السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في حرب «العصابات»... شراكة مكسيكية- كولومبية

24 يناير 2011 20:47
تتولى كولومبيا، التي تمتلك تجربة طويلة في محاربة "كارتيلات" المخدرات والمليشيات الماركسية، تدريب آلاف من أفراد الشرطة والجنود وموظفي المحاكم المكسيكيين من أجل المساعدة على احتواء عصابات المخدرات التي حوَّلت أجزاء من المكسيك إلى ما يشبه مناطق حرب حقيقية. ويقول مسؤولون كولومبيون وأميركيون إن معظم التدريبات تتم في المكسيك. ولكن، في مؤشر على مدى جدية التهديد الذي باتت تطرحه "الكارتيلات" المكسيكية، أخذ عدد متزايد من الجنود وأفراد الشرطة المكسيكيين يسافرون إلى هنا قصد الاستفادة من تدريبات "كوماندوزات" الشرطة الكولومبية التي حنكتها التجربة. وفي هذا الإطار، قال الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس في مقابلة أجريت معه مؤخراً: "إن المكسيك تواجه اليوم ما كنا نواجهه قبل بضع سنوات، ألا وهو ظهور وتغول كارتيلات قوية جدّاً، وبالغة الشراسة"، مضيفاً "إن ما يمكننا أن نقدمه هو التجربة التي لدينا في تفكيك هذه الكارتيلات، وتدريب ضباط الاستخبارات، وتأهيل الشرطة القضائية". والراهن أن دور كولومبيا الجديد يزود إدارة أوباما، التي تمول جزءاً من التدريبات ويربطها تحالف قوي بكولومبيا، بطريقة مناسبة لتحسين أداء قوات الأمن المكسيكية من دون الحاجة إلى وجود كبير للشرطة أو الجيش الأميركيين هناك؛ وذلك نظراً إلى أن إرسال قوات أميركية إلى المكسيك سيكون مثار خلاف سياسي فيها حتى في وقت تلتزم فيه واشنطن بتوفير مئات الملايين من الدولارات للمساعدة على سحق "كارتيلات" المخدرات القوية. وفي هذا الإطار، يقول رودريك آي كامب، وهو خبير في الجيش المكسيكي بكلية "كليرمونت ماكينا كوليدج" بولاية كاليفورنيا: "إن الجيش الأميركي يستطيع القيام، عبر الكولومبيين، بأكثر مما يستطيع إنجازه مباشرة"، مضيفاً "ونظراً لفقدان نصف التراب الوطني المكسيكي لصالح الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وتردد الجيش المكسيكي في التعاون مع نظيره الأميركي، فإنه يمكن القول إن الكولومبيين يمثلون وكيلاً منطقيّاً". ويعكس تولي كولومبيا لهذا الدور رغبتها في إظهار قدرة على المساعدة على حل المشاكل الإقليمية بدلاً من أن يُنظر إليها كدولة مستفيدة من المساعدات الأميركية فقط، وهي المساعدات التي يصل إجماليها إلى 9 مليارات دولار وتتخذ في الغالب شكل معدات عسكرية تعود إلى عهد إدارة كلينتون. والواقع أن كولومبيا ما زالت، مع ذلك، هي المنتج الأول للكوكايين، الذي يمر معظمه عبر المكسيك في الطريق إلى المستهلكين الأميركيين؛ كما أن عصابات المخدرات الكولومبية ما زالت تتحارب على طرق الكوكايين في وقت تقاتل فيه مليشيات قواتِ الأمن في نزاع يدخل اليوم في عامه السابع والأربعين. غير أن الأمور كانت أسوأ بكثير قبل نحو جيل، عندما كانت مدينة "ميدلين" تشهد أعلى معدل لجرائم القتل في العالم. ووقتئذ، كان كارتيل "بابلو إسكوبار" المعروف بعنفه في تلك المدينة الشمالية يقوم بتفجير المراكز التجارية، ويقتل السياسيين البارزين، بل إنه قام بتفجير طائرة ركاب في الجو، قبل مقتله عندما طاردته الشرطة في 1993. وقبل عقد من الزمن، بدا أن قوة أخرى تمثل تهديداً أكبر هي: القوات المسلحة الثورية الكولومبية، أو "فارك"، وهي منظمة كانت تسيطر على قطاعات كبيرة من الأراضي وكانت تهزم القوات العسكرية الرسمية بانتظام. والآن في هذه الأيام انخفض معدل جرائم القتل بشكل ملموس في كولومبيا؛ كما انتزعت الحكومة السيطرة على المناطق التي كانت "فارك" تبسط سيطرتها عليها ذات يوم. وخلال العقد الماضي، تقلص إنتاج كولومبيا من المخدرات بأكثر من النصف من خلال برنامج رش جوي للمبيدات ممول من قبل الولايات المتحدة، كما يقول مسؤولون من الأمم المتحدة. وبات اقتصاد البلاد يعتبر واحداً من أكثر اقتصادات أميركا اللاتينية دينامية. وفي المقابل، تبدو المكسيك اليوم، بالنسبة لبعض المراقبين، شبيهة بكولومبيا السابقة تلك حيث لا يتردد رجال عصابات المخدرات عديمو الرحمة في قطع رؤوس خصومهم بينما يسقط مدنيون أبرياء قتلى في تبادلات إطلاق النار الروتينية. غير أن سفير المكسيك في كولومبيا فلورانسيو سالازار يرى مع ذلك أن نزاع كولومبيا المعقد، وهو نزاع سياسي في الأصل، مختلف جدّاً عن الأزمة الموجودة في بلاده، حيث تقوم عصابات المخدرات بنشاطها سعياً وراء المال فقط من دون مزاعم سياسية. ولكن "القدرة التي تمتلكها القوات المسلحة والشرطة في كولومبيا مفيدة جدّاً أيضاً"، يضيف سالازار: "ونحن نتطلع إلى العمل معاً لإيجاد حلول". وهنا في كولومبيا، تقوم قوة الشرطة الوطنية بجمع الأدلة الجنائية، على غرار أي شرطة في العالم؛ ولكنها فريدة من نوعها أيضاً في الأميركتين من حيث إنها تعمل مثل وحدة مشاة خفيفة تابعة للجيش، حيث تمتلك طائرات هيلوكبتر وذخيرة ثقيلة للقضاء على العصابات المسلحة. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول ويليام براونفيل، السفير الأميركي السابق في كولومبيا الذي يرأس مكتب المخدرات الدولية وشؤون فرض القانون التابع لوزارة الخارجية الأميركية: "إن لديهم تجارب في أشياء ليست لدى الآخرين: تجربة في التعامل مع الاختطافات، وتجربة في المتفجرات، وتجربة في القضاء على منظمات المخدرات القوية". وقد أشرف المدربون الكولومبيون، الذين كانوا مرفوقين بمحققين وممثلين للادعاء العام من الولايات المتحدة وكندا، على إدارة دورات تدريبية على مدى أسابيع في المكسيك حول كيفية جمع الأدلة وسبل تفكيك كارتيلات المخدرات. كما جاء موظفون تابعون للسلطة القضائية المكسيكية، مثل ممثلي الادعاء العام والقضاة، إلى كولومبيا من أجل مناقشة الإصلاحات القانونية التي تستطيع المكسيك تطبيقها لمنح الدولة نفوذاً أكبر في حجز الودائع والممتلكات الملطخة بالمخدرات. وإجمالاً، شارك نحو 7 آلاف مكسيكي في هذه التدريبات التي ساهمت الولايات المتحدة جزئيّاً في تمويلها بمبلغ 800 ألف دولار. خوان فوريرو - كولومبيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©