" حتى يتسنى لها التدخل لإنقاذ البلدان المتعثرة. وقد أخبرت وزيرة المالية النمساوية، "ماريا فيكتر" الصحفيين بأن "الوزير الأميركي شدد على الحاجة الملحة لتوفير المزيد من المال لمنع تعريض النظام المالي للخطر"، لكنها اشتكت من أن وزير الخزانة الأميركي رفض فكرة طُرحت خلال الاجتماع من قبل بعض الدول مثل ألمانيا تقضي بفرض ضريبة على المعاملات المالية، بدلاً من تحميل دافع الضرائب العادي عبء إنقاذ الدول الأوروبية، لا سيما في ظل المعارضة الكبيرة وسط الرأي العام في ألمانيا والنمسا وهولندا وفنلندا لتحميل المسؤولية للمواطن الأوروبي، وأضافت "ماريا" قائلة: "أجد الأمر غريباً أن أميركا التي تسجل أرقاماً اقتصادية أسوأ من أوروبا تعطي لنفسها الحق في اقتراح أفكار على الأوروبيين. وفي انتقاد لاذع لوزير الخزانة الأميركي، قال وزير مالية لوكسمبورج "جون كلود جانكر": نحن "لن نتناقش حول الزيادة في خطة الإنقاذ، أو تعديل بنودها مع بلد غير عضو في منطقة اليورو"، لكن الأوروبيين وبعيداً عن الاقتراحات الأميركية التي أثارت غضب البعض لم يظهروا أي اتفاق حول تفاصيل الحزمة الثانية من خطة الإنقاذ الموجهة لليونان التي سبق الاتفاق عليها مبدئياً خلال شهر يوليو الماضي، لكنها تنتظر المصادقة عليها من قبل برلمانات الدول السبعة عشر التي تشكل منطقة "اليورو"، فقد أدى إصرار فنلندا على الحصول على ضمانات مقابل دفع حصتها من خطة الإنقاذ إلى إثارة انقسامات حادة داخل منطقة "اليورو" تهدد بإجهاض الخطة من أساسها. وفي غضون ذلك تنتظر أثينا بفارغ الصبر الإفراج عن 11 مليار دولار من الديون المقدمة إليها في إطار خطة الإنقاذ الأولى للحفاظ على سير الحكومة ومنعها من الانهيار. ومن المتوقع أن يقوم المفتشون من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بزيارة إلى اليونان خلال الأيام القادمة للتأكد من مدى التقدم المحرز في مجال خفض الإنفاق ورفع الضرائب، ولا بد للمفتشين من تسجيل نقاط إيجابية حتى تحصل اليونان على الدفعة الثانية من الديون. وكانت الاجتماعات بين الطرفين قد انهارت خلال الشهر الجاري بعدما حذر الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي أثينا من تخلفها عن التزاماتها. ومع أن إقرار اليونان لضريبة جديدة على العقار سيقنع الأوروبيين على الأرجح بالتوقيع على الديون والإفراج عنها، إلا أن الأموال ستصل متأخرة لتفاقم أجواء عدم اليقين التي تخيم على الأسواق المالية. هينري شو لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©