الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

2006 عام تحريك الركود الاقتصادي في إيطاليا

23 ديسمبر 2006 01:31
روما - د ب أ: بدأ عام 2006 في إيطاليا بافتتاح ناجح للأولمبياد الشتوي وانتهى بتذمر جماعي بشأن زيادة الضرائب، وفيما بين هذا وذاك جاءت حكومة جديدة وفازت البلاد بكأس العالم لكرة القدم وشهدت بضع فضائح· وربما لا توجد دولة أخرى في العالم تجسد العبارة القائلة إنه ''كلما تغيرت الأشياء·· بقيت كما هي''· ورغم ذلك كله اتسم العام الذي يلملم أوراقه للرحيل بعد أيام في جوانب عديدة منه بالحيوية بالنسبة لإيطاليا· ففي أبريل أنهى الايطاليون خمس سنوات مثيرة للجدل من حكم سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء السابق واستبدلوا به رومانو برودي أستاذ الاقتصاد الأقل استفزازا والذي تعهد بإصلاح الميزانية العامة للدولة للبلاد العامة وإقالتها من عثرتها الاقتصادية· وبعد ذلك بثلاثة أشهر دعم مارشيلو ليبي صورة بلاده بقيادة الفريق الازوري لفوز تاريخي رابع بكأس العالم لكرة القدم في برلين (ألمانيا 2006)· وفي الوقت نفسه عاودت فيات الايطالية لصناعة السيارات والتي تتخذ من تورينو مقرا لها تحقيق أرباح بعد أعوام من الخسائر كما اعتقل أخيرا في صقلية زعيم عصابات المافيا بيرناردو بروفينزانو أكثر الشخصيات المطلوبة أمنيا في البلاد بعد أكثر من 40 عاما من المطاردة· بيد أن إيطاليا دولة بيزنطية محافظة للغاية وتتسم بالتناقض مما يعني أن أي تقييم سيؤدي حتما إلى حكم متفاوت· ويصوغ فرانكو فيراروتي وهو عالم اجتماع في جامعة سابينزا في روما الأمر، بقوله: بصفة عامة، كان عاما إيجابيا بشكل طفيف بالنسبة لايطاليا، وعندما تقول ذلك، ويجب أن تتذكر أن الايطاليين شعب عتيق يجد صعوبة في إذابة التناقضات التي يتسم بها، ويؤثر التاريخ عليهم بشدة وهم دائما يخشون أن يفقدوا ما لديهم، والتغيرات التي شهدناها هذا العام كانت سطحية إلى حد كبير، فمازالت إيطاليا تواجه العديد من مشاكلها القديمة''· وعلى الصعيد الاقتصادي بدأ رابع أكبر اقتصاد في أوروبا مسيرة النمو مجددا بعد أعوام اقترب فيها من الركود، ومن المتوقع أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 1,7 بالمئة خلال 2006 مقارنة بـ 0,1 عام ،2005 ولكن كما يشير تيتو بويري خبير الاقتصاد في جامعة بوكوني في ميلانو أن ''مشاكل إيطاليا طويلة المدى، ومازال معدل النمو الاقتصادي لديها أقل كثيرا من متوسط معدل نمو اقتصاديات الاتحاد الاوروبي ''· ويحاول برودي خفض نسبة العجز المتضخم في الميزانية عن طريق مكافحة التهرب الضريبي وزيادة الضرائب، وهي خطوة دفعت مئات الالاف من الطبقة المتوسطة للنزول إلى الشوارع في احتجاجات خلال شهر نوفمبر الماضي، بيد أنه يتعين عليه أن يتعامل مع مشاكل الاقتصاد الكامنة بحسب ما يقول الاقتصاديون· وقال بويري ''كان هناك تحسن طفيف ولكني لا أرى تحولا، ومازلنا ننتظر نوعا من الاصلاحات الهيكلية البلاد في حاجة ماسة إليها، وأتحدث عن المعاشات الحكومية وسوق العمل والبنية التحتية والطاقة''· وشعب إيطاليا من أعرق شعوب الارض وهو يخصص حاليا ثلثي إنفاق الرفاه الاجتماعي للمعاشات، وتضرر رجال الصناعة فيها بشدة جراء المنافسة الشرسة والمتزايدة من منتجات الدول الآسيوية، وفي الوقت نفسه ليس من السهل عليهم التوسع في التصدير الى الاسواق الخارجية·· والسبب في ذلك ارتفاع تكلفة العمالة ومصادر الطاقة في إيطاليا الذي يعد من بين الاكثر ارتفاعا في القارة، وهو الأمر الذي يخفض من القدرة التنافسية لمنتجاتهم· وقال بويري ''بيد أن الجانب الايجابي في هذا الشأن هو أنه فيما ينخفض حجم التجارة، لا ينسحب مثل هذا الانخفاض على قيمتها، وهو ما يعني أن المنتجين الايطاليين يسعون وراء الجودة أكثر من مجرد بيع منتجاتهم''· وأشار بويري وفيراروتي إلى هشاشة تحالف يسار الوسط الحاكم الذي يقوده برودي والذي يشمل من الشيوعيين المتشددين إلى الديمقراطيين المسيحيين الجدد باعتباره عقبة كبرى أمام مسيرة الاصلاح· ويوجه الوزراء رسائل متناقضة في محاولة لجلب السعادة لناخبيهم فيما تعني الاغلبية المحدودة للغاية التي تتمتع بها الحكومة في مجلس الشيوخ أن الحكومة تواجه دائما خطر الانهيار، وليس هناك أدنى شك في أن فوز إيطاليا بكأس العالم (المانيا 2006) كان له أثر إيجابي على صورة البلاد، فقد تخاطف الصغار والكبار في مختلف أنحاء العالم القمصان التي تحمل أرقام لاعبين مثل فابيو كانافارو ولوكا توني فيما كان النصر الذي تحقق في برلين واحدا من الأسباب الرئيسية لتقدم إيطاليا إلى المركز الثالث بعد بريطانيا وألمانيا في تصنيف أنهولت لمستويات الدول (ناشين براندز اندكس) والذي يوضح كيف صورة كل دولة من دول العالم في نظر الدول الأخرى أو ''كيف يرى العالم العالم''· بيد أن الشعور بالنشاط الناجم عن الفوز بلقب كأس العالم أفسدته بسرعة أكبر فضيحة في تاريخ الكرة الايطالية حيث هبط حامل اللقب يوفنتوس إلى الدرجة الثانية كما بدأت أندية كبرى الموسم وهي تخضع بالفعل لعقوبات قاسية تتمثل في خصم نقاط مقدما وذلك على خلفية التلاعب في نتائج المباريات· في الوقت نفسه وعلى صعيد الصراع الذي لا ينتهي بين إيطاليا وعصابات المافيا والجريمة المنظمة يمثل اعتقال بروفينزانو في 11 أبريل نقطة فارقة بالتأكيد، ولكن عصابة كوزا نوسترا مازالت تزدهر ومازالت تواصل عمليات القتل في نابولي· وقال فيراروتي إن المشكلة مع إيطاليا هي أنها تبدو غير قادرة على العثور على طبقة حاكمة جريئة بصورة كافية لتساعدها في أن تحقق القفزة الجماعية التي تحتاجها لكي تقف على قدم المساواة مع الديمقراطيات الأخرى في أوروبا·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©