السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بطالة الزوج..تخلٍّ عن القوامة وتقويض لاستقرار الأسرة

بطالة الزوج..تخلٍّ عن القوامة وتقويض لاستقرار الأسرة
19 سبتمبر 2013 20:38
تنقلب الأدوار بين الأزواج في عدد من البيوت، نظراً لظرف ما أو بسبب عدم رضى الزوج عن الوظيفة التي تليق بشهاداته ومؤهلاته العلمية أو أن راتبه لا يكفي احتياجاته. وهنا تضطر الزوجة العاملة أن تتحمل مسؤولية البيت كاملة في مقابل أن يجد زوجها وظيفة تليق بمكانته. وأحيانا ترضى الزوجة العاملة بالأمر الواقع متأملة من زوجها أن يشعر بالمجهود الذي تبذله لتوفير حياة كريمة للأسرة، فيما تتذمر زوجات أخريات من عدم عمل الزوج الذي يعتبر العمود الفقري للأسرة، والمطلوب منه أن يكون هو المتكفل ويوفر الحياة الكريمة لزوجته وأبنائه. هناء الحمادي (أبوظبي) - في حين يشعر الكثير من الرجال العاطلين عن العمل، بالضجر لعدم مقدرتهم على المساعدة بسبب المرض أو التعرض لعاهة دائمة، يختار البعض هذا الطريق بملء إرادتهم متحججين بأن الوظيفة والراتب لا يتناسبان مع شهاداتهم وخبراتهم. وهنا تكمن المشكلة في عدد من البيوت الزوجية التي تشتد فيها المشاكل والخلافات وتصل أحيانا إلى المحاكم للبت بها. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يتعامل الأزواج مع هذه المشكلة؟ عرف اجتماعي تؤكد موزة المطروشي (موظفة) أنه من الصعب عليها أن تلتمس العذر لرجل يجلس في البيت ويعيش عالة على مجهود زوجته، حتى ولو أن ظروفا طارئة اضطرته إلى ذلك. فالرجل بنظرها هو المتمثل بصورة الأب، والذي يعمل ويكدح ليوفر لقمة العيش لأسرته، ولا يمكن أن يكون غير ذلك. وتضيف «بغض النظر عما إذا كانت الزوجة تعمل أو لا تعمل فإن الأمور لا تقاس من زاوية من يصرف على البيت. إنها مسألة مبدأ وعرف اجتماعي وركيزة دينية جعلت من الرجل معيلا لأفراد أسرته. وهو بهذا التكليف يكون صاحب الكلمة الأولى في البيت». وتعتبر أنه إذا كانت المرأة قد طالبت بالخروج إلى العمل بالاتفاق مع الزوج قد ارتضت أن تساهم في الأمور المادية للأسرة، فهذا لا يعني أن ينام الرجل في البيت، ويتناسى دوره في ضبط وتسيير شؤون أسرته. في السياق ذاته، تقول المطروشي «ما عدا الحالات الصحية الاستثنائية التي قد تعيق خروج الرجل إلى الوظيفة، فإن الرجل باستطاعته أن يعمل في أي شيء حتى ولو كان العمل بأجر بسيط. والمهم أن يبدي غيرته على مكانته، وأن يفعل كل ما بوسعه لكي تظل شخصيته كما هي قوية وقادرة على الأخذ بزمام الأمور في أشد الأزمات». وتوافقها الرأي صفية راشد المناعي (موظفة) وأم لـ 5 أبناء، وهي تشكو من تملص زوجها عن تحمل المسؤولية والعمل. وتقول «عمل زوجي سابقا مع أحد أصدقائه في شركة خاصة بهما، وكانت الأحوال ميسورة والحمد لله، إلى أن أغلق المكتب بعد خسارة مادية أطاحت بعملهما»، وتتابع أنه في ذلك الوقت كانت تعمل، ولكونها كأي امرأة تحلم بتكوين أسرة، فقد قررت التغاضي عن جلوس الزوج في البيت والتكلف بما تجنيه