الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إضراب السائقين... ضغوط اقتصادية في رام الله

12 سبتمبر 2012
قام 24 ألف سائق فلسطيني من سائقي مصلحة النقل العام بإضراب عام شمل مختلف مناطق الضفة الغربية، مختتمين بذلك أسبوعاً من القلاقل العامة، يقول البعض إنها تشكل تهديداً خطيراً للسلطة الفلسطينية، وربما لإسرائيل. وخرج الفلسطينيون إلى الشوارع خلال هذا الأسبوع احتجاجاً على الارتفاع الكبير في الأسعار الذي فاقم الأزمة الاقتصادية التي تختمر منذ فترة طويلة، حيث قفز سعر كرتونة البيض من 12 إلى 20 شيكلاً (3 إلى 5 دولارات)، وبات شراء صندوق الطماطم يكلف 120 شيكلاً (30 دولاراً)، أما سعر البنزين فقد تجاوز مؤخراً حاجز 8 دولارات للجالون. في الوقت الراهن، تواجه السلطة الفلسطينية -وهي ليست بالغريبة على الأزمات الاقتصادية- مأزقاً حاداً للغاية. فهي تعاني من نقص في ميزانيتها يقدر بـ100 مليون دولار شهرياً، ما اضطرها لتأجيل دفع رواتب الموظفين عن شهر أغسطس الماضي، بسبب الهبوط الحاد في المساعدات المقدمة من الدول العربية المانحة. في نفس الوقت يقول السكان المحليون إن الأزمة ترجع لسوء إدارة السلطة الفلسطينية وفساد أعضائها مشيرين في معرض التدليل على صحة اتهاماتهم إلى الفيلات الأنيقة المبنية بالحجر وسيارات المرسيدس الفاخرة التي تكاثر عددها في شوارع رام الله منذ أن تولت السلطة المسؤولية. يقول "محمد القطري" بائع الخضراوات في مخيم العمري للاجئين في رام الله: ما حدث من قبل في تونس ومصر سوف يحدث هناك...أنا لا أريدهم بل وأفضل عليهم الاحتلال الإسرائيلي". على امتداد الشارع الذي يوجد فيه محله، وبعد اجتياز بالوعتين مفتوحتين، يوجد ميدان صغير في وسطه شجرة زيتون معوجة عارية الفروع إلا من عدد قليل من الأوراق. هذه الشجرة تمثل رمزاً صارخاً للتوقعات المستقبلية للسلام الإسرائيلي- الفلسطيني. فآمال هذا السلام لم تمت فحسب، وإنما لم يعد هناك سوى عدد قليل للغاية من أغصان الزيتون، في الوقت الذي تواجه فيه السلطة الفلسطينية التي تم إنشاؤها بعد اتفاقات أوسلو للسلام عام 1993 ظروفاً صعبة من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لشعبها. يقول "رون بنداك" المؤرخ الإسرائيلي ومهندس أوسلو: "اعتقد أن القلاقل تمثل وضعاً في غاية الخطورة، لأنها يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إسقاط السلطة ذاتها، مما سيتطلب من إسرائيل- في مثل هذه الحالة- إعادة احتلال الضفة". جزء كبير من الغضب الشعبي يوجه لرئيس الوزراء سلام فياض المسؤول السابق بصندوق النقد الدولي الذي ينظر إليه من قبل الغرب على أنه رجل جاد في استئصال شأفة الفساد في الضفة، والذي لم يتمكن من تنفيذ أجندته الاقتصادية بسبب المعارضة التي يواجهها من قبل حركة "فتح" التي لا ينتمي إليها، والذي يقول البعض إنها تعمل على تأجيج القلاقل من خلال دفع المال لبعض الفلسطينيين للنزول إلى الشوارع. ولكن "عزام أبو بكر "عضو حركة "فتح" والمدير العام بوزارة التعليم يقول "إن الغضب نابع من الشعب"، وأن هناك أسباباً جدية للتعبير عن الغضب الشعبي منها فشل حكومة فياض في التعامل مع الوضع الاقتصادي المتدهور". البعض الآخر يرجع المشكلة إلى ما يعرف بـ"بروتوكول باريس"، وهو إطار قانوني يرجع لفترة أوسلو يختص بتنظيم التعاملات الاقتصادية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتقوم بمقتضاه إسرائيل بجمع بعض العوائد الضريبية بالنيابة عن السلطة الفلسطينية وإعادة تحويلها للسلطة بعد ذلك. الفلسطينيون الآن يقولون إن هذا البروتوكول قد بات قديماً ويحتاج إلى مراجعة وهو ما يرفضه الإسرائيليون كما جاء على لسان "داني أيلون" نائب وزير الخارجية الإسرائيلي مؤخراً، الذي قال" ليس هناك أي معنى في إعادة النظر في هذا البروتوكول في الوقت الذي لا يوجد فيه أي تقدم في المحور السياسي". ويقول الدكتور "بنداك" إن السبب الحقيقي هو إخفاق الدول العربية المانحة في الوفاء بوعود كانت قد قطعتها على نفسها لتقديم المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، وإن إلقاء اللوم على "بروتوكول باريس"، يماثل في عدم منطقيته إلقاء اللوم على سلام فياض الذي قام باتخاذ خطوات جذرية للغاية وإيجابية لتقليص الفساد وعدم الكفاءة في الأجهزة الفلسطينية. في ذات الوقت الذي تصطرع فيه الدول العربية مع تداعيات "الربيع العربي"، ويتصاعد الإحباط تجاه القيادة الفلسطينية وعملية السلام المجمدة، انخفضت أيضاً المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية إلى ما يقرب من 500 مليون دولار. وهو ربع مبلغ المساعدات التي كانت تحصل عليه السلطة عام 2008 وفقاً لصحيفة لوس أنجلوس تايمز. وجزء من الاستنزاف الذي تتعرض له أموال المساعدات يرجع لحقيقة أن نصف هذه العوائد يذهب لقطاع غزة الذي تديره حكومة "حماس" المقالة علاوة على أن حجم السلطة الفلسطينية ذاتها قد تضخم بحيث بات يضم 180 ألف موظف حكومي و24 وزيراً لعدد من السكان لا يتجاوز 3.5 مليون نسمة في الضفة الغربية. وهناك مشكلة أخرى في رأي الفلسطينيين هي اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على نموذج الاقتصاد القائم على المساعدات من الدول المانحة منذ أن تولت السلطة الحكم في الضفة عقب مفاوضات أوسلو. "هذه ليست هي الطريقة التي يجب أن نبني بها بلادنا" هذا ما تقوله أمل المصري رئيس تحرير مجلة "بلستاين بيزنس فوكس" المهتمة بالشؤون الاقتصادية، والتي تروج لزيادة الاستثمارات في الضفة الغربية". كريستا براينت رام الله - الضفة الغربية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©