الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما ضرَّكَ لو قلتَ: نعم؟!

24 فبراير 2008 02:00
رأيت أباً عربياً يصطحب طفله، في إحدى المكتبات، فسعدت كثيرا، ذلك أن مجرد اصطحاب الأبناء إلى مكان كهذا، هو خطوة على الطريق الصحيح، ومؤشر إلى تربية سليمة، يقوم بها الأب بطريقة عملية، فهو يعود ابنه ارتياد الأماكن التي يجد فيها الثقافة والمعرفة والعلم، ويصبح عادة راسخة نافعة تصحبه في بقية مراحل حياته· ثم قال الابن: بابا· فرد عليه الأب بكل عفوية وهدوء: ''يس''! لِمَ ''يس'' أيها العربي؟ إن ابنك يناديك، فلِمَ تجبه بلغة غير لغته ولغتك؟ ما ضرَّكَ لو قلتَ: نعم؟! وإذا كان الأب قد بنى بطريقة صحيحة حينما اصطحب الطفل إلى المكتبة، فإنه يهدم بطريقة خطيرة، حينما يرد عليه بغير لغته دون أي داعٍ إلى استخدام هذه الـ''يس''· وهذا الطفل الذي عرف طريق المكتبة (مكان العلم والمعرفة)، ولكنه لم يعرف الطريق الصحيح إلى تعلم لغته، قد يكون له في يوم من الأيام شأن علمي، ولكن نستطيع أن نتخيله، مثل بعض العلماء المتخصصين في فروع العلوم البحتة، الذين ما إن تسمعهم في وسيلة إعلامية، أو في ندوة، حتى يعتريك الذهول والحزن، فهم علماء بعلومهم، جاهلون بلغتهم، وبكيفية استخدامها، فلا نحو ولا صرف، ولا قواعد تحكم نطقهم للحروف، أو تأليفهم للجمل، ولو أنهم بقدراتهم العقلية الكبيرة أعطوا لغتهم القليل من الوقت الذي يكرسونه للعلوم الحديثة واللغات الأجنبية، لجمعوا بين الحسنيين: التخصص العلمي الرفيع، واللغة الراقية الصحيحة، وكانوا القدوة الحسنة لنا، ولأبنائنا من بعدنا، حينما يختارون من يقلدونه، أو حينما يتأثرون بهم لا شعوريا· وما هذا الأمر بعزيز، فقد كان كثير من علماء المسلمين، في الطبيعة والطب والفلك، والفلسفة، أدباء، يمتلكون ناصية اللغة العربية، يتقنونها، ويبدعون من خلالها آثاراً لا تزال باقية حتى يومنا هذا· ولا بد من القول في هذا المقام إن تعلم لغة أجنبية كالإنجليزية أو غيرها، أمر مهم، يجب القيام به لنستطيع التفاعل مع الحضارة العصرية، والاستفادة من المدنية الحديثة التي لدى الغرب، ولكن هذا يمكن أن يقوم به المتخصصون عن طريق الترجمة، أو يمكن أن يعرف الأفراد لغة أجنبية، على أن تكون ''لغة ثانية'' تأتي بعد لغتهم العربية، التي يجب علينا نحن أن نحافظ على حاضرها، ونعدّ أبناءنا للارتقاء بها في مستقبلها· محمد كمال حمزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©