للقيام بشؤون الأسرة، وتركز أنه على الرغم من التعب الذي تشعر به أحياناً، فهي تحاول التخفيف من آلام زوجها بتركه على راحته من دون الضغط عليه، وهي تعلم تماماً أنه مرتاح لحاله هكذا، ومع أنها تأسف لوضعها غير أنها تفضل البقاء في ظل زوج. انقلاب الموازين لا يختلف حال فاطمة محمد، فقد انقلبت الموازين في بيتها لتصبح هي الرجل والآمر الناهي كما تقول، إذ إن وجود زوجها في حياتها أصبح كعدمه، وتروي أنه ذات يوم أبلغها بأنه قرر ترك العمل الذي أمضى فيه 8 سنوات، وذلك لأسباب غير معلومة، وهو لم يمنح نفسه فرصة الحصول على بديل، قبل تقديم الاستقالة، مع علمه بأنه لا يملك سوى شهادة الثانوية وبعض شهادات الدورات، الأمر الذي قد يصعب عليه فرصة الحصول على الوظائف التي أصبحت نادرة حتى على كثير من الشباب أصحاب الشهادات العليا. وتضيف «إن عدم اهتمامه بأمري وبشؤون الأولاد جعلني أجتهد في البحث عن عمل، وبالفعل عملت موظفة إدارية في إحدى الجمعيات النسائية بالدولة. ونتيجة لاجتهادي في الوظيفة زاد راتبي خلال فترة وجيزة، فتمكنت من إدارة بيتي، ولم أبخل على أولادي بأي شيء»، إلا أن أكثر ما يزعجها هو موقف زوجها السلبي، والذي كلما وجد عملا يرفضه متحججا إما بعدم قدرته على التحمل، أو لأن الراتب لا يوازي ما يبذله من جهد. وهكذا أصبحت حياتهما لا تطاق، وهو لا يفعل سوى التباهي أمام الناس بأنه أفضل حال منهم. من جانبها، تعترف منيرة قاسم (موظفة)، بأن زوجها لا يحب شيئا في حياته بقدر حبه للراحة والنوم والسهر مع الأصدقاء، وأنه يعود إلى البيت صباحا، متسائلة كيف يعمل؟ وتقول «حدثت مشكلة بيني وبينه بعد زواجنا بتسعة أشهر بسبب قلة عمله، وتدخل أهلي في هذه المشكلة. وكان يتحجج بعدم وجود الوظيفة المناسبة وأن الموجود لا يدر دخلا كافيا وأنه ينتظر العرض المناسب». وهي سمحت لنفسها بأن تخرج إلى العمل بعدما شعرت بحاجتها للمال كي تنفق على البيت. وفي حينه وبحسب قولها واجهت معارضة شديدة من أهلها وخصوصا من والدها. ولكنها أصرت على العمل كي تحافظ على بقاء بيتها. وعن مأساتها تشكو منيرة «ليت الأمر يقف عند هذا الحد، فإنه يأخذ مصروفه مني ويقوم بإنفاقه على ملذاته وشهواته، والمال الحلال الذي جاء بالجهد والكد ينفقه زوجي على تفاهاته». وتضيف أنها تركت البيت يوما حتى تعرف كيف سيقوم بالإنفاق، وعندما رجعت بعد شهر فوجئت بالبيت وقد استضاف فيه أصدقاءه ذوي الأخلاق السيئة. رأي الأزواج يتحدث الزوج بدر عبد الله عن حاله وهو جالس بلا عمل نتيجة تعرضه لحادث تسبب له بعاهة وبعدم القدرة على العمل لفترة. ما جعله يرضى بأن يعيش على حساب زوجته، قائلا «من الطبيعي أن يتمنى المرء أن يحيا في استقرار وظيفي وعائلي، إلا أنه أحيانا قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعدما خسرت عملي انتابني شعور بالنقص، وكثيراً ما أتحسر على حالي، خصوصا إذا ما رأيت أصدقائي يتأهبون للتوجه إلى وظائفهم. في حين أنني لا أفعل سوى الجلوس أمام شاشة التلفاز». ويذكر أن الفراغ قد كسره وتدهورت نفسيته لكثرة متطلبات الأولاد، مع معاتبتهم له لتقصيره في اصطحابهم للتنزه. ويؤكد أنه لن ينسى لزوجته موقفها الشجاع معه، فقد ساندته في محنته، وحاولت التخفيف عنه حتى أنها باعت كل ما تملك من ذهب لتنفقه على الاحتياجات الضرورية. ويشير إلى أن الأطباء قد أكدوا له اقتراب نهاية العلاج وأنه بإمكانه العمل مجددا. وهو من شدة الفرح وتفاؤله، قدم أوراقه إلى جهات عمل عدة، وقد فوجئ باتصال من إحدى الشركات تطلب منه الحضور لإجراء مقابلة شخصية، وهكذا رزق بوظيفة جيدة لا تقل عن عمله السابق فاستعاد معها حياة التفاؤل، وعوض زوجته ما فقدته وأكثر. وعلى طريقة إمساك العصا من الوسط يعرب شاهين مبارك، متزوج وأب لـ 3 أطفال عن رأيه بالقول «لا أعتقد أن رجلا يقبل على نفسه أن يأخذ مصروفه من زوجته، وإذا حدث ذلك فإن خللاً ما يوجد في هذه العلاقة، وخصوصاً إذا ارتضت الزوجة هذا الوضع». ويذكر أن خروج الزوج إلى العمل يمثل ركيزة مادية وقيمة معنوية لا يستهان بها بالنسبة إلى الزوجة، وحين يتخلى عن هذا الدور فإن شخصية الزوج ستكون ضعيفة للغاية، ولا يمكن التنبؤ بالنتائج والتوابع السلبية التي قد تنتج من وراء حال كهذه. ويضيف أنه في بعض الحالات النادرة جدا تكون علاقة الزوجين متماسكة إلى حد كبير، ويكون التفاهم بينهما قوياً للغاية، والتقارب الثقافي والتعليمي متساوياً، وهو ما يعطي دلائل بأن لا مشكلة تؤثر في مسيرة الحياة الزوجية، إلا أن هذا ليس صحيحاً، حتى وإن كابر الزوجان أمام الآخرين، لأن العامل النفسي لدى الزوج يكون في أسوأ حالاته. تعديل السلوك تقول الدكتورة غادة الشيخ، استشارية أسرية، إنه درجت العادة بخروج الزوج إلى العمل في الصباح الباكر، وبأن تظل الزوجة في البيت ترعى شؤون الأولاد، وتذكر أنه في ظل الظروف الطارئة قد يصبح الزوج عاطلاً عن العمل، وتضطر الزوجة لأن تتحمل المسؤولية المادية بمفردها، لكن في حال لم يقدر الزوج مجهود زوجته فهو يتسم بالأنانية، لأنه رضي على نفسه بهذا الوضع. ومن المؤكد أنه سيفقد ركناً مهماً من شخصيته بصفته رب أسرة، إضافة إلى نظرة الأبناء له بوصفه أباً راعياً لأبنائه، وعديم المسؤولية تجاه الأعباء المادية، والوضع النفسي لزوجته. وتضيف «من العوامل التي تؤدي أيضاً إلى هروب بعض الأزواج من تحمل المسؤولية، هي الخلل في التنشئة الاجتماعية السيئة، وعدم التربية على تحمل المسؤولية من الطفولة المبكرة والطفولة المتأخرة». وتذكر أنه قد يلعب الأصدقاء دوراً مهماً في تدعيم سلوك عدم تحمل المسؤولية لدى الزوج الذي حتما سيصبح على شاكلة من يرافقهم. وتوضح الشيخ أنه لابد من أن تقوم الزوجة بتعديل هذا السلوك لدى الزوج، عبر إشراكه تدريجيا في تحمل أعباء الأسرة، حيث يكون هناك توزيع للأدوار بينهما، كأن يقوم الزوج بمتابعة الأبناء، وتقوم الزوجة بالأعباء المنزلية، ما يجعل الزوج يشعر بأن عليه مسؤولية لابد من القيام بها للحفاظ على كيان الأسرة،
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©