الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون» و«فالستاف»!

23 سبتمبر 2011 23:04
الشيء- أو الشخص في الحقيقة - الذي يحتاجه "الديمقراطيون" قبل أي شيء، أو شخص آخر في الوقت الراهن هو شخصية "فالستاف" الشكسبيرية، للعمل في خدمتهم، خصوصاً أن توقعات انتخابات 2012 تدعو للتشاؤم، وتبدو مخيفة، بسبب تدني شعبية أوباما إلى أدنى مستوياتها، وتعثر الاقتصاد الأميركي، وفقدانه للبوصلة. والسير "جون فالستاف"شخصية شكسبيرية أثيرة يمكن أن ترفع روح "الديمقراطيين" المعنوية، وتؤدي غرضاً استراتيجياً في الوقت الراهن. وشخصية "فالستاف" لمن لا يعرفها، تتميز بالجلافة، والصدق، والصراحة المطلقة، وعدم التردد في الإشارة للعيوب، ومواضع الخلل، مما يجعل الناس يضحكون على السخافات البشرية. ولهذا السبب حظيت تلك الشخصية بحب الشخصيات الأخرى في مسرحيات شكسبير. وعلى ما يبدو أن "الديمقراطيين" باتوا خائفين للغاية من أصوات الرعد التي تأتيهم من ناحية اليمين لدرجة جعلتهم ينسون الدور الفعال، الذي يمكن أن يلعبه الضحك، وتلعبه السخرية وهجاء الأفعال والتصرفات التي يقوم بها الآخرون، وخصوصاً في دنيا السياسة. لكن واجب الإنصاف يقتضي مني القول إن الجوانب الكوميدية لا تقتصر على "الديمقراطيين"، بل تطال "الجمهوريين" أيضاً. فهناك على سبيل المثال "ريك بيري "حاكم ولاية تكساس، وأحد الشخصيات التي تخوض السباق من أجل نيل موافقة حزبها على ترشيحها لخوض انتخابات الرئاسة القادمة عام 2012، والذي تكهن ذات مرة بأن ولايته قد تنفصل عن الاتحاد الأميركي، ولكن "بيري" يجد نفسه الآن راغباً في أن يصبح رئيساً لذلك الاتحاد الذي أراد فكر ذات يوم أو تكهن بإمكانية الانفصال عنه. وهناك أيضا "ميت رومني" المرشح المفضل للحزب "الجمهوري"، والذي شغل في السابق منصب حاكم ولاية ماساشوسيتس والذي حاول إقناع الناخبين بأنه شخص عادي لا يختلف عنهم في شيء. ومن أجل إثبات ذلك قام بهدم قصره الفاخر المطل على المحيط الهادي الذي تبلغ قيمته 12 مليون دولار. ولكن الأمر العجيب الذي يدعو للسخرية المريرة أنه بنى مكانه فيما بعد قصراً آخر أكبر منه أربع مرات تقريباً (قارن ذلك بملايين الأميركيين من سكان ولايته السابقة الذين اضطروا لبيع منازلهم في خضم أزمة الرهن العقاري حتى تعرف إلى أي حد كان الرجل"عادياً" حقاً). ومن المعروف أن كل عرض كوميدي - وهذه هي الطريقة التي يجب على "الديمقراطيين" أن ينظروا بها إلى المنافسة الانتخابية - يحتاج إلى فعل سحري. والشيء المؤكد أن الحزب "الجمهوري" لا يفتقر لذلك. فالقادة "الجمهوريون" في الكونجرس، أقنعوا الأمة الأميركية في العديد من المرات أن فرض الضرائب على الطبقة الغنية أمر ضار بالاقتصاد، وأن أصول الاقتصاد السليمة تدعو لمنح تلك الطبقة إعفاءات ضريبية ضخمة لتشجعيها على الاستثمار، وعلى توفير المزيد من الوظائف للعاطلين، مع القيام بفرض الضرائب على الطبقات الفقيرة في نفس الوقت إذ ليس هناك ضير من ذلك على الاقتصاد!. وإذا كان الأمر كذلك، فما قول هؤلاء "الجمهوريين" في الشركات الضخمة التي تكنز في الوقت الراهن احتياطات مالية ضخمة في خزائنها، وتحجم عن إنفاقها من أجل تعيين موظفين جدد للتخفيف من حدة البطالة التي يعاني منها المجتمع الأميركي. هل ذلك يمثل إجراءً اقتصادياً سليماً؟!. "فالستاف" بالطبع لم يعش في عصر الإنترنت، ولكنه لو فعل، لكان من المؤكد أنه سيقابل بعضاً من تلك التدوينات المختصرة المنشورة على موقع" تويتر"، والتي تكشف عن ضعف "الديمقراطيين". وفي اعتقادي، بناء على كل ما سبق، أن الفائز بانتخابات عام 2012 سيكون هو المرشح القادر على استخراج أكبر كم من الضحكات العالية من أفواه الناخبين التي يسخرون بها من خصمه أو منه هو شخصياً. ولكن هذا المرشح سيكون بحاجة إلى الانتظار حتى يتأكد من أن النكتة لن تنقلب عليه. فـ"فالستاف" في إحدى مسرحيات شكسبير الشهيرة، وبعد أن كان صديقاً لأحد الأمراء الذي كان يقربه لخفة ظله وسرعة بديهته، وجد نفسه في العراء في نهاية المطاف، بعد أن أصبح ذلك الأمير ملكاً، وكان أول ما فعله هو أن قام بطرد صديقه خفيف الدم، سريع البديهة من حاشيته، لأن وضعه كملك لم يعد يسمح بمرافقة شخص مثله. والتر روجرز محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©