السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الجنوبية: استعدادات لـ «أسوأ السيناريوهات»

كوريا الجنوبية: استعدادات لـ «أسوأ السيناريوهات»
18 ديسمبر 2010 21:06
تشيكو هارلان سيئول بدأت المعلمة كيم كيانج دجي درس الرياضيات يوم الأربعاء بتوزيع أقنعة على تلاميذها قصد استعمالها خلال عملية محاكاة لضربة جوية من قبل كوريا الشمالية؛ فطلبت "كيم" من كل التلاميذ الثلاثين لف الأقنعة حول آذانهم، ووجهت لهم تعليمات بالتحرك بسرعة (والتزام وضع منخفض قريباً من الأرض) عندما تنطلق صفارة الإنذار. قالت لهم إن القسمين 4 و3 سيخرجان من الطابق الثاني قبلنا؛ ثم نتبعهم؛ فسألها تلميذ: "هل سنحصل على أي مشروبات أو وجبات خفيفة؟"؛ هذا بينما قال آخر: "إذا هاجمت كوريا الشمالية حقاً، فإننا لن نصطف في طابور، وإنما سنجري فقط". لبضع دقائق، تدرب الكوريون الجنوبيون يوم الأربعاء الماضي في كل مكان -في المدن الحدودية والساحلية والمكاتب والمدارس- على سيناريو أسوأ هجوم؛ حيث قامت نحو اثنتا عشرة مقاتلة بالتحليق على ارتفاع منخفض فوق المدينتين الرئيسيتين سيئول وبوسان، ونفذت محاكاة لهجوم في إطار أكبر تدريب للدفاع المدني الكوري منذ 35 عاماً. وعندما انطلقت صفارات الإنذار في الساعة الثانية بعد الظهر، بذلت الشرطة قصارى جهدها لوقف حركة المرور على صعيد البلاد، حيث تم توجيه العمال والمتسوقين والسياح إلى محطات "المترو" في الأنفاق. وبذل كثيرون، ومنهم تلاميذ "كيم"، قصارى جهدهم لفهم والتعايش مع أجواء تهديد تحول مؤخراً فقط من شيء مجرد إلى شيء ملموس. وفي 23 نوفمبر الماضي، كانت "كيم" منهمكة في شرح درس المعادلات لتلاميذها عندما بدأت هواتف بعضهم ترن حاملةً أخباراً حول تعرض بلادهم لهجوم؛ ولكن "كيم" طلبت من تلاميذها التزام الهدوء، وواصلت شرح الدرس. وبعد نصف ساعة، انتهى اليوم في المدرسة، فأسرعت "كيم" إلى قاعة المعلمين في الطابق الأول حيث اطلعت على الأخبار على شبكة الإنترنت: جزيرة يونبيونج الكورية الجنوبية تتعرض لقصف كوري شمالي. وقد أظهرت الصور أعمدة دخان أسود تتصاعد من الجزيرة؛ ووصفت نشرة إخبارية ذلك المساء الهجوم بأنه أول ضربة جوية تستهدف الأراضي الكورية الجنوبية منذ الحرب الكورية. ضربة أسفرت عن مقتل جنديين من البحرية ومدنيين. وفكرت "كيم" حينها في ما يعنيه ذلك بالنسبة لابنها، الجندي المرابط بالقرب من المنطقة منزوعة السلاح. وقد دفع الهجوم الكوريين الجنوبيين إلى إعادة الالتزام بتمرينات الدفاع المدني، التي كانت تجرى ثلاث مرات كل سنة في السابق قبل أن يتم تجاهلها. ففي مدرسة "آهيون" الإعدادية، ما زال بعض المعلمين يتذكرون تدريبات المحاكاة التي كانوا يقومون بها وكانت ترغِم التلاميذ على مغادرة المبنى. واستعداداً ليوم لأربعاء، نفض الإداريون الغبار عن مخططات الطوارئ: هذا هو النظام الذي ينبغي أن تتقيد به الأقسام؛ وفي هذا المكان ينبغي على كل قسم أن يتجمع في محطة "مترو" أنفاق "آهيون"؛ وهذه المدة التي يفترض أن تستغرقها العملية... وهكذا. وقبل الثانية بعد الظهر ببعض دقائق، قدمت "كيم" لقسمها مراجعة سريعة للقواعد؛ ولكنها لم تأتِ على ذكر كوريا الشمالية، وإنما اكتفت بوصف التمرين بأنه طريقة لـ"الاستعداد لأي ظروف يتعين علينا فيها إخلاء المدرسة". وكان خطاب عام قد ذكَّر التلاميذ بأهمية أخذ التمرين على محمل الجد؛ ولكن القاعة التي كانت مليئة بالتلاميذ بدت مشوشة: فهذه تذكرة مجانية للنجاة من درس الرياضيات. وعندما انطلقت الصفارات محذرةً من غارة جوية، تدافع بعض الأولاد من أجل الخروج. ولكن "كيم" وقفت بين التلاميذ والباب -ذلك أن القسمين 3 و4 يفترض أن يغادرا أولاً- ولكن سرعان ما خرج الجميع إلى الأروقة، ثم السلالم، ثم إلى برد 7 تحت الصفر عبر ملعب لكرة القدم، ثم خارج بوابة المدرسة؛ ليجدوا أنفسهم في محطة "مترو" الأنفاق حيث كان المكان يكتظ بنحو 500 تلميذ. غير أن العملية كلها تمت في غضون خمس دقائق. وقد ظل التلاميذ هادئين وصامتين، باستثناء عبارات من قبيل "أنقذنا يا إله" و"يا رب"؛ ووصفت تلميذة من قسم "كيم" تدعى "تشوي جونج مون"، كوريا الشمالية بأنها نصف عدو؛ غير أنه في حال تعرضت سيئول لهجوم حقيقي، تقول "تشوي: "أعتقد أن الجميع سيهلك، لأن أسلحة كوريا الشمالية قوية". وبعد بضع دقائق خرج التلاميذ من الملاجئ تحت الأرض -بقدر أقل من الانسجام والانضباط هذه المرة- وعادوا إلى ساحة المدرسة، فأشار عليهم الإداريون بالتوجه إلى مدرجات ملعب كرة القدم حيث تابعوا، وهم يرتعشون من شدة البرد، برنامجاً سريعاً حول استعدادات الطوارئ: فقد أسرعت سيارة إسعاف إلى محيط الملعب، حيث قام مسعفان بمحاكاة عملية إنقاذ. كما عمد أربعة إطفائيين إلى إضرام النار في صندوق من الورق المقوى وقدموا توجيهات لتلميذين حول كيفية استعمال المطفأة. وأخيراً، تناول مندوب من وزارة التربية والعلوم والتكنولوجيا الميكروفون وخاطب المدرسة الإعدادية قائلا: "إن هجوم كوريا الشمالية على جزيرة يونجبيونج في 23 نوفمبر يعني أن كوريا الشمالية يمكن أن تهاجم كوريا الجنوبية في المستقبل"، مضيفاً "إن استفزازات الشمال أضحت خطيرة للغاية بعد أن بدأت الآن تهاجم المدنيين. وبالتالي، فمن المهم جداً أن نقوم بالاستعدادات اللازمة... وبالتالي، ابذلوا قصارى جهودكم في دراستكم، ولكن انتبهوا في الوقت نفسه للأمن القومي". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©