الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تراجيديا «أسعد الورّاق».. صرخة شعبية تئن على جسد وطن

تراجيديا «أسعد الورّاق».. صرخة شعبية تئن على جسد وطن
14 فبراير 2010 19:44
لعله كان مقدراً أن يهز “أسعد الورّاق” وجدان المشاهد السوري مرتين، الأولى في منتصف سبعينيات القرن الماضي، حين بلغ فيه أداء الفنان الشكسبيري هاني الروماني ذروة من ذرا الأداء التمثيلي المتقن، ومرة أخرى عندما ترجل هاني الروماني من صهوة الفن وهو يؤدي آخر أدواره في النسخة الجديدة من “أسعد الورّاق”، في واحدة من مفارقات الحياة القاسية، تاركاً الكاميرا للفنان تيم حسن في اختبار وتحد كبير لموهبته في تقديم هذه الشخصية، حيث تدور كاميرا المخرجة رشا شربتجي في أحياء دمشق القديمة لتصور واقع المدينة في عشرينيات القرن الماضي خلال الانتداب الفرنسي على سوريا، لتستعيد عملاً رائعاً أنتجه التلفزيون السوري في السبعينيات بعنوان “أسعد الورّاق”، ويعد من كلاسيكيات الدراما التلفزيونية السورية ومن أهم الأعمال التي قدمتها هذه الدراما في بداياتها. قام بكتابة “أسعد الورّاق” بنسخته الجديدة السيناريست هوزان عكو وأشرف عليه درامياً مروان ناصح، وتنتجه شركة “عاج للإنتاج الفني”، وقد اقتضى تحويل السباعية التي أخرجها علاء الدين كوكش في عام 1975 إلى عمل من ثلاثين حلقة بعض الإضافات والتفاصيل الجديدة، مع مراعاة الحفاظ على الحكاية وروحها، بالاعتماد على النص الأصلي المأخوذ عن رواية “الله والفقر” للأديب السوري الراحل صدقي إسماعيل. شخصيات وأدوار يلعب أدوار البطولة الرئيسة في العمل الجديد الفنان تيم حسن بدور أسعد والفنانة أمل عرفة بدور العاشقة الخرساء، أما بطلا العمل بنسخته الأولى الفنان هاني الروماني والفنانة القديرة منى واصف، فيشاركان في المسلسل الجديد كضيوف شرف، وبأدوار مختلفة. وقد صدم الرحيل المفاجئ للفنان الكبير هاني الروماني أسرة العمل، وشكل مفارقة صارخة في حياة هذا الفنان الحافلة، فهو بدأ تألقه في الدراما التلفزيونية بشخصية أسعد الورّاق، وها هو يختم حياته الفنية معه أيضاً. ودون أن يتم مشاهده في العمل، ليضع القضاء والقدر المخرجة رشا شربتجي في اختبار لإيجاد حلول إخراجية مبتكرة، لتدراك مفاجأة رحيل الروماني. رحلة الوعي تتناول حكاية العمل قصة حب تجمع بين صبية متسلطة ورجل فقير مسكين يعتبره أهل الحارة “مجذوباً”، لكنه وفي ذروة غضب يجعل زوجته الصبية السليطة تصاب بالرعب والخرس. وتتكشف الأحداث فيما بعد عن وجه آخر لهذا الإنسان، حيث يتبين أنه ينطوي على بطولة وشهامة كبيرتين، وأنه ينخرط في النضال ضد الاحتلال الفرنسي ويخفي خلف غلالة من الصمت قدراً هائلاً من الغضب والتمرد والثورة على الظلم. أسعد الورّاق كما يقدمه بيان الشركة المنتجة للعمل هو شاب بسيط أمي يتيم الأبوين، تضعه الظروف الاجتماعية والبيئية في مواقف كثيرة تدفع به من قاع المجتمع، ومن قسـوة الأقدار، إلى رحلة شاقة نحو الوعي، وبلورة مفهوم عميق للحياة الحرة الكريمــة، بما يجعلها جديرة بأن تعاش، ويدافع عنها بالغالي والرخيص. وحول هذا المحور الإنساني المتصاعد تدور حكايات اجتماعية وعاطفيـة عديدة، مجدولة بخيوط من اليأس أحياناً ومن الترقب والأمل أحياناً أخرى، مثل حكاية “مراد” التاجر الشعبي الذي طلع على الناس فجأة بجريمة غامضة يرفض الخوض في أسبابها، وحكاية “عدنان بيك” الضابط الذي تقاعد بعد حروب عديدة وعكف على كتابة مذكراته الملأى بالأســرار، وحكاية “أيمن” المتنفذ في وكالة الحبوب، والمتلاعب سـراً بأشياء كثيرة في السوق، وحكاية “خليل السـروجي” الحمّال البسيط الذي يعطف على “أسـعد” ويزوجه ابنته، ثم حكاية كل من “كسام” و”نعيم” اللذين يجـسدان نموذجين متميزين للبطل الشعبي ولمفهوم البطولة بصورة عامة، وكل ذلك في مرحلة تاريخية تمتد بين العشرينات والثلاثينات من القرن العشـرين، تلك الفترة التي كانت فيها سوريا ومقدراتها خاضعة للانتداب الفرنسي، وكان التململ الشعبي قد بدأ لاسترداد حرية الأرض والشعب والمصير. تحدٍ كبير مازالت الذاكرة الشعبية تحفظ المشهد الأخير من هذا العمل المتميز، حين يصل نبأ استشهاد “أسعد الورّاق” في مواجهة مع جنود الاحتلال، فتصرخ حبيبته الخرساء باسمه في مشهد يهز الوجدان. وينتظر كثيرون ممن عاشوا أمجاد هذا المسلسل في سبعينات القرن الماضي، نتائج جهود فريق العمل الجديد، وكيف ستعيد أمل عرفة تقديم هذا المشهد بعد خمسة وثلاثين عاماً. رغم ما شهدته الدراما السورية خلال العقدين الأخيرين من تطور وانتشار، فإن سباعية “أسعد الورّاق” عندما كان التلفزيون بالأبيض والأسود، ظلت عملاً استثنائياً في تاريخها، فهي لم تمثل بداية نهوض وتبلور هوية الدراما التلفزيونية في سوريا فحسب، بل كانت هذه التحفة الفنية مثالاً وطموحاً لكثير من المخرجين لتجاوزها، ولعل إعادة إنتاج هذه السباعية في مسلسل من ثلاثين حلقة يضع المخرجة رشا شربتجي والكاتب هوزان عكو وأبطال العمل أمام تحد كبير، لتقديم مسلسل يضاهي أو يوازي ما قدمه الكاتب عبد العزيز هلال والمخرج علاء الدين كوكش والبطلان هاني الروماني ومنى واصف في السبعينيات. فهل سيحقق “أسعد الورّاق” بنسخته الجديدة ما حققه في نسخته الأولى من صدى كبير استمر لسنوات طويلة؟ هذا ما سيجيب عنه العمل بعد عرضه على الشاشات في رمضان المقبل. يشارك في العمل الجديد نخبة من الممثلين السوريين منهم: أسعد فضة، حسن عويتي، فراس إبراهيم، ضحى الدبس، مها المصري، محمد حداقي، ناهد حلبي، مكسيم خليل، أمانة والي، حسن دكاك، أيمن رضا، ديمة بياعة، إياد أبو الشامات، كندا حنا، فاتن شاهين، محمد قنوع، نوار بلبل، ورامز الأسود، وغيرهم.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©