الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما والأزمة السورية... استراتيجية الخطوتين

أوباما والأزمة السورية... استراتيجية الخطوتين
18 سبتمبر 2013 23:19
لقد قاد أوباما الولايات المتحدة الكارهة للحرب للعب دور متزايد الأهمية في الحرب الأهلية السورية خلال العام الماضي. وبدا هذا الدور بالنسبة لعامة الناس وكأنه يمثل استراتيجية غير منظمة تتألف من خطوتين، إلا أنه قال الأحد الماضي: «لا أهتم كثيراً بكسب النقاط على المظاهر، بل أهتم أكثر بتبنّي السياسة السليمة». وها نحن الآن على مشارف الخطوة الأولى، وهي التخلص من تهديد نظام بشار باستعمال الأسلحة الكيماوية مرة أخرى. إلا أنه وبالتوازي مع هذه الخطوة المعقدة، بدأت المفاوضات حول الخطوة الثانية، والتي تركز على الحل الدبلوماسي لإنهاء الصراع عبر ما يسمى بمؤتمر جنيف-2. ولا شك أن النجاح في الخطوة الثانية سيثبت أنه أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها لأنه يتطلب جمع كافة فصائل المعارضة تحت سقف واحد. واتسمت مبادرات أوباما حول الأزمة السورية بشكل دائم بأن لها أهدافاً طموحة ترمي لعزل نظام الأسد الدموي باستخدام الأدوات الدبلوماسية. واتضح من خلال الأحداث والوقائع أن بلوغ هذا الهدف يتطلب نوعين من الضغط العسكري للولايات المتحدة. ومن أجل تأمين هذه الأهداف العسكرية، كان من المحتم على أوباما أن يتأكد من أن كل الأوامر التي تبناها لا يمكن أن تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر لاشتراك جنود في العمل العسكري على الأرض السورية، وهو الأمر الذي لا يمكنه أن يحظى بقبول ودعم الرأي العام الأميركي. وكان تحريك القوات العسكرية للولايات المتحدة حتى تبلغ مرحلة الاستعداد لتنفيذ ضربة عسكرية على البنى التحتية للأسلحة الكيماوية لنظام الأسد، هو الذي أرغم روسيا وسوريا على الموافقة على الصفقة التي تمت الموافقة عليها. والآن، يمكن للإبقاء على حاملات الطائرات والمدمرات في مكانها الراهن وهي على أهبة الاستعداد لتنفيذ العمليات المخططة، أن يضمن للولايات المتحدة مواصلة الضغط العسكري لدعم المجهود الدبلوماسي. والشيء الذي يبدو أكثر صعوبة من تنفيذ مبادرة نزع الأسلحة الكيماوية، هو تحقيق الأهداف المرسومة لمؤتمر جنيف-2. وكان الهدف الأول من مؤتمر جنيف والذي حددته «مجموعة العمل المشتركة من أجل سوريا» عام 2012 قد ورد في النص التالي: «على كافة الأطراف أن تعلن عن إيقاف العنف المسلح بكافة أشكاله». وفي مثل هذه الحالة لن يكون هناك خطر من قيام الولايات المتحدة بتنفيذ ضربة عسكرية لتقليص القوة العسكرية للأسد عن طريق الهجوم على طائراته أو فرض منطقة حظر طيران. وكان أوباما قد رسم هذه الخطة منذ مدة طويلة. وجاء «وعد أبريل» بتشكيل وتدريب الفصائل المعتدلة من ثوار المعارضة وتسليحها بأسلحة خفيفة تحت إشراف الولايات المتحدة، على خلفية ورود تقارير مؤكدة من أن الأسد نفذ بضع هجمات محدودة بالأسلحة الكيماوية. وجاء في التقرير الذي مرّ عبر وكالة المخابرات المركزية بأن من غير المتوقع أن تؤدي تلك الهجمات إلى تحقيق تأثير كبير على ميزان القوى العسكرية القائمة على الأرض لفترة ستة أشهر مقبلة على أقل تقدير. وعندما جاء هجوم 21 أغسطس الكبير بالأسلحة الكيماوية، قال مسؤولون عسكريون إنه بالإضافة للضربة الجوية فإن إدارة أوباما قررت زيادة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية بشكل كبير وكلفت وزارة الدفاع بتأمينها. ويمكن لهذا الإجراء أن يضمن تحقيق سرعة أكبر في التدريب وتدفق الأسلحة مما لو تكفلت وكالة المخابرات المركزية بالأمر. ولم يتم التأكد حتى الآن مما إذا كانت هذه الخطة قد نفذت أم لا. وفي هذا الوقت، تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها معوّقات كبيرة للتحضير لمؤتمر جنيف-2. وتكمن المشكلة الأولى في القدرة على إقناع كافة فصائل المعارضة السورية بوقف القتال. وقال الجنرال مايكل فلين مدير «وكالة المخابرات العسكرية»: «هناك تحالف يتألف مما يزيد عن 1200 فصيل مسلح ضعيف التدريب يقاتل منذ عام 2011 في سوريا من أجل إسقاط الأسد». والغالبية العظمى من هذه الفصائل معتدلة، فيما توجد على الأرض العديد من الفصائل الإسلامية الراديكالية مثل جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي وصفها «فلين» بأنها «ذات قيادة أفضل، وتنظيم وتسليح أفضل، ومدربة بشكل يفوق بقية الفصائل». ولا شك أن إقناع كل هذه الفصائل بوقف إطلاق النار في وقت واحد يعدّ مشكلة عويصة. وبعد وقف إطلاق النار، تهدف مبادرة جنيف-2 إلى تشكيل حكومة انتقالية تتألف من ممثلين عن نظام الأسد والثوّار. وستتكفل الحكومة الجديدة بمراجعة الدستور والنظام القضائي والخروج بدستور جديد يتم عرضه على الشعب للتصويت عليه. ووفقاً للدستور المُعتمد يتم التحضير لانتخابات متعددة الأحزاب. ومنذ شهر مايو الماضي، حاول وزير الخارجية كيري الاتفاق مع فصائل المعارضة حول تسمية الأشخاص الذين سيمثلونها في مؤتمر جنيف-2. ويعدّ اللواء سليم إدريس قائد المجلس الأعلى للجيش السوري الحرّ من الشخصيات المهمة في هذا الإطار. وكان قد أكد في شهر يونيو الماضي خلال حوار مع صحيفة «واشنطن بوست» أنه يرفض المشاركة في أي اجتماع يعقد في جنيف قبل أن يتسلم الأسلحة التي تضمن له تحقيق المزيد من القوة على الأرض. وقال: «ماذا يمكننا أن نطلب عندما نذهب إلى جنيف ونحن في حالة ضعف؟». ويتألف الجناح السياسي للمعارضة السورية من ممثلين عن عدة فصائل من أهمها «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، الذي يضم ممثلين عن الجيش الحر بقيادة اللواء إدريس، و«المجلس الوطني السوري» وبعض المجالس المحلية الأخرى وجماعة الأخوان المسلمين. وخلال مؤتمر صحفي نظم في باريس الإثنين الماضي، ركز وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على دعوة فصائل المعارضة السورية لحضور اجتماع يعقد في 27 سبتمبر الجاري على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة اجتماع جنيف-2. وقال وزير خارجية فرنسا رولان فابيوس: «نحن نعلم أننا لكي نفاوض على حل سياسي نحتاج لأن نكون في موقف أقوى. ولهذا السبب قررنا تقوية ودعم الائتلاف الوطني السوري». والتر بينكوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©